أشرف بدر لم يكن رئيس جهاز «الموساد» الأسبق عاموس يادين مخطئاً عندما قال: «إن مصر هى الساحة الأوسع للعمل بما يعجز أى نظام بعد مبارك على متابعته».. فما يحدث على أرض الواقع يؤكد ذلك، ويدلل على وجود مؤامرة دولية لاستنساخ "عراق" جديد فى مصر، وأن أبعاد هذه المؤامرة فضحها رئيس الوزراء الروسى "ميدفيديف" فى تصريحات له أخيرا بقوله: إن الغرب غالباً ما يدفع دولاً بأكملها لنقطة اللا عودة التى يصعب بعدها إقناع الأطراف المتصارعة بمحاولة التفاوض، وأن بعض الأطراف الأجنبية بدأت تتصرف مثل ثور هائج بعد نجاح الجيش والشرطة فى فض اعتصامى «رابعة والنهضة». وأزيد على كلام ميدفيديف بالتأكيد أن "غياب مصلحة الوطن" لدى معظم أطراف الوساطة، والمبادرات التى تنهال "جملة وقطاعى" ومعظمها للأسف يدفع بالإخوان إلى التشدد، والتصلب، والإيحاء بأن موقفهم على الأرض قوى، يشير بجلاء إلى ذلك المخطط القذر، ويزيد الموقف اشتعالاً، ويبقى على وضع ضاق به ومنه جموع المصريين، بعد أن اختزل الوسطاء اختيار المصريين للخلاص من حكم فاشل فى ضرورة الاستجابة لمطالب اعتصام "غير قانونى وغير إنسانى " ومؤيدين لشرعية أسقطها "انقلاب شعبى" حولوا اعتصامهم إلى ساحة للتحريض والثأر، واستخدام النساء، وأطفال الملاجئ، والشوارع لتلطيخ سمعة مصر وهم يحملون أكفانهم، وأنهم هم "مسلمو مصر ومؤمنوها"، وأن غيرهم من معتصمى التحرير والاتحادية أو المنادين بفض اعتصامهم هم "كفارها"! كما تتكشف أبعاد المخطط بتزامن تصريحات وقحة للسيناتور ماكين اليهودى المتعصب، والمرشد الإيرانى "خامئنى" من أن مصر مقبلة على "حمامات دم"، والترويج عالميا لمؤامرة تقودها واشنطن بمساهمة - محسوبة أو غير محسوبة - من أطراف أخرى لتفكيك وتقسيم مصر مذهبياً، وطائفياً، وتمهيد الطريق أمام كونفيدرالية تآمرية لإحياء مشروع «الهلال الخصيب» كبديل، لمشروعها الفاشل "الشرق الأوسط الكبير"، ويضم إقليمى بلاد الشام ووادى الرافدين شرق البحر المتوسط، وإيران شرقا، وتركيا شمالا، وبلاد الحجاز وسيناء جنوبا "أى دول" العراق، والأردن، وفلسطين، وسوريا، ولبنان، ومصر، والسعودية، وإيران". ولا نستطيع أن نلوم الأعداء إذا فكروا فى التآمر ضد مصر وجيشها، وجعلها نسخة مكررة من «العراق وسوريا» فهناك من سمح بذلك بل، ومازال يعمل على ذلك، وهو ما كشفت عنه زيارات كبار المسئولين بأمريكا وأوروبا والخليج العربى أخيرا لمصر للوساطة لصالح جماعة الإخوان التى تربطهم بها علاقات سرية، وأن محاولاتهم تسىء أكثر مما تفيد، وأن من ينتظر النصر الآتي على ظهر دبابة أمريكية أو بدولارات خليجية وغربية لا يستحق أن يحمل جنسية "مصرى" أو ديانة "مسلم"!! لقد سقطت ورقة التوت وانكشف المستور، وظهرت عورات الإخوان وخداعهم للناس بأنهم "أهل دين" بينما هم عشيرة إرهاب ، وأن ترويجهم لفكرة وجودهم على رأس الحكم يمنع التطرف والإرهاب لم تعد مقنعة للرأى العام الدولى الذى تيقن أنهم هم من ينفذون العمليات الإرهابية القذرة فى سيناء وغيرها، وأنهم يسعون إلى جر وطنهم إلى حرب أهلية، ومحاولة استقطاب الجيش المصرى الأصيل إلى استخدام العنف ضد ميليشياتهم التى تتنفس عنفا موجها ومنظما ومدبرا بعدما استقطعوا جزءا من الوطن "رابعة" فى سابقة لم يعرفها العالم، وحولوها إلى "ثكنة غير آدمية" قبل أن يتم فض اعتصامهم صباح الأربعاء حتى تداول نشطاء عبر "الفيس بوك " بسخرية تميل إلى الكوميديا السوداء من أن عبور المنفذ الحدودى لدولة الإخوان برابعة العدوية بات أكثر مهانة من عبور الفلسطينيين لمنفذ كرم أبو سالم أو طابا بسبب حالات القمع والتفتيش للمارين والتى تجرى من ميليشيات الإخوان! إن الوضع فى مصر لم يعد يحتمل التأويل أو التعليل ,وأن المصالحة الوطنية باتت "تكليفاً" على كل مصرى، خاصة بعد أن نزع الغطاء عن الوجه الغربى القبيح، وأن نترك الحسابات، وننحى الحساسيات، وأن نقف على قاعدة المصارحة، والمحاسبة، وأن نوأد المعادلات التى يسع البعض للدخول فيها كأرقام صحيحة، وفرض إملاءات على شعب رفض طول عمره امتهان كرامته، وعزته، وأن على الإخوان ان يعرفوا أن الوقت قد حان للاعتراف بأخطائهم التاريخية واستفرادهم بالحكم وإقصاء الأخر ,وأن مصلحتهم الأن الالتحاق بالعملية السياسية التى ترحب بهم فى خريطة المستقبل، فليس من العقل او الحنكةرفض مبادرة للمصالحة. فى مقابل ذلك على جماعة الإخوان أن تخلع رداء التشدد والإرهاب الذى ظهر جليا عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، وان تنسى تشبيهها الخاطىء لما قام به رئيسهم المعزول محمد مرسى بعثمان بن عفان رضى الله عنه برفضه ترك كرسى الخلافة رغم محاصرة الثائرين لمنزله واقتحامه ثم قتله وهو يردد "لن أخلع رداء ألبسنيه الله تعالى"تشبيه يراد به باطل, فقد نسوا أن حفيد رسول الله "ص" الحسن بن على تنحى عن الخلافة التى تركها له والده، حقناً لدماء المسلمين ومنع نشوب حرب أهلية – وقعت للأسف – بعد ذلك وراح ضحيتها 80 الفاً من بينهم عشرات من صحابه رسول الله وتابعيهم على ايدى "الخوارج"!!