سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حماس تعاني الانهيار بعد سقوط إخوان مصر.. "الشاطر" قدم منح مالية كبيرة لغزة.. "المعزول" فتح مكتبًا للحركة بالقاهرة.. الجيش دمر مئات الأنفاق .. وتركيا وقطر تخلتا عنهم
تعاني حركة حماس من أزمة العزلة والنزاع الداخلي، هكذا وصف "إهود يعاري" زميل ليفر الدولي في معهد واشنطن، ومعلق لشئون الشرق الأوسط في القناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلي، مؤكدًا أن الحركة تعيش الحركة في خضم إحدى أحلك الاختبارات التي مرت بها على الإطلاق، فعلى مدى السنة الماضية، تآكلت جميع أركان الدعم الرئيسية التي تستند إليها «حماس» بدرجة أو بأخرى في الوقت الذي باتت فيه الحركة منقسمة في الداخل بسبب الخلافات السياسية الحادة. فحماس قلقه بشأن احتمال تعرض قبضتها على السلطة في غزة للخطر في المستقبل، ويطالب العديد من قادة الحركة باتخاذ إجراءات فورية لتعبئة الرأي العام الداخلي كوسيلة لمواجهة التحديات المحتملة، وإصلاح العلاقات المتآكلة مع إيران وغيرها من الحلفاء. وذكر "أهود" أن آخر خسائر حماس وأكبرها حدثت في مصر، فقد تمت الإطاحة بالرئيس مرسي وهزيمة الحركة الأم - جماعة الإخوان في الصراع على السلطة في البلاد، ورأت حماس أن صعود الإخوان في مصر يعتبر مصدر قوة كبير لها مستفيدة من العلاقات الوثيقة التي تجمعها بقادة الإخوان في القاهرة ومن إقامتها تحالف فعلي مع الجماعة. وأكد "إهود" أن أحد كبار رموز الإخوان خيرت الشاطر- وهو مليونير أُدخل السجن من قبل الجيش – قدم تبرعات مالية كبيرة لحكومة غزة، في حين منح الرئيس المعزول محمد مرسي، رخصة لحماس، لكي تفتح مكاتب لها في القاهرة وسمح لعدد من قادتها، موسى أبو مرزوق، بالإقامة هناك. كما فتحت مصر معبرها الحدودي في رفح بطريقة أكثر سخاء بكثير من أي وقت مضى، وعلى نطاق أوسع- حسبما قال أهود- ورأت حماس أن مصر تحت قيادة جماعة الإخوان تعتبر ضامنًا لسيطرتها على قطاع غزة، ورادعًا ضد إسرائيل، وحليفًا ضد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وراعيًا جديدًا محتملًا في مسعاها للانضمام إلى حلقة الصعود الإقليمي للإسلام السياسي. وأشار يعاري إلى أن ما حدث في 30 يونيو في مصر كان بمثابة ارتداد سريع في هذا المسار، فالسلطات الجديدة في مصر تتعامل الآن مع «حماس» باعتبارها خصمًا معاديًا، وتتهم الحركة بتقويض الاستقرار في مصر والتحريض على قيام تدهور أمني سريع في شبه جزيرة سيناء. وقام الجيش المصري عمليًا بإغلاق الحدود مع غزة بشكل محكم، واقتصر على فتح معبر رفح بأدنى طاقته الاستيعابية ولفترات متقطعة، وأغلق فعلًا المئات من أنفاق التهريب التي حصلت «حماس» عن طريقها على العديد من السلع الضرورية لغزة- السيارات والأسمنت والوقود-. وقال يعاري:" للمرة الأولى منذ تولي "حماس" السيطرة على القطاع، تقوم المروحيات المصرية بجمع المعلومات الاستخبارية عن جنوب قطاع غزة بعد أن حصلت مصر على موافقة صامتة من إسرائيل. وادعت «حماس» أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمر مسؤوليه في شئون الاستخبارات بتشويه صورة الحركة من خلال تزويد مصر بوثائق مزيفة، ولإثبات ادعائها، قدمت «حماس» مذكرات تابعة ل "جهاز الأمن الوقائي" للسلطة الفلسطينية، زعمت أنها كانت قد اعترضتها. وأشار يعاري إلى أنه ربما تتزايد هذه التوترات إذا أدين مرسي في وقت متأخر بتهمة الترتيب لاقتحام سجن وادي النطرون في عام 2011، الذي يُزعم أن نشطاء مسلحين من حركة «حماس» داهموا مبنى السجن وساعدوا مرسي وغيره من المعتقلين على الهروب، الأمر الذي أسفر عن مقتل عدد من أفراد الأمن المصري أثناء العملية. أما بالنسبة للخلافات الإقليمية الأخرى فيقول يعاري:" بالنسبة لحماس، فقد أعقب خسارة مصر وقوع انتكاسات هامة أخرى للحركة تسبب فيها إلى حد كبير موقفها من الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، ومن خلال وقوفها إلى جانب الانتفاضة ضد نظام الأسد اضطرت «حماس» لإخلاء مقرها الكبير في دمشق، وقامت سوريا بقطع جميع علاقاتها مع الحركة". وحدوث خلاف مع «حزب الله» بعد أن انضم قادة «حماس» إلى موجة الانتقادات، بخصوص تدخل الميليشيات الشيعية في سوريا، كما صدرت بعض الأوامر لقادة «حماس» المسؤولين عن التعاون الأمني بين المنظمتين لترك معقل «حزب الله» في بيروت إلى جانب وقف الترتيبات العسكرية الحالية بينهما - بما في ذلك إمدادات الأسلحة والتدريب وتبادل المعلومات الاستخبارية، ورفض الأمين العام ل «حزب الله» حسن نصر الله جميع طلبات «حماس» للاجتماع معه حول هذه الأزمة، على الرغم من أنه قد سُمح لبعض المندوبين بالتحدث مع مساعديه في السفارة الإيرانية في بيروت. والأمر الأكثر كارثية بالنسبة ل «حماس»- حسبما أكد يعاري- هو علاقتها المتوترة مع طهران، والتي كانت لسنوات بمثابة الراعي المالي الأساسي للحركة، والمزود الرئيسي لصواريخ بعيدة المدى (بما في ذلك التدريب المتقدم من قبل نخبة أفراد "قوة القدس" التابعة للنظام في إيران وسوريا). وبسبب غضبها من قرار «حماس» بالانضمام إلى الخطاب المعادي للشيعة الذي ألقاه المرشد الروحي ل جماعة «الإخوان» يوسف القرضاوي، خفضت طهران بشكل كبير من دعمها الشهري الذي تقدمه لحكومة غزة. وحتى لو لم يفرض الجيش المصري إجراءات صارمة على الأنفاق الحدودية، فمن المفترض أن تكون عمليات تهريب الأسلحة إلى غزة قد توقفت بسبب إصرار إيران على معاقبة «حماس»، ولم تصل إمدادات جديدة إلى جناح «حماس» العسكري - كتائب عز الدين القسام - في الوقت الحاضر. وبدأ آخرون من مقدمي المساعدات لحركة «حماس» في إغلاق خزانتهم أيضًا- حسب يعاري- فقد تخلَّف مانحان رئيسيان - تركيا وقطر - عن الامتثال الكامل بتعهداتهما، وحولت أنقرة اهتمامها إلى الأزمة السورية، في حين أجرت قطر تغييرًا في القيادة، الأمر الذي دفع الدوحة لإعادة تقييم دورها كممول رئيسي ل جماعة «الإخوان» وتقليص تبرعاتها إلى «حماس». وهناك جهات مانحة من القطاع الخاص من دول أخرى في الخليج - وخاصة في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت- التي تواجه الآن ضغوطًا لوقف تمويلها لحماس، في الوقت الذي تشن فيه حكوماتها حملة واسعة للحد من نفوذ «الإخوان». وعن الانقسامات الداخلية ذكر يعاري أن الخسارة المتتالية للحلفاء والمساعدات تسببت في وقوع انقسام كبير داخل قيادة «حماس»، فيصر خالد مشعل- الذي اختير للاستمرار في منصب رئيس اللجنة التنفيذية (المكتب السياسي سابقًا) في أبريل- أن على «حماس» أن تكيف نفسها مع سياسات "التنظيم الدولي" ل جماعة «الإخوان» وهو أعلى هيئة ل «الجماعة» على مستوى العالم، ولا يوافق بعض قادة «الإخوان» الآخرين على الأمر مما تسبب في فقدان مشعل لمعظم صلاحياته. على النقيض من تركيز مشعل على مصر، أكد رئيس وزراء حكومة غزة إسماعيل هنية على الحاجة للدفاع عن سيطرة «حماس» على القطاع، ورغم قبوله منصب نائب رئيس "اللجنة التنفيذية" بعد فشله في الفوز بالمنصب الأعلى في «حماس» في أبريل، إلا أنه لم يعد يستمع لأوامر مشعل. وحث زعماء آخرون على الإسراع بالمصالحة مع إيران، مؤكدين على أن «حماس» لا تستطيع أن تعزل نفسها عن "محور المقاومة"، والمؤيد الأكثر صلابة لوجهة النظر هذه هو المبعوث الدائم السابق للحركة في طهران ورئيس "لجنة الانتفاضة" عماد العلمي، الذي عاد الآن من دمشق إلى غزة، وقد أيدته في ذلك رموز عسكرية مثل محمد ضيف ومروان عيسى، وكذلك سياسيين مثل محمود الزهار- حسب يعاري- وفي المقابل، تعرض مشعل إلى وابل من الانتقادات لحضوره خطبة حاشدة في مايو في قطر احتج فيها القرضاوي ضد إيران وشركائها، وكانت إجابته أنه لم يكن على علم مسبق بما سيقوله القرضاوي. وفي الأسابيع الأخيرة أرسلت «حماس» وفودًا إلى بيروتوطهران من أجل التوصل إلى نقاط تفاهم جديدة مع إيران و«حزب الله»- حسب تحليل يعاري- وعلى الرغم من أن كليهما قد رد بأنهما سيحافظان على فتح الأبواب والتواصل مع «حماس» إلا أنهما أشارا إلى أنهما لن يستطيعا تطبيع علاقتهما معها حتى تغير الحركة موقفها من الحرب الدائرة في سوريا ومن تدخل إيران/«حزب الله» هناك. وعلى الصعيد الداخلي، فشلت اجتماعات قيادة «حماس» الأخيرة في الدوحة واسطنبول في التوصل إلى تسوية بين الفصائل المتناحرة، كما أظهرت المناقشات أيضًا أن السلطة تتحول بسرعة من يد القادة المحنكين إلى أعضاء من حركة «حماس» ممن أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية في العام الماضي في مقابل جلعاد شاليط، وأصبح يحيى السنوار المتحكم النهائي في شئون الحركة الداخلية، في الوقت الذي أصبح فيه صالح العاروري، الذي مقره في تركيا المتحكم الوحيد في أنشطة الحركة في الضفة الغربية. (ورغم أن الأتراك يسمحون للعاروري وطاقم مكتبه بمتابعة إعادة بناء البنية التحتية ل «حماس» في الضفة الغربية، إلا أنه ليس هناك أدلة على أنهم يغضون الطرف عن عمليات إرهابية يتم التخطيط لها من الأراضي التركية. يعني الضعف الحالي ل «حماس» - والذي يظهر جليًا من خلال صعوباتها المالية الخطيرة والنزاعات الداخلية التي تواجهها، وعزلتها المتزايدة وعدم قدرتها على تنفيذ برنامج التعزيزات العسكرية - أن قيادة الحركة قد تواجه تحديات متنامية في غزة، في الوقت الذي تتدهور فيه الظروف الاقتصادية، وللمرة الأولى منذ سنوات، قد تسنح الفرص لتشجيع سكان غزة على الاحتجاج علنًا ضد النظام الاستبدادي والتدابير الإسلامية القاسية لحركة «حماس». يشار إلى أن استياء السكان المحليين من الحركة آخذ في التزايد منذ فترة طويلة الأمر الذي دفع الحكومة إلى توسيع جهازها الأمني الداخلي. وعلى الرغم من أن تشجيع المعارضة الشعبية الفعالة لحركة «حماس» لن يكون سهلًا، إلا أنه ليس صعب المنال، ويمكن أن يكون هذا الاتجاه إحدى المواضيع التي تناقش في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية القادمة، وأحد المسائل المهمة هو شكل ونطاق المساعدات المالية التي تقدمها السلطة الفلسطينية إلى غزة - وتحديدًا بيان ما إذا كانت تلك المساعدات تساعد «حماس» على الحفاظ على الميزانية السنوية التي تقدر ب 890 مليون دولار أو ما إذا كان من الممكن إعادة هيكلتها لمساعدة القوى المناهضة ل «حماس» في القطاع، محرومة حاليًا من أي مساعدة ذات معنى.