في مقال أمس طرحت سؤالًا في نهايته: هل نحن قادرون على استعادة التوازن بين الحداثة والقيم الأصلية في رمضان وفي غيره من الشهور والأيام؟! السؤال معقد ويحتاج إلى نظرة شاملة من زوايا عديدة؛ فالمصريون -مثل أي شعب- تغيرت عاداتهم بمرور الزمن بسبب عوامل اجتماعية، واقتصادية، وثقافية.. لكننا للأسف وصلنا لمرحلة أن ما يقدم على الشاشات من برامج ومسلسلات تسمى زورًا وبهتانًا رمضانية يصنع التفاهة والسطحية ولا أقول الدونية والانسلاخ من الهوية! للأسف تحوّل رمضان من شهر للزهد والتقوى إلى موسم استهلاكي ضخم، حيث يزداد الإنفاق على الطعام والشراب بشكل كبير، رغم أن روح الصيام الحقيقي هو الشعور بحرمان الفقير وممارسة التقشف والزهد في المباح فما بالنا بالمحرمات! في الماضي، كان رمضان يتميز بروحانيات وتجمعات عائلية تنشر الدفء والسرور بين أصحابها، بينما أصبح الآن موسمًا لعروض مسلسلات وبرامج ترفيهية تستهلك جزءًا كبيرًا من أوقات الناس وتصرفهم عن الأولويات. ورغم أهمية التكنولوجيا ووسائل التواصل فإنها عصفت بالتفاعل الحقيقي، فأصبح البعض يكتفي بتهنئة الأهل برسائل رقمية بدلًا من التزاور والتلاقي.. أما التكافل الاجتماعي زمان فقد كان أكثر بساطة وحميمية في رمضان ويتدفق بشكل مباشر بين الجيران والأقارب، أما الآن فقد خلا من العفوية والروح الأصيلة، بعد أن صارت تتولاه جمعيات خيرية أو لجان زكاة في المساجد وغيرها. عادات رمضان الآن اختلفت كثيرًا عن عادات زمان؛ فثمة تغيرات اجتماعية وتكنولوجية ضربت المجتمع، فشتان بين اللمّة العائلية التي كانت تجمع العائلات حول مائدة إفطار واحدة يوميًا، ويتشارك الجيران الطعام فيما بينهم.. ولا أنسى مشاهد المسحراتي الذي كان يجوب شوارع بطبلة ينادي الناس للسحور في القرية، وكنا أحيانًا نصحبه ابتهاجًا بهذه الأوقات، حيث يتجمع الأطفال في الشوارع ومعهم الفوانيس ينشدون أغاني شعبية. ورغم بساطة الموائد الرمضانية في البيوت حيث يجري تحضير الطعام والحلوى وخصوصًا الكنافة والقطايف في البيوت يدويًا قبل أن يعرف الناس الاختراعات الحديثة، لكنها كانت أشهى وألذ طعمًا؛ ذلك أنها تصنع في بيوت يملؤها الحب والتراحم. زمان كان الناس يصنعون بهجتهم بأنفسهم، فهناك التراث الشعبي والحكايات التي توارثتها الأجيال، تروى للأطفال فتدخل إلى نفوسهم السرور قبل أن تجتاح مسلسلات رمضان (رغم تحفظي على تلك التسمية) بيوتنا دون استئذان بقيم وعادات وسلوكيات تتنافى مع قيم الشهر الفضيل. أما الإعلانات فهي فاخرة تخاطب فئة أقل من 5% من فئات المجتمع، وهي تروج لمنتجات لا يقدر عليها السواد الأعظم من المصريين، فلماذا هذا الاستفزاز الذي صار ظاهرة ملحوظة، سواء في التلفزيون أو على وسائل التواصل الاجتماعي.. فماذا تفعل تلك الإعلانات سوى أنها تعزز الاستهلاك غير العقلاني وتلعب على وتر الرغبات والضغوط الاجتماعية، فتدفع الناس إلى إنفاق أموالهم على منتجات قد لا يحتاجونها فعلًا، مما يزيد نزعتهم الاستهلاكية في مجتمع يعاني أصلًا من أزمات اقتصادية. ثمة إعلانات كثيرة تروّج لمفاهيم خاطئة مثل أن النجاح مرتبط بامتلاك أشياء باهظة الثمن، أو أن القيمة الاجتماعية للفرد تقاس بما يشتريه وليس بشخصيته أو أخلاقه.. مثل هذه الإعلانات بما تقدمه من محتوى استفزازي أو غير أخلاقي تؤثر على الأجيال الصغيرة، وتجعلهم يعتادون على العنف اللفظي، أو المحتوى المبتذل، أو القيم المادية البحتة، مما ينعكس سلبًا على سلوكياتهم.. فضلًا عما تحدثه من تكريس للانقسام الاجتماعي؛ إذا تثير الطبقية أو التفرقة، باستعراض حياة الرفاهية بشكل مبالغ فيه، مما يزيد من الشعور بالحرمان لدى الطبقات الأقل دخلًا. ويبقى أن المجتمع بحاجة إلى وعي نقدي تجاه هذه الإعلانات والمسلسلات والبرامج، فضلًا عن تفعيل دور الرقابة بوضع ضوابط تضمن احترام الذوق العام والقيم المجتمعية، حتى لا يتحول الإعلام إلى مجرد أداة للربح على حساب الأخلاق والثقافة.
طبلية الغلبان في رمضان! القرار الصعب! ليتنا نحرص على تكريس ما ينفعنا، وألا نترك لزمرة لا تمتلك رؤية ولا حسًا وطنيًا ولا واعزًا دينيًا ولا حتى ثقافة أن تصوغ للناس ما يشاهدونه في رمضان من مسلسلات وبرامج أقل ما يقال عنها أنها تهدم أكثر مما تبني، تشتت الأذهان أكثر ما تحشد الطاقات والأفكار لمواجهة التحديات والمخاطر وما أكثرها وأعظمها في زماننا؟! ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا