بعد حصوله على الدكتوراة فى الفلسفة من باكستان.. طرح الدكتور مرسى سؤالا فلسفيا عميقا، السؤال العميق كان (لو مات القرد.. القرداتى يشتغل إيه). ومن يوم ما طرح الدكتور مرسى السؤال وكل واحد طرح إجابة مختلفة عن السؤال، وبالطبع البعض تعامل مع السؤال بوصفه أحد التعبيرات اللطيفة ضمن سلسلة من مسلسل خروج الدكتور مرسى عن الخطابات المكتوبة له، ولكن السؤال بدا لى على الأقل مهما وله جوانب عديدة ومتنوعة ومفزعة للإجابة عليه.. مثلا لو كنت من المدافعين عن حقوق الحيوانات فسوف تسأل مرسى من قتل القرد؟ وهل تلقى عناية طيبة وعلاجاً مناسباً حتى ننقذ القرد من الموت؟ وهذه الاسئلة بالطبع ستبدو أكثر استفزازاً، لأن اطفال وضحايا قطار أسيوط لم يجدوا عناية فى مستشفيات وحكومة الدكتور مرسى، ولذلك لم يحزن المصريون لأن «قرد مات».
ولكن.. لو كنت عاطلاً عن العمل فى عهد الدكتور مرسى.. فإن موت القرد هيضيف القرداتى المسكين إلى 13 مليون شاب ومواطن عاطلين عن العمل، وأن القرداتى سيكون ضمن ال2% زيادة فى نسبة البطالة فى مصر فى عهد الدكتور مرسى، وهذا الرقم مرشح للزيادة.. لأن الاستثمارات الأجنبية فى أول أشهر للدكتور مرسى (صفر)، ولذلك.. فان زيادة نسبة العاطلين مرشحة للزيادة شهراً تلو الآخر من عهد الدكتور مرسى.
وبالطبع لا أتمنى للقرداتى أن يلقى مصير الشاب المصرى العاطل من بنى سويف، وهذا الشاب انتحر حرقا فى أول عهد الدكتور مرسى، فقد هانت حياته عليه.. لأنه كان عاطلا ولم ير بصيص أمل فى الحصول على وظيفة أو بالأحرى حياة، ولكن لو أصر القرداتى على الانتحار بعد انضمامه لطابور العاطلين لاقدر الله. فأتمنى أن يشعر الدكتور مرسى بمسئوليته السياسية عن وفاة القرداتى التعيس، فما زلت أتذكر بأسى وحزن أن الدكتور مرسى لم يغضب لانتحار الشاب.. وغضب لما تصوره من تطاول البعض على مقام رئاسته.
ولكن الموت ليس المصير الوحيد للقرداتى بعد وفاة القرد، ففى النهاية القرداتى مواطن يمكن بالإرادة أن يغير مصيره وحياته.. يمكنه أن يحصل على مستقبل أفضل كثيرا سواء بالجهود الشخصية أو الصدفة التاريخية، وشخصيا أعلم حالات عديدة بدأت حياتها من مستوى القرداتى، ولكن ربنا كرمها وفتح عليها وأصبحت فى مراكز مرموقة، فالتاريخ قادر أن يقلب حياة البشر رأسا على عقب، وهناك مثل شعبى آخر يقول (قيراط حظ ولا فدان شطارة).
قد لايعرف الكثيرون وخاصة من الشباب أن حكاية القرد والقرداتى هى مثل فلاحى قديم جدا قدم أرض الدلتا التى خرج منها الدكتور مرسى وملايين غيره من المصريين، ولكن التطور الزمنى والثقافى قد ردم على المثل ضمن موروثات كثيرة اندرست، واصبحت الآن فى ذمة التاريخ، وإن بدا للكثيرين أن المثل أقل من مستوى ومقام الرئاسة، فإن المشكلة بالنسبة لى أكبر وأخطر، فمع تسليمى أن رئيس جمهورية مصر ما كان يجب أن يستخدم مثل هذا المثل، فإن الأسوأ أن هذا المثل المندثر يعبر عن حالة من الشماتة فى حالة ضياع رزق الناس، والفرحة فى خراب بيوتهم، وهناك مثل شعبى آخر يؤدى نفس الغرض وهو (بكره نقعد على الحيطة ونسمع الزيطة).
وأتمنى ألا يتورط الدكتور مرسى فى استخدام هذا المثل فى خطابات قادمة، وهو يتحدث عن المعارضة أو جبهة الإنقاذ.. حتى لا تسود موجة جديدة من الغضب والاستياء ضد خطابات ولهجة الرئيس، فحكاية القرد لم تهدأ بعد، ودم القرد الميت لا يبرد بعد، ولكننى أعترف اننى استمتعت كثيرا بالتعليقات على حكاية القرد، وأهمها وأظرفها كان «القرد مات بس الخروف لسه عايش».