لا تزال تعديلات قانون الإيجار القديم تثير جدلًا واسعًا بين المالك والمستأجر؛ فبينما يرى المالك أنها أعادت إليه حقوقًا طالما اعتبرها ضائعة ومجمدة لسنوات، وأنها صحّحت مسارًا ظل يؤرقه طويلًا، يعتبر المستأجر أن هذه التعديلات جاءت على حساب المبادئ الدستورية، وخلّفت شرخًا عميقًا يهدد استقرار المجتمع وتماسكه. ومنذ صدور القانون رقم 164 لسنة 2025 بشأن الإيجارات القديمة، شهد المجتمع المصرى سلسلة من الأزمات غير المسبوقة، فالقانون، الذي تم الترويج له باعتباره "تصحيحًا لمسار تاريخي"، تحوّل فى الواقع إلى شرارة أشعلت نزاعات حادة، ومشاحنات، بل ووقائع عنف موثقة وصلت إلى حد الجرائم. فى مواجهة قانون الإيجار القديم الذي دخل حيز التنفيذ، لم يجد المستأجرون أمامهم سوى اللجوء إلى القضاء كملاذ أخير للدفاع عما يعتبرونه حقوقهم، وبادر عدد منهم بإقامة دعوى عاجلة مباشرة أمام المحكمة الدستورية العليا، طاعنين على القانون الجديد باعتباره مخالفًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، وهى الجهة المنوط بها الفصل فى مدى دستورية القوانين. وقد قبلت المحكمة الدستورية نظر الدعوى، وأحالتها إلى هيئة المفوضين كإجراء تمهيدي معتاد، لتحضيرها وإعداد التقرير القانوني بشأنها تمهيدًا لعرضها على هيئة المحكمة للفصل فيها. لم يقتصر تحرك المستأجرين على هذه الدعوى فحسب، بل تقدم آخرون بدعوى قضائية أمام محكمة مجلس الدولة، باعتبارها الجهة المختصة بنظر الطعون على القرارات الإدارية. ومن خلال هذه الدعوى يسعى الطاعنون للحصول على تصريح بالطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية العليا، فى خطوة قانونية تهدف إلى فتح الباب أمام مراجعة شاملة للتشريع الجديد. استقبلت المحكمة الدستورية العليا منذ أيام أول دعوى رسمية تطعن بعدم دستورية القانون رقم 164 لسنة 2025، بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والذي صدّق عليه رئيس الجمهورية مؤخرًا. تم قيد الدعوى فى جدول المحكمة تحت رقم 32 لسنة 47 دستورية بتاريخ 28 أغسطس الماضي، بصفة "منازعة تنفيذ". الدعوى طالبت بصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ القانون رقم 164 لسنة 2025، وبوجه خاص المادة الثانية منه، التى تنص على: تنتهى عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بانتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به، وذلك كله ما لم يتم التراضي على الإنهاء قبل ذلك". استندت الدعوى فى طلباتها إلى المطالبة بالاستمرار فى تنفيذ الحكمين السابقين الصادرين عن المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 3 نوفمبر 2002، فى الدعويين رقمى 70 لسنة 18 قضائية دستورية، و105 لسنة 19 قضائية دستورية، واللذين يُستشهد بهما لتأكيد تعارض نص المادة المطعون عليها مع أحكام قضائية سابقة واجبة النفاذ. كما طالبت الدعوى بإسقاط نص المادة الثانية من القانون وعدم الاعتداد بها وما يترتب على ذلك من آثار قانونية، إلى جانب إلزام المطعون ضدهم من الأول حتى السابع بصفتهم بالمصروفات. أقام المحامى أحمد الدربي، بصفته وكيلًا عن المواطن مصطفى عبد الرحمن، أول دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، طالب فيها بوقف تنفيذ تعديلات قانون الإيجار القديم الصادر بالقانون رقم 164 لسنة 2025، واعتبارها غير دستورية. وطالب المدعي، فى دعواه، بقبولها شكلًا، وبصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ القانون رقم 164 لسنة 2025، وبالأخص نص المادة الثانية منه، والتى تنص على: "تنتهى عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بانتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به، وذلك كله ما لم يتم التراضى على الإنهاء قبل ذلك"، وذلك لحين الفصل النهائى فى هذه المنازعة أمام الجهات القضائية المختصة. وأشار نص الدعوى إلى أن القانون الجديد، والذى تم نشره بالجريدة الرسمية وأصبح نافذًا منذ تاريخ نشره، ينص على أن: عقود إيجار الأماكن لغرض السكنى تنتهى بانقضاء سبع سنوات من تاريخ سريانه. أما عقود إيجار الأماكن لغير غرض السكنى والخاصة بالأشخاص الطبيعيين، فتنتهى بانقضاء خمس سنوات من تاريخ بدء العمل بالقانون. وذلك كله ما لم يتم التراضى على الإنهاء قبل ذلك بين الطرفين. أكد مقيم الدعوى أن التعديلات الجديدة تمس بشكل مباشر الاستقرار الاجتماعى لملايين المواطنين، وتخالف أحكامًا دستورية قائمة، مما يستوجب وقف تنفيذها لحين الفصل فى مدى مشروعيتها القانونية والدستورية. قانون 164... من تشريع مستعجل إلى نزيف فى الشارع المصري يؤكد كثير من المستأجرين أنهم لم يكونوا يومًا متطفلين على العقار، بل دخلوا فى علاقة تعاقدية صحيحة وموثقة قانونًا، وقد دفعوا، فى كثير من الحالات: مبالغ "خلو" أو مقدم إيجار، تكاليف تشطيب وتجهيز الوحدة للسكن، ورسوم إدخال المرافق العامة (مياه، كهرباء، غاز)، ومع ذلك، تجاهل القانون كل هذه الالتزامات المالية التى تكبّدها المستأجرون، وكأنه يعيد تعريف العلاقة التعاقدية من طرف واحد، فى تعارض صارخ مع مبدأ "العقد شريعة المتعاقدين" الذى يُعد ركنًا أساسيًا فى القانون المدني. يرى فقهاء القانون أن التشريع الجديد انتهك مبدأ عدم رجعية القوانين، وهو أحد المبادئ الأساسية فى النظام الدستورى المصري، كما أنه أهدر المراكز القانونية المستقرة التى نشأت بموجب عقود صحيحة قانونًا، مما يُعد انتقاصًا صريحًا من حقوق المستأجرين، وعلى رأسها الحق فى السكن الكريم، وهو حق مكفول دستوريًا على حد قولهم، مشددين على أن إحالة الطعن إلى هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية هو إجراء معتاد، ولا يدل على حسم القضية بعد، بل يمثل مرحلة تحضيرية لتكوين الرأى القانونى حول مدى دستورية النصوص المطعون عليها. المحامى طارق نجيدة قال إن المحكمة الدستورية العليا لها الحق فى إحالة أى طعن لهيئة المفوضين، سواء لاستيفاء أوجه لم تُناقش، أو لتهيئة الشكل القانونى الكامل للدعوى، مضيفا: الإحالة فى حد ذاتها لا تُعتبر حكمًا أو مؤشرًا على قبول أو رفض الطعن، بل خطوة تمهيدية لتوضيح الدليل القانوني. من جانبه، أكد المحامى والخبير القانونى عبد الغفار مغاورى أن قوانين الإيجار الاستثنائية ليست جديدة، بل تعود جذورها إلى الحقبة الملكية، بدءًا من القانون رقم 121 لسنة 1947، الذى وضع إطارًا لحماية الفئات الأضعف اقتصاديًا، موضحا أن القضية لا يجب اختزالها فى نزاع بين المالك والمستأجر، بل يجب النظر إليها فى ضوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية العامة، ومؤكدا أنه لا يمانع فى إعادة النظر فى القيمة الإيجارية، بشرط أن تكون الزيادة عادلة وتدريجية، ومبنية على معايير تراعى الواقع المصري. فى ختام حديثه، حذر مغاورى من ما أسماه ب"الوجه الخفي" للقانون، حيث ستخضع العقارات المؤجرة للضرائب العقارية وضريبة الدخل، مطالبًا الملاك – خاصة الورثة – بسرعة تقديم بيانات دقيقة لمصلحة الضرائب العقارية، لتجنّب المخالفات المحتملة مع انتهاء المدد الانتقالية (سبع سنوات للسكني، وخمس لغير السكني) مشددا على أن تطبيق القانون الجديد لم يراعِ الأبعاد الاجتماعية والإنسانية للفئات الأكثر هشاشة، وعلى رأسها أصحاب المعاشات وكبار السن، متسائلًا: "كيف يتمكّن شخص بلغ أرذل العمر من سداد مقدمات شقق بديلة، بدخل لا يكفى أساسيات الحياة؟". من جهته، قال المحامى علاء محمود إن هناك فراغًا تشريعيًا خطيرًا نشأ بعد إلغاء القانون رقم 6 لسنة 1997، الذى كان ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فى العقارات غير الخاضعة لقانون الإيجارات القديم. وأوضح أن عقد الإيجار هو عقد شكلي، يتطلب إطارًا قانونيًا واضحًا، وأن غياب النص القانونى المنظم للعلاقة يهدد سلامة العقود ويخلق مشكلات قضائية بالجملة، مضيفا أن المادة الثانية من القانون الجديد تمثل "عين العوار الدستوري"، حيث إنها تنهى عقود إيجار قائمة بإرادة منفردة من المشرّع، متجاهلة مبادئ أساسية مثل الحق فى السكن وعدم رجعية القوانين. كما انتقد طريقة تشكيل لجان الحصر، المنصوص عليها فى المادة الثالثة من القانون، مؤكدًا أن غياب الضوابط الدقيقة، وترك الأمر لتقديرات عامة وعشوائية، يجعل قراراتها الإدارية عرضة للبطلان. فى السياق ذاته، أكد المحامى على أيوب أن من حق المستأجر المتضرر إقامة دعوى أمام المحكمة العادية لطلب التعويض عن الضرر المباشر الناتج عن تطبيق القانون، موضحًا أن المحكمة تُحيل بدورها النزاع إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستوريته. وأشار إلى أن الطعن المقدم ضد القانون أمام المحكمة الدستورية جاء فى صورة منازعة تنفيذ، مستندًا إلى أن القانون ينتهك مبدأ المساواة بين الملاك والمستأجرين، ويُعتبَر تعديًا على الملكية الخاصة المحمية بالمادة 35 من الدستور. وحذر أيوب من أن استمرار تطبيق القانون بهذه الصورة قد يؤدى إلى: تشريد آلاف الأسر فى ظل غياب بدائل واقعية، ارتفاع جنونى فى أسعار الإيجارات الجديدة، زيادة معدلات المشاجرات والجرائم المرتبطة بالنزاع على السكن، وتآكل ثقة المواطن فى القانون والتشريع. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا