دعت صحيفة (الراية) القطرية في افتتاحيتها اليوم الإثنين دول الربيع العربي إلى الحوار، مؤكدة أن عجز الأطراف السياسية عن الحوار واستخدامها للغة العنف كوسيلة لفرض رؤيتها وبرنامجها سيؤدى إلى الفوضى ولا يمكن أن يحقق هدف التغيير وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية الذي خرجت من أجله الشعوب إلى الشوارع والميادين. وذكرت الصحيفة أنه رغم حالة الإحباط الشديد في بلدان الربيع العربي وخاصة في مصر وتونس وليبيا التي شهدت ثورات أطاحت بأنظمة حكم ديكتاتورية واستبدادية، يمكن الجزم بأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء على الرغم من عدم استقرار أوضاع هذه الدول أمنيا واقتصاديا. ولفتت إلى أن عملية التغيير التي يشهدها الشارع العربي ستكون عملية طويلة وستتسم في مراحل عديدة منها بالفوضى، خاصة أن الأنظمة الاستبدادية التي حكمت لعقود طويلة تركت وراءها ما يسمى بالدولة العميقة التي ستستغل حالة عدم الرضا لدى الشارع لما أنجزته الثورات وكل مظهر من مظاهر الفوضى المجتمعية لمحاولة استعادة نفوذها وما خسرته بعد ثورات الربيع العربي. وأوضحت أن أحد أهم أسباب الأزمات السياسية التي تشهدها دول الربيع العربي الصراع الذي يدور بين الأطراف السياسية التي ورثت الأنظمة التي جرى الإطاحة بها، اذ يحاول كل طرف سياسي استغلال الثورة وإنجازاتها لصالح برامجه وأفكاره، فعقلية الإقصاء وعدم الاعتراف بالآخر ما زالت مهيمنة على المشهد السياسي في أكثر من بلد عربي، وتتسبب في إيقاع البلاد في صراعات طاحنة تؤدي إلى الفشل في تحقيق مطالب الثورات العربية في التغيير، وإقامة دولة القانون والمؤسسات. وبينت أن المواطن العربي بفضل ثورات الربيع العربي ذاق طعم الحرية وعرف مفهوم دولة المؤسسات والقانون والمساواة وأهمية المحاسبة والمكاشفة والشفافية وعرف حقوقه كاملة وقطع عهده مع أنظمة الاستبداد والديكتاتورية التي لا يمكن لها مهما بلغت الانتكاسات أن تستعيد مواقعها، لكن المرحلة التي تمر بها دول الربيع العربي قد تستمر لسنوات طويلة حتى تنضج التجربة ويتحقق الاستقرار. وطالبت (الراية) - في ختام افتتاحيتها - الشعوب العربية وفئة الشباب الفاعلة بها، خاصة بعد احتدام الصدامات بين القوى السياسية المختلفة التي تشهدها أكثر من ساحة عربية باستعادة زمام المبادرة وحشد الشعوب للعودة إلى روح الثورات العربية التي رفعت مطالب الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.