مساحة لشخصيات من لحم ودم، فيهم الصالح والطالح، من يستحق التقدير والتعظيم ومن يستحق النقد والتقويم ، هنا نوزع السخرية باليمنى وباليسرى على السادة المحترمين وغيرهم. جزى اللهُ الشدائدَ كلَّ خيرٍ عَرَفْتُ بها عدُّويَ من صديقي جزى اللهُ الشدائد كلّ خيرٍ لأنها وحّدت المصريين وألّفت بين قلوبهم ولو أنفقنا ما في الأرض جميعا ما كان لنا أن نعود كما عُدنا !! ثم جزاها الله كلّ خيرٍ لأنها أيقظت الشعور العربي كله وأذكت جذوة القوميّة العربيّة وجعلت كلّ عربيّ مخلص يتحسس قلبه ورأسه ويصرخ: وامصراااه، ليَصْدُقَ عليهم ما قاله عمّنا الخالد حافظ إبراهيم في العام 1921م متحدّثًا عن مِصر: أنا إنْ قدَّرَ الإلهُ مماتي لا ترى الشرقَ يرفعُ الرأسَ بعدي !! عاد الشعور العربي بعروبة مصر التي يريد الآخرون محوها أو وأدها ليخلو الجو لإسرائيل كي تنوب عن أمريكا وأوربا وكلّ قوى الشرّ في استعبادنا واستغلال مواردنا وطاقاتنا، ولأن للمواقف رجالها فإنّ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عاهل السعودية لم يتردد في إعلان موقفه الشجاع مما يدور على أرض الكنانة،في الوقت الذي يضع فيه آخرون رءوسهم في الرمال، ويديرون أعينهم بين الفضائيات الغنائية والدرامية إمعانا في التغاضي والنسيان، والأدهى من ذلك والأمَرُّ أن تكون إحدى رءوس المؤامرة ضد مصر دويلة عربية اسمها خَطَر ( لا يليق أن يبقى اسمها قطر ) تشبه الدّمل أو الزائدة الدودية ولا تعادل شارعين في العاصمة السعودية، ويقل عدد سكانها عن عدد تلاميذ عائلة عيّاد في مرحلة الحضانة ( ما قبل الدراسة الابتدائيّة ) كما أشرت سابقًا. مِصرُ في شدّةٍ ومحنةٍ قاسية، فالحربُ التي تخوضها ضدّ التنظيم الإرهابي الخائن وذيوله وزبانيته أقذرُ من كلّ حروبنا التي خُضناها ضدّ عدّونا المزمن والأوحد.. إسرائيل والصهيونية العالمية بقيادة البيت الأسود الأمريكي. حروبنا ضد العدو الإسرائيلي ومستبدّي الغرب، كانت هناك على الحدود، أي داخل ملعب معلوم المعالم والتفاصيل، كنّا نقولُ: أرض المعركة، أو الجبهة، أو خطّ النار، وكانت سيناء دائمًا هي المسرحُ أو الملعب الذي تدور عليه الوقائع والبطولات، بينما حربنا الآن مع كائنات خائنة ارتضت أن تكون علينا لا أن تكون لنا، كائنات تخرج من حيث لا نحتسب إلى حيث لا نحتسب وفي الوقت الذي لا نحتسب، لتمارس التدمير والتخريب والقتل والترويع والنهب، هي بالضبط مثل الخلايا السرطانية التي تثور داخل الجسد الواحد فتنهكه وتفسد ما حولها من خلايا نقيّة صالحة للبقاء والنمو، هذه الحرب الفاشية الغاشمة تتدثّر بعباءة الدين والدين منها براء، ويتمضمض مشعلوها الخونة باسم الوطن والوطن يخجل من انتمائهم إليه وينكّس رأسه عاضًا أصابعه لأنه أنجبهم ذات ليالٍ سوداء، إنهم ألد الأعداء وأقذرهم وأحطّهم، هم يعملون بالوكالة عن إسرائيل ولصالحها، مدعومين بأموال الدويلة العربية المنحطّة وقناتها الإخبارية الأكثر انحطاطا وانحيازا وتآمرًا، وتحت ظلال الدعم الأمريكي اللا محدود، إعلاميّا وسياسيا، وتخطيطا وتوجيها، وتحت غطاءٍ من العَمى الأوربي المثير للدهشة، فما تقوم به ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وبقية دول الاتحاد الأوربي شيء أكبر من العبث، وأضخم من الهيستيريا !! هؤلاء الذين عاشوا يثرثرون بالديمواقراطية والعدالة والكرامة وحقوق الإنسان، لكنهم، يا وِلداه، لا يرون ما فعله الإخوان بمصر في عام واحد، ولا يرون ما يدور على أرضنا الآن من إحراق للمساجد والكنائس وتخريب الممتلكات العامة والخاصة والقتل والترويع والتهديد والوعيد، السيدة كاترين أشتون يتملّكها توترٌ خفيّ فأشعر أنها تجلس ونصف تركيزها مع ما يدور حوله الكلام، والنصف الآخر مشغول بالبحث عن مكان تبيض فيه !! ما رأيت المذكورة مرّةً إلا وباغتني هذا الشعور، هي على ذمةِ عدة أفكارٍ في آن واحد، ولهذا لا تسير خطواتها في اتجاه واحد لآخره، أي لا تُنهي أية بداية، كلّ بداياتها منذ أن وطأت قدماها مطار القاهرة وإلى اليوم ما تزال مفتوحة !! أمّا أوباما الأعمى فقد ترك يديه ورأسه لُعبة في يدِ مَن يسحبُه، وبغباء شديد ورعونة غير مسبوقة أسلَمَ عقله للحيّة الرقطاء آن باترسون، وهي مثله تتميّز بغباءٍ فطري لا ينافسها فيه سوى زملائها في الإدارة الأمريكية البائسة التي أصبحت كلها بفعل الثورة / الصفعة المصريّة تعاني حَوَلا فجائيا لن يغادر أعينهم وعقولهم إلا بالموت ! أوهمت آن باترسون أوباماها الغلبان أن الموجة الإخوانجية هي الأقدر والأنسب على حمل الأمنيات الأمريكوسرائيلية إلى برّ الأمان، ومن تلقاء غبائها وجدت أمانها وراحتها النفسية في الجلوس مع الطبيب البيطري مرشد الإخوان الذي لا يعرف الفرق بين السياسة وبين توليد جاموسة، وعلى الطريقة الحيوانية راحوا يخططون معًا الإخوان والإخوان الأمريكان من أجل التمكين الذي يُفضي في النهاية إلى تمزيق مصر وجعلها سبعين قطعة على مقاس فم إسرائيل، وشاءت الظروف الهباب أن تتلاقى الإرادتان معا ( الإرادة الإخوانجية وقرينتها الأمريكاخوانجية ) فالإخوان يكرهون التاريخ لأنه يفضحهم ولا يرحمهم، ويكرهون الجغرافيا ولا يعترفون بمصر وطنا ويرون وطنهم موزّعا على خريطتهم العالمية الوهمية، والإخوان الأمريكان يكرهون التاريخ إذ لا تاريخ لهم، وإذا ما قورن بتاريخ مصر سنقولُ لهم: عفوا.. لكي تبدو المقارنة صحيحة وملائمة فلنقارن تاريخكم بتاريخ سلسلة مطاعم فول التابعي الدمياطي، كما يكرهون الجغرافيا إذ يشعرون بعقدة الذنب تجاه الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين، وكلما نظر الأمريكان إلى خريطتهم على اتساعها وجدوها تنزّ دماءً وتخترقها صرخات الأبرياء من تحت ركام الأيام وحطام المقابر الجماعية ! التقت الإرادتان، ورأى شياطين الإخوان وشياطين الأمريكان بقيادة أوباما الأعمى أن يعصفوا بمصر.. تاريخها وجغرافيتها، لكنهم لم يضعوا هذه الملايين في حسبانهم، ربّما أوهمهم الطبيب البيطري إيّاه أن هذه الملايين ليست سوى قطعان من الخرفان المنسحقة التي تتخبّط في ذيول خرفانه، وأن هذا الشعب قد مات موتًا أبديا وانتُزِعت منه روح الثورة وجذوة الحياة، ولم يكونوا يدركون حجم النار التي تحت الرماد، فأوزعوا لمندوبهم في قصر الاتحادية أن يفعل ما يريدون ( ولكن باسمه وتوقيعه وصوته البائس )، وليقول أنا فرعونكم الجديد أو أنا ربكم الأعلى ( جلّ الله في عُلاه وتقدّست أسماؤه )، وفي أقل من شهر هبّ الشعب المصري العظيم هبّتَينِ مكملَتَينِ لثورتِه الأولى ليستعيدها من أنياب الإخوان ويقلب الموازين ويدوس نظريات علماء الاجتماع تحت أقدامه، وليخرق كل تنبؤات أجهزة الاستخبارات ( الاستحمارات ) الأمريكية والغربية والإسرائيلية، وليقذف بجماعة الإخوان المجرمين ومندوبها الرئاسي الهزؤ في مزبلة التاريخ، ثم يعود الشعب المصري ليمارس عادته الأصيلة وهي صناعة التاريخ "على نضيف ". هل سيفرح أوباما ويجلو الصدأ عن عينيه وقلبه وينحني لإرادة الجماهير التي يثرثر بها ليل نهار ؟ هل سينحاز الغرب الكذاب إلى أمنيات ملايين المصريين وأحلامهم بمستقبلهم على أرضهم ؟ هل سينحني القرد الأردوغاني التركي ويقول: تمام مصري أفندي، ويجر لسانه خارج حدودنا ؟ وهل سيفرح لنا لئام قطر الذين يشترون كلّ شيء بالمال لكنهم لم يستطيعوا عندما أرادوا أن تكون لهم كرامة أو أن يكون لهم تاريخ، ووجدوا ذلك صعب المنال ومن الأشياء التي لا توجد بالأسواق أو المزادات ووجدوا ملياراتهم لا تساوي ذرة تراب تحت قدم طفل يلعب فرحا مختالا بجوار الأهرامات المصرية الخالدة ؟ انكشف أوباما،وهرول كالمبلول يصرخ في كلّ الخدم والعبيد الذين يعملون تحت قدميه، في تركيا وفي قطر وفي أوربا وأفريقيا، وانطلقوا جميعا في مهاترات طائشة أفرغوا فيها أطنانا من الكلام الفارغ العابر للقارات، كلام له طنين مثل طنين الذباب، أصوات مزعجة خالية من المضمون، فيها الزعيق والنهيق والنقيق، ولكنها مرّت مرّ التثاؤب، لم تحرّك فينا شعرة، ولم تُثنِ لنا عزما، هي مقلقة ومزعجة، لكننا تعودنا الضجيج، فلتكن هذه المهاترات نوعا من الكلاكسات التي يطلقها عابرو شوارعنا على مقاعد التوك توك، أي: حصيلة الحزق الأمريكي والأوربي والإسرائيلي والتركي واللا مؤاخذة القطري.. لا تزيد عن كلاكسين أو ثلاثة أطلقها عيّل مارق اختلس التو توك من خلف ظهر أبيه وراح " يكلكس " في الشارع !! وزاد من آلام أوباما رد الشارع المصري على تهديده بقطع المعونة، ثم إلغاء مناورات النجم الساطع ( طالبت بالغائها هنا في العدد 79 في 30 يوليو ). أما الصفعة التي وجهها خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى القوى المعادية للحلم المصري، فقد جاءت في وقتها بالفيمتو ثانية،وكانت بمثابة التحبير للصفعات المصرية التي توالت طرقعاتها على قفا أوباما والمذكورين أعلاه، موقف الملك عبد الله رفع السقف من فوق رءوس أشقّاء آخرين كانوا يئنون تحت وطأة الموقف وقسوته،وبعد أن أعطاهم الملك عبد الله القدوة والقوة تتابعت الإرادات العربية الصادقة تؤازر مصر علنا وبشجاعة، لتقول للجميع: أنا وابن عمي على الغريب، والغريب هو كل مَن يعتدي على عروبتنا وقوميتنا وأحلامنا بمستقبلنا في بلادنا، توالت الصفعات من الإمارات والكويت والأردن..... إلخ، ليتضاءل أوباما أكثر وأكثر، وليشعر أنّ الشعوب التي ظنّ أنه وضعها في حضّانته وأغلق عليها، هي شعوب ذات كرامة وتعرف قيمة الوطن ومعناه، وأنك يا سيد البيت الأسود لن تظلّ وصيّا علينا مدى الحياة فمستقبلنا ملك لنا، نصنعه بأيدينا وبإرادتنا وتحت سقف بيتنا. بموقفه الشجاع الواثق، أحيا الملك عبد الله بن عبد العزيز المواقف التاريخية الناصعة لأخيه الملك فيصل يرحمه الله، فبالرغم من الخلاف الذي وصل إلى درجة العداء بينه وبين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر،إلا أنه فيصل قفز كل الخلافات عندما حدثت هزيمة 1967م،وفي مؤتمر القمة العربية في الخرطوم تعهَّد بتقديم معونات مالية سنوية حتى تزول آثار الحرب على مصر، وبمجرد أن اندلعت حرب استرداد الأرض والكرامة في العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر 1973م، قاد الدول العربيّة المصدرة للبترول لكي تقوم بقطعه وإيقاف تصديره إلى كل الدول التي تساند إسرائيل، وكان هذا الموقف من أهم أوراق الضغط على تلك الدول، وسيظل مثلا أعلى لوحدة الدم والموقف والمصير، ويومها قال الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الإمارات العربيّة، يرحمه الله قولته الخالدة (المأثورة)"إن البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي "،وها نحن في معركة جديدة وفي " شِدّة " عظيمة، كان من أعظم أفضالها برغم كل الآلام والجراح والنزيف أنها وحّدت المصريين أولا،وألّفت بين قلوب الجميع مسلمين ومسيحيين في مواجهة عدو خائن وماكر هو الإخوان المجرمين ومَن والاهم، ثم امتدت أفضال هذه " الشِّدّة " إلى لحظة فرز استثنائية نعرف فيها العربي الأصيل من العربي المخنّث، نحن في موقف لا ينفع فيه الحياد، ولا يليق فيه اللعب في المنطقة الوسطى أو ال " بينَ بينَ "،أنت كمصري أو عربي إمّا أن تكون مع أو تكون ضد، أما الرقص بين ال"مع "وال"ضد "فليس من شيَم الرجال ولكنه من أخلاق الراقصات. والعجيب المدهش في لحظة الكشف والفرز هذه، أن تأتي السعودية والإمارات والكويت على رأس القائمة، ولذلك لن أقول إن التاريخ يعيد نفسه فهذا انتقاص من قيمة هذا الضوء، ولكنني أقول: إن الأصالة لا تموت، والنخوة لا تنطفئ، والرجولة لا تُباعُ أو تُشتَرى، جينات الأصالة والبطولة والشرف والرجولة تعرف الأرض التي تنبت فيها والعروق والدماء التي تسكنها، فالتاريخ هنا لا يعيد نفسه، ولكن الأصالة هي التي تسكنه وتسافر فيه شاء أم أبى. أدهشتني كلمة خادم الحرمين بكل معانيها، واستوقفني هذا المقطع منها:"ليعلم العالم أجمع، بأن المملكة العربية السعودية شعبًا وحكومة وقفت وتقف اليوم مع أشقائها في مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشئون مصر الداخلية، في عزمها وقوتها إن شاء الله وحقها الشرعي لردع كل عابث أو مضلل للبسطاء الناس من أشقائنا في مصر. وليعلم كل من تدخَّل في شئونها الداخلية بأنهم بذلك يوقدون نار الفتنة، ويؤيدون الإرهاب الذي يدّعون محاربته، آملًا منهم أن يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان فمصر الإسلام والعروبة والتاريخ المجيد، لن يغيرها قولُ أو موقفُ هذا أو ذاك، وأنها قادرة بحول الله وقوته على العبور إلى بر الأمان، يومها سيدرك هؤلاء بأنهم أخطأوا يوم لا ينفع الندم." ولكنني توقّفت مع جملة لها مغزاها العميق الذي سيسافر أيضا في شرايين الأيّام، تلك التي يقول فيها: " فمصر الإسلام، والعروبة، والتاريخ المجيد، لن يغيرها قول أو موقف هذا أو ذاك " فعندما يصف مصر ب "مصر الإسلام "قبل أن يصفها ب" مصر العروبة "، فإنه يبعث برسالته إلى العالم الإسلامي الأرحب ويقول له إن هذه الدماء التي تراق الآن الأولى لها أن تحمي لك إسلامك، ثم يأتي بالعروبة من بعد ليستنهض الآخرين، وقد حدث، أما رسائله إلى دعاة الفتن في الداخل والخارج، فأعتقد أنها وصلت وأطارت صوابهم، ولذلك نقول لخادم الحرمين الشريفين وكل العرب الأوفياء: شكرا لكم، وسنظل مدينين لكم بهذه المواقف، وسنبقى على العهد الذي عهدتمونا جنودا مدافعين عن إسلامنا وعروبتنا وقوميتنا، أما الصغار فهم أصغر من أن نلتفت إليهم أو إلى صغائرهم.