ضلمة وعطش وجوع

لم يكن يجرؤ خيال مصرى واحد على تصور أن تتحول مصر الثورة إلى مستنقع ازمات بعد مرور عام كامل على تولى اول رئيس منتخب للحكم، إلا أن الصدمة اصابت الجميع إلا ثلة من اتباع الرئيس مرسى، بسبب قلة خبرة النظام الاخوانى، الذى أغرق الشعب فى بحر من الوعود لم يتحقق منها شيئاً على ارض الواقع، والغريب أنهم اصدروا كتابا يحمل فى طياته إنجازات من وحى خيال الجماعة، واعتقدوا أن صلاة الرئيس وأداءه الفروض والسنن الدينية التى يفترض أنها لوجه الله تعالى إنجازا يفتخرون به امام الناس ، رغم ان الدين الاسلامى اكد على حسن المعاملة مع الله سرا وليس علنا.
"فيتو" ترصد عبر السطور التالية كيف يرى أفراد الشعب سنة أولى حكم إخوانى ، بعد تعرضهم لازمات لا قبل لهم بها، اهمها نقص المواد البترولية، وانقطاع الكهرباء، والانفلات الامنى الى جانب المصيبة الكبرى ؛ ازمة مياه النيل.
مصدر مسئول بوزارة البترول اكد ل"فيتو" أنه وفقا لتقارير الوزارة الرسمية، فإن كميات السولار التى تضخ لمحطات الوقود والسوق المحلى والاستخدامات الاخرى فى عام 2013 تقدر بنحو 35 الف طن يوميا من السولار و17 الف طن من البنزين بجميع انواعه ، فى حين ان الكمية التى كانت تضخ فى عام 2009 /2010 لنفس الاستخدامات تقدر بنحو 70 الف طن يوميا من السولار و22 ألف طن بنزين بجميع انواعه. وعن أزمة الكهرباء لفت المصدر الى ان مصر كانت تصدر الغاز لاسرائيل والاردن واسبانيا فى ظل النظام السابق وكانت تمتلك مخزونا استرتيجيا يكفى لتغذية جميع محطات الكهرباء بالجمهورية، اما الآن ورغم خفض الكميات المصدرة الى الأردن بنسبة 250 مليون قدم مكعب يوميا ووقف التصدير للآخرتين، تعانى المحطات حاليا نقصا حادا فى الغاز والمازوت، ما ادى الى الانقطاعات المتكررة بالكهرباء، بالاضافة الى تهالك معظم المحطات لعدم وجود صيانة، وأيضا توقف معظم حقول الغاز بالمياه العميقة عن الانتاج، والذى افقد مصر 900 تريليون قدم مكعب غاز احتياطى من انتاج آبار شمال الاسكندرية خلال الشهر الماضى، بسبب عدم وجود كوادر فنية تستطيع ادارة منظومة الطاقة والبترول والاستكشافات والتعامل مع الشركات الاجنبية لصالح مصر، ما يدلل على ان اختيارات النظام للقيادات أساسها الثقة والصدفة بعيدا عن الخبرة .
وفى نفس السياق أجمع اصحاب محطات التموين بالقاهرة الكبرى ان الكميات التى تضخ حاليا لمحطات مصر البترول بحلوان والجيزة والدقى لا تكفى ثلاث ساعات فقط لتمويل السيارات، بينما كانت تستمر طوال اليوم فى ظل النظام السابق.
هشام بدوى سائق تاكسى، متزوج ولديه بنتان، قال إن ازمة نقص المواد البترولية تعطل مصالح الناس بسبب ما يترتب عليها من تعطيل للمرور، وكذلك غياب الامن وشرطة المرور، مما أدى الى انتشار الهمج والتضييق على مورد الرزق .
