بالضبط عزيزي القارئ، إني أتحدث اليوم عن السؤال الشهير "لما القرد يموت، القرداتي هايشتغل إيه"، والذي طرحه على الرأي العام المحلي والعالمي رئيس الجمهورية السابق أو المخلوع أو المقلوب (أيهم تُفَضِل)، ولما كان لهذا السؤال من الأهمية والحساسية نظرًا لطرحه من قِبَل أول رئيس جمهورية بعد ثورة يناير، فقد عكف المفكرون وعلماء السياسة وأجهزة المخابرات العالمية على دراسة مغزى السؤال وفحوى الإجابة. وبالطبع ذهبت أجهزة المخابرات للفرضية الأمنية وهي أن لفظ "قرد" أو "قرداتي" ما هو إلا محاكاة للفظ "دليسيبس" والذي استخدمه من قبل الزعيم جمال عبدالناصر في خطابه لإعطاء إشارة البدء في تأميم قناة السويس، وذهب بعضهم أن مقولة "لما القرد يموت" ماهي إلا "سيم" مُتَفَق عليه للبدء في اغتيال شخصية ما. وذهب الساسة إلى أنه يشير للمرحلة الانتقالية معبرًا عنها في الفترة التي تلي موت القرد حتى شراء قرد جديد للقرداتي، أما المفكرون فقد ذهبوا إلى مايقصده من التأثير النفسي والجسماني على القرداتي نتيجة موت القرد (رفيق الدرب) وانعكاس ذلك على قدرته على العمل. وأجاب بعض البسطاء من العامة ممن ليس لهم دراية بدهاليز السياسة ولا بعالم الفكر والرمزية بأن القرداتي من الممكن أن "يشتغل" في فرن أو سايس في جراج أو عامل باليومية، ومرت الأيام والشهور ومازال مغزى السؤال قيد البحث والتحليل وما زالت الإجابات تتوالى بدون حسم و"قطع فَرَط"، ونظرًا لما تعلمه عني عزيزي القارئ من ميل فطري للفلسفة وعمق التفكير أو (الهرتله على رأيك). فقد طاب لي أن أُعيد صياغة السؤال ليكون "لو القرداتي مات أو اتمسك القرد ها يعمل إيه"، بطبيعة الحال لن يستطيع القرد مواصلة عمله بتقليد نوم العازب وعجين الفلاحة بمفرده لاستمالة الجماهير وكسب تعاطفهم وإعجابهم ومن ثَمّ الانتفاع منهم بمفرده دون قرداتي يتبع تعليماته وأوامره، كما أنه ليس بقدرة القرد البحث عن قرداتي آخر يكون متوافقًا معه ليكمل مواصلة العمل لأنه ببساطة بصرف النظر عن كونه قردًا فإنه لم يتعود على التفكير والتمحيص ولم يحظ بنعمة الاختيار. فكل حياته كانت على وتيرة واحدة وهي التدريب ثم تلقي الأوامر من القرداتي وتنفيذها، إذًا من المنطقي لن يتبقى للقرد سوى الحزن على صاحبه وقائده والذي سيتحول بعد قليل نتيجة الحيرة والعجز إلى "تنطيط" عشوائي بعصبية يصاحبه عنف وتحطيم وتكسير لما حوله من الأشياء بدون مبرر مفهوم سوى التنفيث عن الغضب والعجز والحيرة. وهنا يأتي دورك أنت يا عزيزي القارئ، إذ إني أتخيلك في غرفة واحدة مع هذا القرد الهائج العصبي المتعصب والذي ليس له ذنب فيما آلت إليه الأمور، هل تضربه، هل تطرده، هل تقتله، هل تحنو عليه وتحاول تهدئته، هل تبحث له عن قرداتي تثق فيه وتأمنه على القرد، أعتقد أن سؤالي لا يحتاج إجابة من الأجهزة الأمنية والمخابراتية ولا من الساسة أو المفكرون، أعتقد أن الإجابة بيدك أنت عزيزي القارئ ولا أحد سواك.