"الإرهاب" كلمة تتردد على الآذان فى الآونة الأخيرة بعد طوفان المواجهات بين "الحق" و"الباطل"، فالإرهاب ظاهرة عالمية، وهو لا دين له ولا وطن، تماما كمثلث برمودا يبتلع كل من يقترب منه، أيا ما كانت عقيدته أو مذهبه الفكرى. مرادفات كثيرة لكلمة "إرهابى"، منها: "متوحش، غير متحضر، قرصان"، وهى كلمات استخدمها الغربيون عند اجتياحهم أمريكا وآسيا وأفريقيا، وهم يزعمون القيام بمهمة انتدبهم الرب إليها، وهى "تحضير" المتوحشين، ولو عن طريق قتلهم، والنسخة المماثلة اليوم لمهمة "التحضير" هى حكاية "نشر الديمقراطية"، ولو عن طريق قتل الشعوب أيضا، لقد استعملوا كلمة لص وقرصان لوصف كل من حارب سيطرتهم البحرية فى الخليج العربى فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أما اليوم فقد حلت كلمة "إرهابى" لديهم مكان كل الكلمات السابقة، فكل من يحارب هيمنة الغرب هو إرهابى أو ديكتاتور! أساليب الشخصية الإرهابية تتضح فى القتل والحرق والتفجير والدماء وحرق المنشآت والتعدى على مواطنين أبرياء لا ذنب لهم، لا يبالى الإرهابيون بما يبثونه بين الآمنين من رعب، ولا بما يخلفه إرهابهم من قتل الأبرياء دون تمييز بين طفل أو رجل أو امرأة، أو بين شاب أو كهل، أو مسالم أو غير مسالم، فالجميع فى نظرهم سواسية أعداء لهم، والإرهابى شخصية تتحدى الجميع. دكتور جمال فرويز -استشارى الطب النفسي- يؤكد أن شخصية الإرهابى تتأثر بعدة عوامل، منها ما هو وراثى وما يعود إلى عوامل التربية والأسرة، ومنها ما ينمى من خلال الخبرات الحياتية. والإرهابى دائما تبدأ شخصيته الإرهابية فى التكوين من سن مبكرة تبدأ من 15 سنة، برفض الواقع والتمرد عليه، كما ينتمى هذا الشخص إلى أسر متوسطة أو أقل من متوسطة الحال، يقوم فى بداية حياته بعملية تعويضية فى المجتمع يبحث من خلالها عن أسلوب يعوض حرمانه من مباهج ومتع الحياة، فيلجأ أحيانا إلى طريق الدين وتفسيره طبقا لهواه وهوى من يفسرونه له، وتزداد فى هذه الفترة كراهيته للمجتمع، نظرا لأنه لم ينتهج الدين رغبة فى التقرب إلى الله ولكن كرها فى المجتمع، وهذا شق من الإرهابيين، أما الشق الآخر منهم فيبحث عن المال والشهرة والمتاع، كالزواج أكثر من مرة، وإن فشل فى الحصول على المال فهو يلجأ إلى العنف والدم. والإرهابى شخصية سيكوباتية عاجزة، يلجأ إلى العنف والسرقة والاغتصاب والقتل والتدمير، ويبدأ من نقطة الغضب بالألفاظ التى يسعى فيها إلى تكفير كل من أمامه طبقا لهواه، ثم يتحول إلى غضب حركى باستخدام السلاح والعبوات الناسفة، كما أن الإرهابى شخص ضعيف ويسيطر عليه الفشل والانهزامية، ولا يجيد التفكير بعقله، بل ينتظر من حوله حتى يفكرون له ويعطونه الأوامر لأنه لا يجيد اتخاذ القرار بمفرده، كما أنه شخص مضلل. وهو يجيد أسلوب "التحوير" الذى غالبا ما يستخدمه فى كل المواقف، ليبرر لنفسه ممارسة العنف بلا شفقة أو رحمة، كما أن معاملة الإرهابى لأهله وأقاربه أشد من معاملته مع الآخرين، لأنه عنيف مع أهل بيته وكاره للمنزل ومن فيه، نظرا لوجود فكرة تسيطر عليه، محتواها أنه لن يأخذ حقه الكامل فى السيطرة على أهل بيته لوجود عائق ما، كمخالفة والده لفكره المتطرف مثلا، وأكد "فرويز" أن الموت هو الفيصل النهائى لحياة الإرهابى لأنه قرر اختيار طريق الموت ولا يستطيع أحد إعادته منه. دكتور يسرى عبد المحسن -الخبير النفسي- يرى أن الإرهابى عدوانى ومضاد للمجتمع، كما يفتقد الحس الإنسانى، ولا توجد لديه معنى لكلمة "يقظة الضمير"، ويبحث دائما عن تدمير الآخرين، ويتلذذ ويشعر بنشوة غير عادية عندما يشاهد معاناة الآخرين، كما يستمتع بمشاهدة مناظر الدم والألم والمعاناة، نظرا لسيطرة النزعة الشريرة عليه. وهو متبلد المشاعر وفاقد للحس حتى مع أهله، وأن ما دفعه إلى هذا الطريق هو جزء غريزى بداخله يعود إلى النشأة، ومرتبط بالظروف الحياتية. ورأى "عبد المحسن" أنه يمكن القضاء على غريزة الإرهاب بداخله من خلال تأهيلهم منذ الصغر عبر المصحات النفسية والجمعيات الأهلية، بالإضافة إلى الثقافة المدنية فى التعامل مع الآخرين، أما إذا تأخر عمر الإرهاب لدى الشخص أصبح من المستحيل علاجه، وليس أمامنا سوى الرد عليه بنفس الفعل. الدكتورة سامية خضر -أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس- ترى أن الشخصية الإرهابية يصعب دمجها فى المجتمع، خصوصا بعد إدمانها طعم ورائحة الدم، والإرهابى جبان لا يستطيع مواجهة الآخرين، ورؤيته تختلف عن رؤية الإنسان الطبيعى نحو المقدرات الثمينة، ودائما يسعى إلى حرق وتدمير التراث، ومحاولة القضاء على كل ما يعارض وجهة نظره السطحية كالكنائس، وهو ما شاهدناه فى الآونة الأخيرة، لذا فالشخص الإرهابى بربرى فاقد للدين. والإرهابى تسيطر عليه حالة من الكره الشديد للمجتمع ولأفراده، تجعله يتصرف كالمجنون تماما. وهؤلاء لا بد من القضاء عليهم حتى لا ينتقل تأثيرهم إلى الآخرين.