لم ينته الجدل في مسألة العقل والنقل على مر العصور والأزمنة، وعلى الرغم من الاختلافات إلا أني أراها ظاهرة صحية فالتفكير والتأمل ومحاولات المعرفة هو ما حثنا عليه الخالق، فالتفكير والتأمل فريضة من الله وسنة كل الرسل والأنبياء. إن مثل هذه النقاشات لا تكتفي بإثارة قضايا فكرية مهمة، بل تفتح الباب أيضا أمام إعادة تأويل مفاهيم مهمة مثل ثقافة الاختلاف ورقي الحوار، كذلك مفاهيم مثل قدسية الموروث وقدرات العقل البشري، هذه النقاشات ربما لا تقدم إجابات نهائية يتفق عليها الجميع؛ بقدر ما تقدم نموذجا لرقي الحوار واحترام الرأي الآخر بكل أدب ومودة، كذلك تعزِّز الجرأة على التفكير النقدي الفعّال، ولا بأس طالما كان المطروح متعلِقا بالشأن العام للمجتمع بطبيعته الحالية ومعتقداته الدينية والفكرية المختلفة.
وطالما كان الجدل بُغية المعرفة التي تخدم الإنسان أينما وُجِد، وليس من أجل إعلاء رأي فوق رأي الآخر أو إقصائه بالكلية، لذلك أنا لا أعارض أبدا التفكير العقلي -كما يعارضه المتشددون- فكيف لي أن أعارض استخدام أداة خلقها الله فينا وحثَّنا دائما في قرآنه الكريم على التفكير الدائم لطلب المعرفة لإدراك آيات الله في نفس الإنسان، ثم التأمل في الكون وهل يكون التأمل إلا بالعقل..
وقد تأكد للجميع أن القرآن الكريم هو المؤسس الوحيد لنموذج أوحد جاء ليعيد تعريف الإنسان ككائن معرفي في علاقته بالوجود وبالخالق وقد تجلى ذلك في الآيات القرآنية التي تحث الإنسان على النظر في خلق السماوات والأرض، وفي النفس البشرية كما جاء في قوله سبحانه في سورة فصلت الآية 53:{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}..
وفي إطار حثه على العلم والمعرفة والوعي جاءت آياته الأولى التي نزلت على النبي الأمي في بداية البعثة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } (سورة العلق).. أليست هذه دعوة صريحة إلى القراءة والتعلُّم والمعرفة، معرفة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالخالق كمصدر واحد أحد للوجود بكل ما فيه..
وهل كان للخالق أن يخلق الأنسان ويلقى به على هذه الأرض وفي الكون الفسيح وهو لا يملك الأدوات التي تساعده على التعرف على تلك الحياة الأولى، ألم يُعلّم الله آدم الأسماءَ كلها وهي الخطوط العريضة للبدء في السير في الحياة الدنيا من البداية وحتى النهاية..
الله خلق العلم في داخل الإنسان ولكن بالتفاوت بين كل انسان وإنسان وبين كل جيل وجيل وبين كل عصر وعصر، هذه مشيئة الله، فالله يخلق الأسباب التي توصل العالم إلى علمه ليخدم البشرية عموما فالله هو خالق كل البشر منذ آدم وحتى قيام الساعة، الله لم يختص بعلمه المسلمين فقط ؛ كلَّا بل خلق الله العقلَ والعلمَ للناس كافة، الكافر به والمؤمن.. الله علَّم الإنسان ما لم يعلم ثم قال: "وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"، وقال أيضا: "وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ".. هذا هو المنطق القرآني العقلاني..
لذلك من المؤسف أن تجد مَن "يشطح" ويبالغ في استعمال العقل عن سوء نية وضعف إيمان ودهاء ومخاتلة لخدمة أعداء لهذا الدين! حتى يأخذه عقله إلى إنكار ثوابت في الدين، أو يأخذه عقله إلى براثن الإلحاد وإنكار وجود الله تماما! فنحن لم نؤمن بالله بالعقل المجرد لأن جوانب كثيرة في إيماننا هي غيبيات لذلك آمنا بالقلب والوجدان والفؤاد وبالعقل أيضا.
والمؤمن الحقيقي لا يُنكر التفكير العقلاني الذي أمرنا الله به، لكن لا نقيس كل شيء في العقيدة والوجود بالعقل البشري المحض خاصة إذا تملَّكنا الهوى والشيطان لنهاجم بالعقل من خلق فينا العقل ونقول ما قاله قدماء المنكرين حين قالوا: أساطير الأولين اكتتبها ثم قالوا: أنؤمن كما آمن السفهاء! وما أشبه الليلة بالبارحة البعيدة حين قالوا: إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين!. الله ذكر أولي الألباب أي أصحاب العقول التي تفكر، ذكر كلمة الألباب "ست عشرة مرة" وكلمة ألباب مفردها لُب وهو العقل مركز التفكير والأدراك والوعي، وفي الآية التالية ربط الله فيها بين العقل والحكمة فقال في سورة البقرة الآية رقم 269: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}..
اصطباحة توكتوكية وكيف للعقل البشري أن يتطاول على خالقه
أليس هذا وغيره دليل كاف على عدم تعارض النص مع العقل ومع العلم، فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلّكم تفلحون. تنبيه: بين ضجيج التنويرين المصطنع وخطاب المتشددين الصاخب؛ تشكَّلت ثقافات غريبة كانت وما زالت؛ عبئا ثقيلا على مجتمعٍ لاهٍ في سعيه الدؤوب ليلحق بلقمة العيش. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا