الحديث في مسألة العقل والنقل قديم ومتجذر في تاريخ الفكر الديني وليس حديثا أو طارئا، ولم يتوقف هذا الجدل وربما الصراع في ميدان العقل والنقل وفي إطار قطعية الثبوت وتعدد التأويلات، وبين إشكاليات التراث والسعي صوب الحداثة. ولأني ما زلت على يقين بقصور عقولنا البشرية، لأن الله قد خلقها وحدًد مهامها وسقوفها. كتبتُ ذات مرة أقول: قد يستمد الملحد قوته وحججه الواهية من شيوع الباطل الذي يتعارض مع الحق، وعليه فليست كل منتجات هذا العقل صحيحة.. وربما هذا المنتج العقلي صادر عن نيّات عدائية، وعن مقاصد مشبوهة غير بعيدة كل البعد عن مقاصد البحث عن الحقيقة، دائما ما يستخدم أولئك الذين يعتقدون أن الدين يُجانب العقل والمنطق وبعيد كل البعد عن العلم والتفكير العلمي، وهذه كلها حجج واهية..
فالدين الإلهي لا يصح أن نزنه بميزان العقل البشري القاصر، الدين الإسلامي خارج كل تلك المعايير، ولو نظرنا للقرآن الكريم لوجدنا أن الله تحدث عن مواقف وسرد لنا قصصا لا يمكن للعقل البشري استيعابها، وهي بالطبع ضد قصور العقل البشري، فكيف لهذا العقل أن يستوعب فكرة نجاة النبي إبراهيم من النار التي تحولت إلى برد وسلام عليه وعلى مرأى جمعٍ من الناس رأوها بأعينهم ولم يرها عقلهم الجمعي.. وكيف للعقل البشري أن يتفق مع نص قرآني يحدثنا عن فلق البحر ليمر النبي موسى وقومه هربا من فرعون، وكيف يستوعب العقل البشري أن تحمل السيدة مريم وتلد الطفل عيسى -الذي تكلم مع الناس وهو في المهد- ولم يمسسها بشر! وبناء عليه اتُّهمَت السيدة مريم بأبشع التُّهم، لأن عقولهم لم تستوعب معجزة الله حتى أن من آمنوا بعيسى لم تدرك عقولهم ما حدث، فلم تستوعب أن يكون عيسى إنسانا نبيا! وغيرها من المعجزات والأحداث الخارقة لعادة وأُفق العقل البشري الذي اتهم النبي محمد بالجنون وبالسحر، لأن عقولهم لم تعترف بقصورها فقالوا عن رسالة محمد؛ ما هي إلا أساطير الأولين اكتتبها وهي تُملى عليه بكرة وأصيلا، وظلوا عاكفين على عبادة الأصنام والحجارة وتماثيل العجوة فقط لأنها صناعة يدوية تراها أعينهم وتدرك وجودها عقولهم كمن يعبد البقر والحجر والشمس والشجر! أما ما جاء به الأنبياء والرسل فكلها معجزات إلهية لا يمكن للعقل أن يتصورها ولا يمكن للعلم البشري أن يُقر بها، فلا يؤمن بها إلا يقين القلب المؤمن والعقل المقر بقدرة الله جل شأنه ومؤمن بالغيبيات وبما لم تره عين ولم تسمعه أُذن ولم يخطر على عقل بشر.. وكما حاجج النبي إبراهيم الملك النمرود:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (البقرة 258).. وصدق الله حين قال في سورة الحج الآية 46:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. لاحظ كلمة قلوب يعقلون بها ولم يقل عقول يعقلون بها، مما يؤكد أن أفق القلب وسعته وإدراكه وتعقله وفقهه أقوى من العقل بكثير، ثم يكمل الله ويقول إن المشكلة ليست في عمى الأبصار ولكن الكارثة في عمى القلوب التي في الصدور. وكان كيد الشيطان ضعيفا قرآنا عربيا لعلكم تعقلون من المؤكد أن كلا منا يبحث عن ذاته، فمِنَّا من وصل وعرف ذاته فعرف حدودها وارتباطها بخالقها وبالحياة فهدأت نفسه واطمئن قلبه وعقله.. ومِنَّا من لم يصل بعد وما زال يبحث بأدوات صحيحة -عقلا ونقلا- وربما بأدوات غير صحيحة -عقلا ونقلا-.. ومِنَّا مَن تفرَّقت به السبل فضَلَّ الطريق الصحيح وما زال تائها وكان أمره فرطا. "وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور". والله يهدي من يشاء من عباده إلى طريق الحق في الحياة الدنيا، وعند الله تجتمع الخصوم ويتواجه المختلفون. [email protected] ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا