[email protected] تواجه الدولة المصرية حربا حقيقية لإسقاطها وتقسيم وإضعاف جيشها وتهديدها بالفوضى والإرهاب، فالإخوان بعد أن أسقطهم الشعب المصرى في ثورة 30 يونيو، وبعد فشلهم في أخونة الدولة والسيطرة الكاملة على مفاصلها اتجهوا إلى الخيار الآخر وهو إسقاط الدولة، والإخوان ليسوا وحدهم الذين يتبنون هذا الخيار فمعهم تركيا وقطر وحماس والتنظيم العالمى للإخوان وبدرجة ما تونس النهضة، وكذلك حلفاؤهم من الجماعات الإرهابية حول العالم مع استحسان غربى لما يقومون به، هذه الحرب ليست سهلة بل تنفق عليها المليارات ويخطط صانعوها لعسكرة الصراع عبر تهريب أكبر قدر من الأسلحة الفتاكة من خلال حدود مصر الرخوة مع حماس ومع ليبيا ومع السودان. في هذه الأجواء، أدركت السعودية ودول الخليج الأخرى، ما عدا قطر، خطورة هذه اللعبة الدولية على أمنها الداخلى وعلى الأمن الإقليمى برمته، فإسقاط الدولة المصرية والجيش المصرى يعنى تعرى دول الخليج أمام مطامع الهيمنة الإيرانية، فجيش العراق خرج من اللعبة عبر الاقتتال الطائفى وهو محسوب على إيران حاليا أكثر من كونه محسوبا على الجانب العربى، وسقط جيش سوريا في مستنقع الحرب الأهلية ولن تقوم له قائمة لعقود، أما تركيا أردوغان فقد تركت كل شىء وسيطر على رئيس وزرائها هوس عودة الخلافة في نسختها الإخوانية، ولم يتبق سوى الجيش المصرى كسند للأمن الخليجى خاصة بعد أن ربط نظام مبارك الأمن القومى الخليجى بالأمن القومى المصرى، وظهر ذلك جليا في حرب الخليج الأولى بين صدام والخومينى، حيث قام الجيش المصرى بطلب خليجى بدعم تسليح الجيش العراقى والتغاضى عن تجنيد مصريين داخل جيش العراق وكذلك المساهمة العسكرية المصرية الفعلية في تحرير شبه جزيرة الفاو العراقية من إيران، وفى حرب الخليج الثانية شكل الموقف المصرى والجيش المصرى حجر الزاوية في شرعية التدخل الدولى لتحرير الكويت، وفى حرب الخليج الثالثة لإسقاط صدام وقفت الدولة المصرية موقفا أخلاقيا برفض الغزو الأمريكى للعراق... كل هذا شكل طمأنة لدول الخليج في رشادة الدولة المصرية وفى صلابة جيشها ووقوفه مع الحق عند الشدائد. على المستوى الداخلى، تمثل مطامع تنظيم الإخوان تحديا آخر لدول الخليج، فالتنظيم الدولى يحرك خلاياه من إخوان الخليج لإثارة قلق هذه الدول من الانقلاب على أنظمتها العائلية المستقرة عبر المزايدة الدينية، فالإخوان تنظيم لا يهدأ ولا يتوانى عن إثارة المشاكل في أي دولة يتواجد فيها، علاوة على أن هذا التنظيم يسعى دائما للنفاذ من خلال نقاط الضعف أو عبر رخاوة الدولة. كل هذا جعل دول الخليج تتخذ موقفا استراتيجيا حازما لحماية الدولة المصرية وجيشها، سواء بالإسراع بتغطية الفجوة التمويلية المصرية أو بتبنى موقفا سياسيا واضحا عبر رسالة دولية وخاصة للغرب بعدم سماحهم بسقوط مصر، ولكن الغريب هو توجه السعودية إلى روسيا لحثها على الوقوف مع الجيش المصرى والمحافظة على مستوى معين لتسليحه لكى يستطيع مواجهة المخطط المدبر له، كان من الطبيعى أن تتجه السعودية إلى أمريكا التي تحمل علاقاتهما أكثر من ستة عقود من التعاون الوثيق، ولكن موقف إدارة أوباما المساند للإخوان جعل دول الخليج ومعهم مصر يشعرون بأن إسقاط المنطقة هو مخطط أمريكى يخدم أجندتها في محاربة الإرهاب وتصدير الفوضى والإرهاب إلى منابعها. إن السنوات القليلة القادمة تحمل في جعبتها الكثير من المفاجآت بالنسبة لشكل الشرق الأوسط وشكل نظام الحكم فيه، وطبيعة العلاقات العربية البينية، وطبيعة العلاقات العربية الدولية، وحسنا أدركت دول الخليج هذا مبكرا، والخطوة القادة المطلوبة هي الإسراع بتشكيل تحالف شرق أوسطى قوى وصلب يحافظ على مبدأ سيادة الدول فيها وأن يصاغ مستقبلها بأيادى أبنائها، وكذلك لمواجهة أي تغيرات أو مفاجآت أو مخططات.... والأهم لتفعيل التعاون في مواجهة خطر تنظيم الإخوان الدولى وحلفائهم حول العالم من أجل تقليص شرهم إلى الحدود الدنيا في هذه المنطقة.