ولم يزد تامر السيد عامل بمحل ادوات صحية عن قول: البلد حالها واقف ولايوجد بها بنزين ولا سولار، والانقطاع مستمر للكهرباء، ما تسبب فى تعطيل مصالحنا، وانا ايضا كنت شغال فى شرم الشيخ، لكن بسبب ما يحدث فى البلاد من اضطرابات لا توجد رواتب هناك، كما ان السياحة انضربت ولا يوجد سياح، ولذلك فضلت العودة الى بلدى، وبرضه الحال هنا لا يبشر بالخير، خصوصا ان البلد داخلة على حرب اهلية مميتة . غير أن محمد عبداللطيف سائق تاكسى يرى ان المسئولين عن البنزين والسولار غير قادرين على حل الأزمة، موضحا: انا واقف منذ حوالى ساعة لكى استطيع تمويل التاكسى بالبنزين، وهذا كله من وقتى وجهدى ويسبب عطلة لى ولسيارتى، تحرمنى من اخذ الراحة المخصصة لى، كما ان السوق السوداء مسيطرة على الحال وهى المتملكة للبنزين والسولار ، وهذا يسبب الاحباط والحزن لنا ، علاوة على المشاكل والمشاجرات بين المتسابقين على الحصول على البنزين . فيما اعتبر حمدى الطنب محاسب باحد البنوك ان التعامل السلبى من قبل الحكومة و رئاسة الجمهورية سبب كل المشاكل التى تواجهها البلاد، لأنها ضعيفة وغير قادرة على حل ازمات البلاد، كما ان مشاكل البنزين والسولار وانقطاع الكهرباء ونقص المياه والانفلات الامنى، السبب الرئيسى لها الحكومة الفاشلة التى تدير البلاد.
ويقول وجيه جرجس مدير محطة تموين إن مصر تمر بأزمة عامة، من بينها نقص السولار والبنزين بسبب نقص المخزون، مضيفا: بنزين 80 ينزل الينا كل 3 ايام، اما السولار فلم يعد يأتى إلا على فترات متباعدة بتعليمات من جهات مسئولة، اعتقادا منها انها بذلك تحد من ازمة المرور والازدحام، واعتبر الانفلات الامنى سبب كل كارثة، لافتا الى ان دور الحكومة لم يصل الى الوجه المطلوب، وان المواطن المصرى مر بعام من اصعب ايام حياته، ولا يعلم مصير القادم .
واتفق السيد الديناوى مفتش بالتموين مع مجمل الآراء السابقة بأن ازمة السولار والبنزين والغاز من الكوارث وخاصة الكهرباء التى تقطع 4 مرات على مدار اليوم، تؤثر بالسلب على المشاريع الانتاجية ، مشيرا الى أن ازمة الكهرباء تكمن فى السولار والغاز .
واشتكى أحمد أيمن صاحب محل بقالة من مشكلة انقطاع التيار الكهربائى، التى تتسبب فى افساد السلع الغذائية، مناشدا الحكومة الاخوانية تقديم شىء يشعر به المواطن، خاصة وان الرئيس لم يف بوعوده بحل المشكلات الاساسية للدولة.
صبرى كامل تاجر كان حاسما وهو يقول: الشعب المصرى سيخرج يوم 30 يونيو ليعلن عن غضبه ضد النظام الحالى الذى ضيع حقوق الشعب واهانه، وجعله يبكى بدلا من الدموع دماً.
وأبدى عبد الرحمن محمود سائق تاكسى ندمه الشديد على اختيار الرئيس مرسى فى الانتخابات الرئاسية ، معللا : "اندفعت الى انتخابه سعيا فى استقرار البلاد وفرض حالة من الهدوء وعودة الامن ، ولكن وعوده تبخرت ، ورفض خلع عباءة الإخوان ، وزار اكثر من 8 دول فى عام واحد دون ان يشعر الشعب باى جديد، وجعله يتذوق مرارة الضلمة، واصبح مهدداً بالعطش وغلاء الاسعار " .
وبنظرة تشاؤم يرى على محمد ابراهيم بالقوات المسلحة سابقا أن مصر على شفا حفرة من النار ، مستدركا : الجيش امل الشعب ، والاخوان دفعوا بالبلاد الى مفترق طرق ، ولم يعد هناك امل فى القائمين على الحكم ، فمعظم تقارير الخبراء تؤكد ان مصر مقبلة على مجاعة وازمات ، والنظام يتدخل فى شئون غزة وسوريا اكثر مما يهتم بشئوننا الداخلية ، وزيارات الرئيس الخارجية اكثر من مثيلتها لمحافظات مصر ، واكتفى بالصلاة فى المساجد والقاء الخطب وتكثيف الحراسة ولم يشعر بآلام الشعب ومشاكله .