تشكل ليبيا منطقة جذب للهجرة غير الشرعية ما يجعلها إحدى أكثر الدول التي تتحمل العبء الأكبر لهذه الظاهرة البشرية والإنسانية التي تفاقمت خلال السنوات الماضية بشكل كبير وأصبحت عامل ضغط على المشهدين الأمني والاقتصادي على حد سواء وناقوس خطر يدق على الأبواب الليبية. وأقر رئيس الوزراء الليبي على زيدان بأنه يصعب على السلطات أحيانا السيطرة على نشاط الهجرة غير الشرعية، بالرغم من مدى إحكام السيطرة على النقاط الحدودية. وأوضح زيدان في تصريحات له، أن حكومته طالبت الاتحاد الأوربي بتقديم مساعدات بينها توفير "التدريب والمعدات والمساعدة في أن يسمحوا لنا بالوصول إلى نظام الأقمار الصناعية الأوربية لمساعدتنا في تعزيز مراقبتنا لشواطئنا، وحدودنا البرية الجنوبية وداخل البلاد أيضا، وإذا حصلنا على ذلك، فإنها قد تكون مساعدة ثمينة للمراقبة". وخلال الأشهر الأخيرة، بدأ الاتحاد الأوربي تقديم المساعدة للسلطات الليبية من خلال "إستراتيجية متكاملة لإدارة الحدود". لكن من غير الواضح إلى أي مدى نفذت هذه الإجراءات أو ما إذا كانت حققت نتائج بالفعل. وفي السياق ذاته أعلنت الأممالمتحدة أن نحو 30 ألف مهاجر إفريقي غير شرعي هاجروا إلى ليبيا عبر شمال النيجر بين مارس وأغسطس 2013، أي خمسة آلاف في الشهر، بعدما تحولت ليبيا إلى قاعدة هجرة مهمة إلى أوربا. وجاء في حصيلة إنسانية لمكتب تنسيق الشئون الإنسانية في الأممالمتحدة في نيامي إن المهاجرين هم عموما مواطنون من دول غرب أفريقية بينهم العديد من النيجريين الذين يدخلون ليبيا بفضل شبكات منظمة جدا مقرها في اغاديز، كبرى مدن شمال النيجر الصحراوي، وتقدر سلطات منطقة اغاديز حتى الآن بأربعة آلاف عدد المهاجرين السريين من غرب أفريقيا الذي يدخلون ليبيا كل شهر عبر أغاديز، ويسعى عدد منهم للوصول إلى أوربا كوجهة نهائية، لأن ليبيا أصبحت أول منفذ دخول إلى القارة الأوربية. وأضافت الحصيلة أنه يتم طرد ما معدله 60 ألف مهاجر غير شرعي، غالبيتهم من الرجال وبينهم قاصرون (بين 12 و17 عاما)، سنويا من ليبيا، كما أشار المكتب نقلا عن مصادر أمنية في أغاديز. وغالبا ما يطرد المهاجرون بعد فترة إقامة طويلة في السجن، وهم يصلون عموما إلى اغاديز على متن شاحنات تستأجرها السلطات الليبية. وتوجد في ليبيا العديد من مراكز إيواء المهاجرين غير الشرعيين إلا أن نزلاء هذه المراكز يعيشون ظروفا حياتية صعبة في كافة النواحي بسبب عدم خبرة القائمين عليها في التعامل مع هذه الظاهرة والأوضاع الخاصة التي تمر بها الحكومة الليبية. وتقول عضو البرلمان الأوربي، آنا غوميز، إن الجهود الأوربية التي استهلكت ما يزيد على 42 مليون دولار، في مواجهة الهجرة غير الشرعية لم تستطع كبح استغلال ليبيا كنقطة عبور وانطلاق لمراكب المهاجرين في البحر المتوسط، باتجاه الشواطئ الأوربية. كما حملت غوميز الحكومتين البريطانية والفرنسية مسئولية "الفشل" في الايفاء بالتزاماتهما تجاه ليبيا، ومساعدتها في بناء مؤسساتها الأمنية بعد سقوط نظام معمر القذافي، وانصباب اهتمامهما على الصفقات التجارية والاقتصادية. ويرى المختصون أن الحل الأقرب للواقع لهذه المأساة الإنسانية يكمن في بلورة إرادة سياسية جدية لدى كافة الدول المعنية في الجنوب والشمال يفضي إلى تعاون ثنائي وإقليمي فعلي لإقامة مشاريع تنموية في دول المصدر لتثبيت المهاجرين غير الشرعيين في أوطانهم. وفي غياب مثل هذه السياسة ستستمر قوافل المهاجرين غير الشرعيين في تحدي الموت عطشا في الصحراء أو غرقا في البحر في سبيل بلوغ دول أوربا.