يوم جديد على قريتنا الصغيرة.. الشمس نثرت نورها على الأرض.. وتيار من الهواء العليل يتخلل زروع الحقل.. أعتقد أن هذا هو الجو المثالي للابتعاد عن كل الهموم والمنغصات.. أغلقت عيني واقتربت بحذر نحو صفاء الذهن.. فمن الصعب على أمثالي ترك دماغهم بدون تفكير.. لم يقطع تأملاتي وصفاء ذهني سوي صوت ابن عمي المزارع البسيط يغمزني أن أستيقظ. ماذا تريد؟ قوللي يا بن عمي أنت شوفت الفيلم المشهور "فيس أووف" بتاع نقل الوشوش. شوفته يا سيدي.. ماله؟ تفتكر بعد زراعة القلب والكبد ودلوقتي بيتكلموا عن زراعة الوشوش ممكن يبقى عندنا زراعة مخ؟! صراحة.. أثارتني فكرة ابن عمي، علاوة على الجو الذي يساعد على تقمص دور الفيلسوف بشكل مثالي.. فتحت عيني.. وأعتدلت في جلستي.. وأخذت أكلمه بأسلوب المفكرين العظماء: أعتقد مينفعش يكون في عملية زي كده.. تخيل لو حصل عملية نقل مخ أكيد حيتنقل مع المخ أفكار صاحب المخ الأصلي ومعتقداته.. وطبعا الأمخاخ اللي حتكون في مستشفي زراعة الأمخاخ مش حيكون في تمييز بين مخ الحرامي ومخ شيخ الجامع أو مخ الراقصة أم ترتر ومخ الأستاذة نشوى مدرسة الكيميا؟! وتخيل معي عندما يتم إستبدال مخ أحد السفراء بمخ الواد عصفور اللي بيوزع حشيش عند الخرابة.. طبعا بعد العملية حيتغير سلوك جناب السفير تماما، وستفاجأ به يفتح المطواة في الاجتماعات الدبلوماسية ويزعق في الحضور: جرا أيه ياد أنت وهو؟.. وستفاجأ زوجة جناب السفير بالسلوك الجديد لجنابه عندما يعلم على وشها عشان مش عارفة ترصله حجرين وتدعك عليهم شريط البرشام!.. تخيل الأدهي من ذلك عندما يتم استبدال مخ الأبلة عطيات بتاعت الدراسات بمخ أم ترتر الرقاصة، وأثناء مرور وزير التربية والتعليم على المدارس يفاجأ بها في أحد الفصول وهي تصفق وترقص وتغني: يا أم المطاهر رشي الملح سبع مرات.. تسع مرات!! وتخيل لو تم استبدال مخ خيرت الشاطر بمخ اللمبي، وتلاقيه بيقول للمرشد: أؤمر يا عم الأمور.. أو تم استبدال مخ حمدين صباحي بمخ خميس فجلة ويبقى الشعار: (فجلة واحد مننا). سكت ابن عمي قليلا وسرح بخياله ثم قال لي: طيب قوللي يا بن عمي.. لما الرئيس يبقي سايب الدنيا تقلب تعدل.. وهو في وادي والشعب في وادي.. وليه تصرفات غريبة كده.. ويطلع رئيس الوزرا يقولك مثلا: قريبا حنقفل المحلات الساعة 10 بالليل، وهو عارف إن دا مش في مصلحة حد غير بتوع الغرز اللي طاروا من الفرح بالقرار.. يبقى حذر فزر المخ اللي فيهم ده بتاعهم ولا مخ إيه ولا مخ مين؟..