أصبحت الحرب الأهلية في السودان ساحة اختبار وحلبة صراع لقوى دولية تعمل عبر وكلاء ومرتزقة، في مشهد معقد يكشف عن تداخل المصالح وتغولها على سيادة الدولة. في قلب هذه الشبكة المعقدة، تبرز عمليات نقل مقاتلين من أمريكا اللاتينية، وتدريبهم تحت إشراف أوروبي شرقي، وتمويلهم من قبل دول خليجية، كنموذج صارخ للحروب الحديثة بالوكالة.
استجابة كولومبيا لفضيحة المرتزقة دفع تصاعد التقارير عن وجود مواطنين كولومبيين يقاتلون إلى جانب قوات "الدعم السريع" في السودان، الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو إلى اتخاذ إجراءات سريعة في أغسطس. حيث أمر حكومته بصياغة تشريع طارئ يحظر بشكل قاطع ومطلق أي عمليات لتجنيد المرتزقة أو عملهم لصالح أطراف أجنبية. ولم تكتفِ الحكومة بذلك، بل كلفت سفيرتها في القاهرة بمهمة عاجلة للتحقق من الأرقام الحقيقية للخسائر في صفوف المقاتلين الكولومبيين، بعد أنباء غير رسمية تتحدث عن مقتل ما يصل إلى أربعين منهم. وكانت تقارير إعلامية محلية، أبرزها تحقيق لصحيفة "لاسيلا فاسيا" في مارس، قد سلطت الضوء على هذه الظاهرة. وأشارت إلى أن المقاتلين الكولومبيين يتقاضون رواتب شهرية قد تصل إلى 3000 دولار أمريكي للفرد، يتم تحويلها من جهات إماراتية. ووفقًا للتحقيق نفسه، فإن عملية النقل والإدارة تتم عبر شركة مقرها دبي تُعرف باسم "جي إس إس جي"، بالتعاون مع شركة كولومبية للتجنيد اسمها "إيه فور إس آي"، والتي يديرها عقيد متقاعد يدعى ألفارو كيخانو ويعيش في دبي.
الدور الأوكراني: من التنسيق إلى التدريب المباشر تكشف خيوط هذه الشبكة العالمية عن طرف فاعل رئيسي آخر وهو أوكرانيا التي اعترفت رسميًا بمشاركة عناصر من استخباراتها وخبرائها في النزاع السوداني. ولكن الآلية كانت أكثر تعقيدًا من المشاركة المباشرة. فبحسب تسريبات وردت من مصادر كولومبية، تم تدريب ما يقرب من 300 مرتزق كولومبي على الأراضي المولدوفية تحت إشراف مدربين أوكرانيين، قبل نقلهم لاحقًا إلى ساحات القتال في السودان، في عملية تم تمويلها بشكل مشترك من قبل جهات إماراتية وفرنسية. ولإخفاء هذا التورط، اعتمدت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية على واجهة مدنية متمثلة في شركة عسكرية خاصة باسم "Forward Observations Group (FOG)" وقع المقاتلون الكولومبيون عقودهم مع هذه الشركة للتدريب في مولدوفا، مما وفر للجهاز الأوكراني غطاءً يحول دون إثبات المسؤولية المباشرة. وتحليلًا للمعلومات، يشير خبراء إلى أن شركة (FOG) هذه ليست أمريكية كما كان يُشاع سابقًا، بل هي أوكرانية بالكامل وتعمل كذراع تنفيذي لاستخبارات البلاد في العمليات الخارجية الحساسة. هذا النشاط يتسق مع تصريحات مسؤولين أوكرانيين. فقد صرح المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، إيليا يفلاش، بأن بلاده تقدم الدعم لقوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أن لأوكرانيا أكثر من 30 اتفاقية عسكرية عبر القارة الأفريقية. كما أكد الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا، مكسيم صبح، على وجود متخصصين عسكريين وتقنيين أوكرانيين يشاركون في النزاع بشكل "مستقل". هذه التركيبة المعقدة من التمويل المشترك بين دول. إقليمية مع فرنسا، والتدريب الأوكراني، والتجنيد الكولومبي، لا تفضح فقط طبيعة الصراع الدولي على النفوذ والموارد في السودان، بل تطرح أيضًا أسئلة حرجة حول مستقبل سيادة الدول هو الحرب والمرتزقة. ويري مراقبون، أن هذه العمليات المعقدة لتجنيد المرتزقة وتدريبهم وتمويلهم لا تحدث في فراغ، بل هي جزء من إستراتيجية أوسع لدعم بقاء قوات "الدعم السريع" كطرف فاعل وقوي في المعادلة السودانية. وأضاف عواد أنه "من مصلحة العديد من الأطراف الغربية والإقليمية أن يبقى 'الدعم السريع' ككيان قوي ولا ينهزم، وذلك لأسباب تتجاوز مجرد الصراع على الأرض". وتشمل هذه المصالح الوصول إلى الموارد الطبيعية، حيث يعتبر السودان ساحة مهمة للتنافس على موارده الهائلة من الذهب والمعادن النفيسة والأراضي الزراعية الخصبة، وتسعى بعض الجهات عبر دعمها ل"الدعم السريع" إلى ضمان ولاء هذه القوات لها وبالتالي ضمان تدفق تلك الموارد أو الحصول على عقود استثمارية مربحة. واحتواء النفوذ الآخر، هناك مخاوف من تعزيز نفوذ قوى إقليمية منافسة في منطقة القرن الأفريقي ذات الأهمية الجيواستراتيجية. وبالتالي، يدعم بعض اللاعبين الدوليين "الدعم السريع" كوسيلة لخلق توازن قوى أو عرقلة صعود قوى أخرى قد تهدد مصالحهم. وأيضا، مكافحة الإرهاب بشكل انتقائي، حيث يتم تقديم الدعم أحيانًا تحت ذريعة استخدام هذه القوات كحاجز أمام انتشار الجماعات المتطرفة في المنطقة، وهي حجة تخدم أجندات خارجية أكثر من خدمتها لاستقرار السودان نفسه. وإطالة أمد الصراع لإضعاف الجميع، هناك اعتقاد بأن إطالة أمد الحرب بنظام الوكالة يضمن إضعاف جميع الأطراف السودانية ويجعلها أكثر تبعية للخارج، وأقل قدرة على تشكيل حكومة مركزية قوية قد تعيد تعريف مصالحها بشكل لا يتوافق مع الرغبات الخارجية. في النهاية، الضحية هي الدولة السودانية وسيادتها واستقرارها، بينما يتم تحويلها إلى سوق مفتوحة للمرتزقة ومجال للتصفية الحسابية بين المصالح الدولية المتعارضة". ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا