الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    المحكمة الإدارية العليا تؤيد قرار استبعاد هيثم الحريري البرلماني السابق من سباق انتخابات مجلس النواب 2025    وزارة الإسكان تختار المهندس طارق الجمال لعضوية المجلس المصري للبناء الأخضر والمدن المستدامة    محافظ سوهاج يتفقد فعاليات وأنشطة مبادرة " أنت الحياة " بقرية نيدة بأخميم    محافظ كفر الشيخ: تسهيلات غير مسبوقة للجادين وإزالة معوقات التقنين لتسهيل الإجراءات    أونروا: دخول المساعدات إلى غزة ارتفع إلى 250 شاحنة يوميًا.. والاحتياجات ما زالت كبيرة    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة العودة بين الزمالك وديكيداها    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    التشكيل الرسمي لمنتخب مصر للسيدات أمام غانا في تصفيات أمم إفريقيا    محافظ بني سويف يتفقد مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال المرحلة الثانية من تطوير نادي سيتي كلوب    حبس سائق 4 أيام على ذمة التحقيقات بتهمة ق.تل طليقته في السادات بالمنوفية    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    العاصمة الإيطالية روما تستقبل معرض "كنوز الفراعنة"    وزير الثقافة: نساء أكتوبر المجيدات جسّدن أسمى رسائل الانتماء والعطاء    مساعد وزير الخارجية المصري: الاتحاد الأوروبي أصبح شريكًا اقتصاديًا بمعنى الكلمة لمصر    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    الصحة تبحث مع منظمة الصحة العالمية تنسيق الجهود لتقديم خدمات صحية للمرضى الفلسطينيين    باعتراف صحيفة صهيونية..جيش الاحتلال فشل فى تحرير الأسرى بالقوة العسكرية    أسعار النفط تسجل 65.94 دولار لخام برنت و61.95 دولار للخام الأمريكى    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 238 ألفا و600 شهيد وجريح    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    تعرف على الضوابط الإعلامية لتغطية انتخابات مجلس النواب 2025    الألم وتيبس المفاصل والإحمرار.. أهم أعراض التهاب المفاصل الروماتويدى    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    لقاء حول نظام البكالوريا الجديد خلال زيارة مدير الرقابة والتفتيش ب«التعليم» لمدارس بورسعيد    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في الشرقية    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    البيطريين: إجراء تعديلات شاملة لقانون النقابة وطرحها لحوار مجتمعي    النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء نيابات الأسرة    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    طريقة عمل الأرز البسمتي بالخضار والفراخ، وجبة متكاملة سريعة التحضير    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    الجيش الثالث الميداني يفتتح مزار النقطة الحصينة بعيون موسى بعد انتهاء أعمال تطويره    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    بسعر 27 جنيهًا| التموين تعلن إضافة عبوة زيت جديدة "اعرف حصتك"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    نقابة السجون الفرنسية تندد بوجود ضباط مسلحين لحراسة ساركوزي داخل السجن    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    محمد بن سلمان يعزى ولى عهد الكويت فى وفاة الشيخ على الأحمد الجابر الصباح    تامر حسين يوضح حقيقة خلافه مع محمد فؤاد بعد تسريب أغنيته    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    تشميع 8 مقاهى وكافيهات مخالفة ومتعدية على حرم الطريق العام بالمريوطية فيصل    الأردن يرحب برأي محكمة العدل الدولية ويطالب إسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    سعر الذهب اليوم الخميس 23-10-2025 بالصاغة.. وعيار 21 الآن بعد الانخفاض الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهندسة الانتخابية في مصر!
نشر في فيتو يوم 21 - 10 - 2025

لم يعد المشهد الانتخابي في مصر، سواء في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، ساحة تنافس سياسي حقيقي كما كان يؤمل عقب أحداث يناير 2011، ويونيو2013، بل تحول إلى ما يشبه إجراءً شكليًا يعاد فيه إنتاج النخبة نفسها، بأسماء جديدة أحيانًا، ولكن بالآليات القديمة ذاتها: المال السياسي، والتوجيه الأمني، والإقصاء المجتمعي، وغياب الشارع تمامًا عن الفعل السياسي.

تاريخيًا، كانت الانتخابات في مصر، رغم ما شابها من تدخلات، مناسبة لإظهار الحد الأدنى من التنافس بين التيارات والقوى المختلفة أما اليوم، فقد أفرغت العملية الانتخابية من مضمونها السياسي بالكامل، فالأحزاب أصبحت صورية، تتجمع في قوائم معدة سلفًا، يغيب عنها أي طابع برامجي أو رؤى متباينة..

وبدل أن تكون الانتخابات وسيلة لتجديد النخب السياسية وإعادة ضخ دماء جديدة في مؤسسات الدولة، صارت وسيلة لإعادة توزيع الولاءات وترتيب المقاعد بما يخدم التوازن الذي تراه السلطة مناسبًا، فمجلس الشيوخ، الذي أعيد تأسيسه عام 2020 بوصفه غرفة للعصف الفكري، تحول إلى منبر شكلي للمباركة والمصادقة على قرارات السلطة التنفيذية، دون أن يلعب دورًا رقابيًا أو استشاريًا حقيقيًا..
أما مجلس النواب، فرغم أنه منوط بالتشريع والرقابة، فإنه بات نسخة إجرائية من الجهاز التنفيذي، تندر فيه المعارضة الفعلية، وتتراجع فيه ممارسات النقد والمساءلة، لصالح خطاب واحد متجانس يعكس رؤية الدولة لا المجتمع.

يتحدث المصريون في القرى والمراكز والمدن عن انتخابات الشنط والكوبونات والرشاوى المقنعة، حتى أصبح المال السياسي هو اللغة الوحيدة المفهومة في موسم الانتخابات، فالمقعد النيابي لم يعد ينتزع بالكفاءة أو البرنامج أو القاعدة الشعبية، بل بالقدرة على الإنفاق، والاتصال بالعلاقات النافذة..

وأصبح المال وسيلة مزدوجة: فهو من جهة يمول العملية الانتخابية المكلفة والمنهكة التي تفتقر إلى دعم حزبي حقيقي، ومن جهة أخرى يستخدم لشراء الولاء أو استرضاء المتحكمين في مسار الترشيحات، هذه الديناميكية أفرزت مشهدًا غريبًا: من يملك المال لا يحتاج إلى برنامج، ومن يملك النفوذ لا يحتاج إلى جمهور، وهكذا تراجع الوعي الانتخابي أمام ثقافة المصلحة، وتحول المقعد البرلماني إلى استثمار اقتصادي أكثر منه تمثيلًا سياسيًا.

فمنذ سنوات، أصبح الحديث عن الهندسة الانتخابية مصطلحًا دارجًا في الوسط السياسي المصري، فكل ما يجري في الكواليس -من إعداد القوائم إلى توزيع المقاعد، ومن فحص المرشحين إلى مراقبة الحملات- يتم بإشراف غير مباشر من الأجهزة السيادية التي ترى في الانتخابات وسيلة للضبط، لا للتعبير عن الإرادة الشعبية..

وتبدو القوائم الموحدة للأحزاب الموالية -التي تحمل أسماء مثل القائمة الوطنية من أجل مصر مثالًا واضحًا على ذلك، إذ تضم وجوهًا من اتجاهات مختلفة، لكنها تشترك في القاسم الأعظم وهو الرضا الرسمي، والنتيجة أن البرلمان تحول إلى غرفة تناغم واحدة، تدار بالتوجيه، لا بالجدل السياسي أو التعددية.

في كل دورة انتخابية جديدة، تزداد نسبة العزوف الشعبي، حتى أصبحت الانتخابات تمر في هدوء صامت يشي أكثر مما يخفي، فالناخب المصري، الذي كان يقف بالساعات في طوابير طويلة في أعقاب 25 يناير 2011، لم يعد يشعر بأي معنى للمشاركة..
والأسباب متعددة: أولها الإحباط من التجارب السابقة، وثانيها انعدام الثقة في نزاهة النتائج، وثالثها الشعور بعدم جدوى الصوت الفردي في ظل نتائج محسومة مسبقًا، وهذا الغياب ليس مجرد لا مبالاة، بل هو موقف احتجاجي صامت، يعبر عن انسحاب المجتمع من معادلة لا يرى نفسه فيها، فحين يشعر المواطن أن صوته لا قيمة له، وأن النتائج معروفة مسبقًا، فإن الصمت يصبح فعلًا سياسيًا مضادًا، ورسالة ضمنية بأن المشهد فقد صدقيته.

في المجتمعات الديمقراطية، تقاس شرعية النظام السياسي بمستوى المشاركة الشعبية، وبالقدرة على تداول السلطة والتعبير عن التنوع الاجتماعي والسياسي، لكن في الحالة المصرية، أصبح البرلمان مؤسسة بلا قاعدة اجتماعية حقيقية، إذ لا يمثل إلا دوائر ضيقة من رجال الأعمال والبيروقراطيين والمحسوبين على السلطة..
وهذا الغياب للتنوع أنتج فقرًا تشريعيًا ورقابيًا واضحًا، وجعل البرلمان أقرب إلى منصة للتصفيق منه إلى مجلس تشريعي فاعل، بل إن القوانين التي تم تمريرها في السنوات الأخيرة -سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية- تمت بسرعة وبدون نقاش مجتمعي، ما يعكس هشاشة المشاركة وتمركز القرار في أضيق نطاق.

حين يغيب التنافس الحقيقي، يصبح التزييف جزءًا من المنظومة لا من الاستثناء، فالتزوير لم يعد بالضرورة في الصندوق، بل في البيئة المحيطة بالانتخابات كلها: في من يسمح له بالترشح، ومن يقصى، ومن يحصل على تغطية إعلامية، ومن يتم تهميشه..
حيث تتم صناعة النتيجة قبل بدء التصويت، عبر سلسلة من الإجراءات الإدارية والأمنية والإعلامية التي تضمن الشكل الديمقراطي دون المضمون، فالصندوق قد يكون نظيفًا، لكن اللعبة برمتها مبرمجة مسبقًا بحيث لا تنتج إلا ما هو متوقع.

يتفاعل المواطن المصري مع المشهد الانتخابي اليوم بنوع من الاغتراب السياسي، فهو يدرك أن المشاركة لن تغير شيئًا، وأن المعارضة قد تفسر كتمرد، وأن المرشح المستقل أو الجريء لن يجد مساحة للتحرك، هذا الإدراك يولد إحباطًا عامًا وشعورًا بعدم الجدوى..
لكنه أيضًا يعمق الخوف من التعبير، إذ ارتبط العمل السياسي في الوعي الجمعي بالمخاطرة لا بالواجب الوطني، وفي ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، وانشغال المواطنين بلقمة العيش، أصبح الاهتمام بالانتخابات ترفًا غير ذي أولوية، يضاف إلى قائمة القضايا التي لا يملك الشارع التأثير فيها.

المشهد الراهن لا يعني موت السياسة تمامًا، بل يشير إلى انتقالها من المجال العام إلى الفضاءات المغلقة، في المقاهي، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمجموعات الصغيرة التي تتداول الرأي بعيدًا عن الأطر الرسمية..

لكن هذه السياسة الهامشية تظل بلا وزن مؤسسي، وبلا أفق تنظيمي، ما يجعلها عرضة للاحتواء أو التشظي، فإذا أرادت مصر مستقبلًا مختلفًا، فإن إحياء السياسة يبدأ بإعادة الاعتبار للانتخابات كآلية حقيقية للاختيار لا للتزيين..
ويتطلب ذلك تحرير المجال العام من القيود، وتشجيع الأحزاب المستقلة، وضمان العدالة في التنافس، وإعادة الثقة للناخب بأن صوته يحدث فرقًا، فالدولة التي تسيطر على كل شيء تفقد تدريجيًا قدرتها على تجديد شرعيتها، لأن الشرعية لا تصنع في المكاتب، بل تولد من المشاركة الحرة للناس.
عودة استراتيجية بحجم التاريخ والجغرافيا!
مكانك في القلوب يا جمال!
يبدو أن مصر تعيش اليوم أزمة تمثيل لا أزمة انتخابات، فالصناديق تفتح وتغلق في مواعيدها، لكن الناخبين يغيبون، والمرشحين يختارون، والنتائج تعلن دون مفاجآت، وفي ظل استمرار هذا المسار، ستتعمق الفجوة بين الدولة والمجتمع، وسيفقد البرلمان معناه بوصفه صوت الشعب..
فالمشهد الحالي ليس دلالة استقرار كما يروج، بل علامة ركود سياسي واجتماعي خطير، يضعف مؤسسات الدولة ويفرغها من مضمونها الديمقراطي، إن ما تحتاجه مصر اليوم ليس انتخابات جديدة بقدر ما تحتاج إلى عقد اجتماعي جديد يعيد الاعتبار للمواطن، ويمنح السياسة معناها الأصلي: أن تكون ساحة للاختيار، لا للامتثال، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.