لا أستطيع أن أنكر دور الفنون في الارتقاء بالقيم والأخلاق والمشاعر والذوق العام، وأنه حين تنحرف الفنون من مسارها الطبيعي تكون مصدرًا فعالًا لنشر القُبح وهدم القيم وتشويه الذوق، فالفن سلاح ذو حدين إن لم نُحسن استخدامه؛ يتحول إلى وسيلة للهدم لا للبناء. وفي إطار تكريس مفهوم العولمة والقضاء على مفهوم الدولة الوطنية ومحاربة التعددية الثقافية، كانت التكنولوجيا هي وسيلة الدول المتقدمة للغزو الثقافي، ونشر قيمها الجديدة التي تتعارض بشكل قاطع مع القيم الاجتماعية والأخلاقية التي تقوم عليها الدولة الوطنية.. فتحولت العولمة من وسيلة لخلق حوارًا فعالًا بين الحضارات والشعوب إلى وسيلة أكثر فعالية في نشر القبح والفن البطال! ومع بداية الألفية الجديدة ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي كألية للتواصل بين الشعوب والثقافات بعيدًا عن التصادمات. لكنها كانت أداة للغش وتشويه النظام القيمي. فأحدثت انقلابًا فجًا على كافة القيم الاجتماعية الوطنية، وشككت حتى في الثوابت الأخلاقية والدينية.
ولاقت هذه البرامج استحسانًا كبيرًا بعدما نجحت في الحشد الشعبي ضد الأنظمة العربية، وأطاحت بكثير من نظم الحكم. في اطار دعوتها لما يسمى بثورات الربيع العربي، تلك الثورات التي أعادت بلدانها اقتصاديًا وسياسيًا إلى المربع صفر.. وتحتاج إلى عشرات السنوات لتنهض من كبوتها.. إذ تحولت تلك الأحداث من ثورات للتحرر إلي خيبات لا تزال الشعوب التي احتشدت في الميادين تدفع حتى الآن فاتورتها! وبدأت تلك البرامج بالفيس بوك وتويتر ثم إلى برنامج التيك توك الذي تحول بمرو الوقت من برنامج لعرض المواهب والقدرات والأفكار إلى وسيلة فعالة للتسول الر قمي والقبح الإلكتروني والفن البطال. ومع غياب القدرة على التيقن من الحالة المادية لمن يخرج في بث مباشر طالبًا الدعم من كافة بقاع العالم، أصبحت منصة تيك توك وجهة للمتسولين ومدعي الفقر من كافة بقاع الأرض، وذلك وفقًا للتقرير الذي نشره مركز الأعمال وحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ففي عالم يقع 44 % من سكانه تحت خط الفقر بلغ عدد المستخدمين لمنصة تيك توك أكثر من 1.9 مليار مستخدم!
وتحولت المنصة من نافذة لعرض الأفكار إلى ملاذ لجمع التبرعات. وخلال سنوات قليلة تحولت هذه المنصة إلى وسيلة للثراء السريع والتربح من خلال الترويج لكل ما هو قبيح ومُجرَّم اجتماعيًا وأخلاقيًا ودينيًا..
ولاقت هذه المنصة إقبالًا كبيرًا من فئات الشباب التي تمتلك طاقات واسعة وطموحات كبيرة ورغبة عارمة في الثراء السريع، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها بلدان العالم الثالث. مستغلة في ذلك الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي يشعرون بها، والتي تؤدي إلى تعرضهم لمشاعر الإحباط والاكتئاب في أوقات كثيرة؛ وتدفعهم إلى ممارسة أعمال فنية هابطة أو بطالة، لمجرد تفريغ شحنة الاكتئاب أو الإحباط، ومحاولة الهروب من واقعهم المأزوم. وإذا كان الفن البطال هو عمل فني يتناقض من حيث المضمون مع المعايير القيمية، ومن حيث الشكل مع المعايير الجمالية. فإنه لا يختلف كثيرًا عن المشي البطال، الذى نقصد به السير في طريق الباطل، وفي كل ما هو مخالف للعادات والتقاليد والأعراف والقيم النبيلة والبناءة..
وكما أن هناك فن بطال فيه أيضًا إعلام بطال. يضم زمرة من مدعي الإعلام، لكل واحد منهم حاسبه الخاص على منصات التواصل الاجتماعي، يعرض من خلالها بضاعته القذرة التي تداعب المشاعر والغرائز، وتحرك الجماهير المغيبة من الشباب وتدفعهم للمتابعة والكبس. فإذا كانت الغاية هي الشهرة والمال، فالغاية وحدها كافية لتبرير الوسيلة.. والذي يخلو إلى حسابه ومنصته الإلكترونية دون حياء أو حساب أو رقيب؛ فليصنع ما يشاء! وفي إطار مواجهة هذا السيل الجارف من الرسائل القبيحة التي يبثها رواد منصات التواصل الاجتماعي وبخاصة التيك توكرز، وتورط بعضهم في بعض الأعمال المنافية للقانون كالاتجار بالأعضاء وغيرها.
فقد حصلت الشرطة المصرية الأيام القليلة الماضية على وسام وطني وشعبي وتاريخي جديد، حين تصدت بقوة لهذا المنصات التخريبية وهذا النوع من الفن والإعلام البطال، وطاردت وقبضت علي عدد كبير من مشاهير التيك توكرز، وأغلقت افواههم العفنة التي نشرت ذبابا قبيحًا أفسد الفضاء العام، وعكر أمزجة المصريين! وحان الوقت أن تُكمِل الشرطة دورها بالتعاون مع باقي الأجهزة المعنية والنقابات في إغلاق منظومة الفن البطال التي يقودها نمبر 1,2,3 وحمو بيكا وشاكوش وكسبرة وكعبرة وأشياء كثيرة أخرى، صارت جميعها خنجرًا مسمومًا في عنق منظومة القيم.. والتهمة خطيرة مفادها إفساد الذوق العام ومحاولة قلب نظام القيم، والتي لا تقل خطورة عن تهمة محاولة قلب نظام الحكم.. فنظام القيم والنظام السياسي مدخلان أساسيان للحفاظ على الهوية، والتفريط في الهوية في ذاته جريمة لا تغتفر، تنال من شرف الوطن وتاريخه واستقراره وهيبته إقليمًا ودوليًا! وعلى الدولة أن تعلم أن أولئك المقيمين في الساحل الشمالي الطيب والشرير من التيك توكرز ورموز الفن البطال، يجمعون الأموال والهدايا مقابل افساد أدمغة الشباب، وهدم القيم المصرية الأصيلة، وتشويه الوجه الحضاري المصري. فمصر العظيمة التي قدمت للعالم أم كلثوم وحليم وعبد الوهاب لا يليق بها أن تقدم للعالم والتاريخ أمثال هؤلاء! المثلث ناقص ضلع طبيعة العقل الخائن! وعلى أية حال فعلى الدولة أن تغلق بالقانون منظومة الفن البطال وأن تعمل على استعادة القيم الوطنية والفنية والاجتماعية الضائعة.. وعلى الشعب أن يغلقها بالوعي وتعلم أساليب الانتقاء والفرز.. [email protected] ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا