لا تشكل معركة ترامب العنيفة ضد جامعة هارفارد العريقة والتي تأججت بقوة بعد قراره الأخير بتجميد أكثر من 2 مليار دولار من المنح المخصصة للجامعة، وعدة قرارات أخرى كإلغاء الإعفاء الضريبي الممنوح للجامعة، ومنع برنامج زيارة الطلاب الأجانب، لا تشكل مجرد معركة حول تقليص النفقات، أو لعقابها على انتشار معاداة السامية على حتى زعم إدارة ترامب. بل هي في واقع الأمر معركة كسر عظام حاسمة ترمى إلى تقويض الحريات الليبرالية، واستقلال التعليم والمؤسسات بصفة عامة، والإجهاز على التنوع العرقي والثقافي، وحركة الهجرة الثقافية والأكاديمية، وأيضا تقليص الدعم والإنفاق الحكومى على التعليم. وكل ذلك يدور أو يخدم مسعى ترامب الرئيسي تفكيك الدولة العميقة التي لا تزال تشكل عائقا قويا لتنفيذ أجندته ورؤيته الشعبوية غير الديمقراطية، بل يمكن اعتبار استهداف النظام التعليمي الأمريكي الحلقة الحاسمة في مسألة تفكيك الدولة العميقة. واختيار ترامب هارفارد بالاستهداف ليس عشوائيا، بل متعمدًا باعتبار هارفارد ليس فقط أعرق جامعة أمريكية بل من أعرق جامعات العالم، وملهمة بشدة لجميع الجامعات الأمريكية، فمعارضة حرب فيتنام على سبيل المثال انطلقت منها ثم انتشرت في كل جامعات الولاياتالمتحدة، ثم إلى الرأي العام الأمريكي. تعد الجامعات الأمريكية تاريخيا وعلى رأسها هارفارد ويليها كولومبيا، مركزا شديد النشاط لحرية التعبير والفكر، والحراك الفكري والسياسي والأيديولوجي بصورة ربما غير موجودة في الصحافة الأمريكية والوسيط السياسي التقليدي، فالجامعات الأمريكية تعج بأنصار جميع التيارات الفكرية حتى اليسارية في مناخ من الحرية والاستقلالية.. وعلى إثر كل ذلك أخرجت هارفارد بالتحديد الكثير من السياسيين الأمريكيين وبينهم رؤساء. كما تعد أيضا عاكسا مصغرًا للقيم الليبرالية الأمريكية والمجتمع الأمريكي أيضا لاسيما التنوع العرقي والثقافي، وقبول الطلاب المهاجرين "النوابغ" من جميع أنحاء العالم. وكانعكاس أو كنتيجة للتحول المجتمعي الواسع داخل الولاياتالمتحدة، حيث تنامى كبير "اللملونين" على حساب البيض؛ بدأت الجامعات الأمريكية في العقد الأخير تشهد تنامى واضح للتيار اليساري حتى من قبل البيض الأمريكيين خاصة من أنصار الحزب الديمقراطي، وتعاطف متوازٍ مع حركات حقوق الأقليات خصوصا السود.. والأخطر هو تنامى التعاطف مع القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين ومعارضة قوية للدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، وهو ما برز جليا في الاحتجاجات القوية في جامعة هارفارد ضد حرب الإبادة في غزة. ومع تلك المعطيات الخطيرة، فضلا عن أجندة ترامب الشعبوية ومسعى تقويض الدولة العميقة؛ قد ارتأى ترامب أن تقويض هارفارد أمسى ضرورة حتمية ولا يحتاج الأمر إلى محلل عبقري لاستنتاج ذلك، واستنتاج أيضا تصور ترامب لهارفارد وجميع الجامعات الأمريكية العريقة وهو تحويلها إلى نادى تعليمي للنخبة البيضاء الثرية التي تشكل القاعدة أو الحاضنة الشعبية الرئيسية له. أي بعبارة أخرى، حرمان جل أبناء الأقليات والمهاجرين-حتى العباقرة منهم- من التعليم فيها، وحصر دور هذه الجامعات في التعليم فقط. معركة ترامب ضد هارفارد والتي هي ضد النظام التعليمي برمته ليس معركة سهلة على الإطلاق، وهو ما يتبدى بجلاء من معارضة جامعة هارفارد الحاسمة لقرارات ترامب خاصة قرار تجميد المساعدات، والتهديد باللجوء إلى القضاء، والأخير بدوره بدأ يشكل عائقا كبيرا لترامب إثر تعليق قرار وقف زيارة الطلاب الأجانب. وخلف ذلك أو الداعم الأكبر لذلك، صوت المعارضة الأكاديمية الذى بدأ يعلو صوته ضد ترامب، لأنه يرى أن المعركة لا تقتصر على هارفارد بل ترمى إلى تقويض الحرية الليبرالية ذاتها، والاستقلال الأكاديمي. فضلا عن التداعيات الكارثية لذلك والتي من أخطرها، حرمان الجامعات الأمريكية من الكفاءات الأكاديمية المهاجرة سواء طلاب أو أساتذة، وتدهور البحث العلمي بسبب تقليص الدعم، وتدهور سمعة الولاياتالمتحدة عالميا باعتبارها الواجهة الأولى المفضلة للتعليم للأجانب.. وعلى المستوى المجتمعي سيشكل ذلك تهديدا خطيرا للسلام الاجتماعي ومنع التمييز إثر سياسة التمييز التي يسعى إليها ترامب داخل الجامعات مع حرمان أبناء الأقليات والفقراء من تلقى التعليم الجامعي في أفضل الجامعات الأمريكية. الردع النووي في معادلة الصراع الهندي الباكستاني ترامب والعد التنازلي للديمقراطية الأمريكية خلاصة القول، معركة ترامب ضد هارفارد معركة حاسمة لكل من ترامب وهارفارد باعتبارها من مقدمة الجبهة للتعليم الجامعي برمته، ومن الصعب الجزم بمن سيحسم المعركة لصالحه، إذ يبدو أنها ستكون معركة صعبة وطويلة، لكنها بأي حال من الأحوال سيترتب عليها بعض التداعيات السلبية بلا شك حيث ستنال من حرية الاستقلال الأكاديمي وحرية التنوع والعمل السياسي داخل الجامعات الأمريكية بقدر ما. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا