مبادرة "بداية" تطلق تطبيق "5Seconds" الأول من نوعه في مصر لتقديم تجربة تربوية تفاعلية للأطفال    أخبار السعودية اليوم.. ولي العهد يعتذر عن حضور قمة مجموعة السبع    "الزرقاني" يتفقد سير العمل بوحدة كفر عشما ويتابع معدات الحملة الميكانيكية    إيران تنشر أول سلسلة للوثائق بشأن الموساد وجروسي.. ماذا ورد فيها؟    منافسة ثلاثية.. كيف يلعب مرموش مع صفقات مانشستر سيتي الجديدة؟ (تحليل)    عرض مالي ضخم يقرب سباليتي من تدريب النصر    رسميًا.. جالطة سراي يفتح باب المفاوضات مع ليروي ساني    برلمانية تطالب بتحقيق عاجل في تكرار حوادث أتوبيسات النقل العام: "نزيف مستمر على الطرق"    أكثر من 3 ملايين مستفيد من خدمات "الشؤون الإسلامية" خلال موسم حج 1446ه    قصور الثقافة تُقيم معرض ملتقى مراسم بني حسن للرسم والتصوير بالهناجر.. الخميس المقبل    فى زمن الانقلاب ..عامل يقتل 3 من أبنائه ويشنق نفسه في سوهاج    حماس تنفي تفاصيل مفاوضات وقف إطلاق النار التي يتداولها الإعلام الإسرائيلي    عالم أكثر إنصافًا.. بيان عربي مشترك في يوم مكافحة عمل الأطفال 2025    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    الأحد 22 يونيو.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن المرحلة الثامنة التكميلية بالعبور الجديدة    ضمن المسرح التوعوي.. قصور الثقافة تختتم عرض «أرض الأمل» بسوهاج    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    ضبط كيانات مخالفة لإنتاج الأدوية البيطرية مجهولة المصدر بالمنوفية    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    أسرار بناء أقدم عجائب الدنيا |رحلة عبر الزمن لفهم تاريخ ونظريات ومراحل بناء الأهرامات    ماجد الكدواني يكشف تفاصيل اتفاقه مع كريم عبد العزيز منذ 24 عام    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    اكتملت كتيبة الأحمر.. وسام أبو علي ينضم لمعسكر الأهلي في ميامي    "كانوا بيلعبوا ب40 ألف بالضرائب".. نجم الزمالك السابق يثير الجدل بصورة الجيل الذهبي    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    أهلي جدة ينتظر موقف ميسي    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    تفاصيل لقاء "حقوق النواب" بوفد الحوار المصري الألماني    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    أول تعليق من ابنة أحمد الدجوى بعد حفظ قضية سرقة الأموال    انقطاع شامل للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    الكشف عن برنامج خبيث ينتحل هوية تطبيق الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    محافظ الغربية يكرم الأمهات المثاليات، ويؤكد: المرأة المصرية ركيزة لبناء الوطن    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    بعد تعرضها لأزمة صحية.. ملك زاهر تطلب من جمهورها الدعاء    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    فريق جراحي بالزهراء الجامعي يُنقذ مريضَين بانشطار في الشريان الأورطي    وزير الصحة يبحث مع مدير "جنرال إليكتريك" التوطين المحلي لأجهزة السونار    الصحة العالمية: رصد متحور كورونا الجديد في ألمانيا    5 فواكه تُعزز عملية إزالة السموم من الكبد    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإفتاء: يجوز تعجيل الزكاة وتوزيعها على عمال اليومية والعاطلين عن العمل بسبب كورونا
نشر في فيتو يوم 02 - 04 - 2020

أكدت دار الإفتاء المصرية أنه يشرع إعطاء الزكاة للمواطنين العاملين بالأجور اليومية (العمالة اليومية والأرزقية)، ومثلهم كل من تعطلت مواردهم بسبب إجراءات الوقاية من الوباء وتعليمات السلامة من العدوى بسبب انتشار فيروس كورونا.
دار الإفتاء تحذر من الدعوات الهدامة لاستغلال المساجد والقرآن لإثارة البلبلة
الأربعاء 1 أبريل 2020
الإفتاء عن مسيرات الإسكندرية: أي دعوة للتجمع حالياً حرام شرعاً
الثلاثاء 24 مارس 2020

وأضافت الدار –في فتوى لها- أن يجوز كذلك تعجيل الزكاة لهم على قدر ما يكفي حاجتهم ويسد فاقتهم، ولا يقتصر الأمر على الزكاة، بل على الأغنياء والقادرين في المجتمع أن يشملوا هؤلاء المواطنين العاملين باليومية -ومَن في حكمهم ممن قلَّت دخولهم وتعطلت مواردهم- فيتكفلوا بنفقاتهم وصدقاتهم في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن.

وحثت الدار في فتواها كل المواطنين أن يستثمروا هذه الفرصة في مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم بما يمكن من الوسائل المادية والمعنوية؛ بالمسارعة في الخيرات، والمسابقة في المكرمات، والمساهمة بالطيبات؛ مشاركة لهم في ظروفهم الحرجة، ومساعدةً لهم في تغطية نفقاتهم واحتياجات أهليهم وذويهم؛ إظهارًا للنخوة والمروءات في أوقات الأزمات، ودفعًا للمرض والوباء بمزيد الكرم والعطاء، وتوخيًا للأجر والثواب من رب الأرباب، فإن معادن الشعوب، وأخلاق الأمم، تظهر في عصيب الأوقات، ومُدْلَهِمِّ الحالات.

وأوضحت الدار أن انتشار وباء كورونا أحدث في بلدان العالم كسادًا اقتصاديًّا وركودًا ماليًّا على المستوى الفردي والمجتمعي والدولي، ومن أكثر المواطنين تضررًا بهذه الظروف: العاملون بالأجور اليومية، وأصحاب المشاريع متناهية الصغر، وذوو الدخول المحدودة؛ ممن يعتمدون في أرزاقهم على التعامل اليومي والأجور الوقتية والتجارات الصغيرة؛ حيث أدى بهم التزامُهم مع المواطنين بالمكث في البيوت، وما استتبعه ذلك من قلة الحراك المجتمعي؛ تنفيذًا لإجراءات السلامة والوقاية، إلى تعطُّل ما كانوا يعتمدون عليه في كفاية أسَرِهم ورعاية ذويهم، فهم أكثر الطبقات تأثرًا وتضررًا بذلك، وأولى الناس تحققًا بصفة الفاقة والحاجة، فهم على ذلك أَوْلَى مصارف الزكاة استحقاقًا لها بوصف الفقر والمسكنة.

وأشارت إلى أن الشريعة الغراء قد حددت مصارف الزكاة في قوله تعالى: ﴿إنَّما الصَّدَقاتُ للفُقَراءِ والمَساكِينِ والعامِلِينَ عليها والمُؤَلَّفةِ قُلُوبُهم وفي الرِّقابِ والغارِمِينَ وفي سَبِيلِ اللهِ وابنِ السَّبِيلِ فَرِيضةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]؛ فجعلت كفايةَ الفقراء والمساكين هو آكد ما تصرف فيه الزكاة؛ حيث كانوا في صدارة مصارف الزكاة الثمانية للتأكيد على أولويتهم في استحقاقها، وأن الأصل فيها كفايتهم وإقامة حياتهم ومعاشهم؛ إسكانًا وإطعامًا وتعليمًا وعلاجًا وزواجًا، وخصَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفقراء بالذكر في حديث إرسال معاذ رضي الله عنه إلى اليمن: «فَإن هم أَطاعُوا لَكَ بذلكَ فأَخبِرهم أَنَّ اللهَ قد فَرَضَ عليهم صَدَقةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيائِهم فتُرَدُّ على فُقَرائِهم» متفق عليه.

ولفتت إلى أنه فيما أمر به النبيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم معاذًا رضي الله عنه أن يعمله في توزيع زكاة أغنياء أهل اليمن على فقرائهم: دلالةٌ على أن الأصل في الزكاة أن تخرج مِن أغنياء كلِّ بلد لفقرائها، ومن القادرين إلى مواطنيهم المحتاجين؛ تحقيقًا لغاية الزكاة التكافلية، وسعيًا للعدالة المجتمعية، وتخفيفًا لوطأة الأزمات الاقتصادية، وتقليلًا من حدة الفوارق الطبقية؛ لتسري في المجتمع روح الانتماء، وينتعش بين أفراده مبدأ المواطنة والإخاء؛ فيستشعروا في بلدهم مسؤوليتهم المجتمعية، ويعيشوا قضاياه الوطنية.

وأضافت الدار: "وهذا هو الذي تقتضيه مبادئ السياسة الشرعية؛ ولذلك نص عليه فقهاؤها فيما قرروه من المحددات العامة لوظائف الدولة وسياساتها الاقتصادية والمالية؛ كما صنع قاضي القضاة الإمام أبو يوسف [ت182ه] صاحب الإمام أبي حنيفة في كتابه "الخراج" الذي رسم به لهارون الرشيد أسس التنظيمات المالية والاقتصادية للدولة الإسلامية ومواردها ومصارفها".

وقالت الدار: "إن ظروف الوباء التي تمر بها شعوب العالم -ومن بينها مصر المحروسة- تستوجب من كل بلدٍ تعاونَ أهليه وتكاتفَ مواطنيه، وأن يأخذ أغنياؤه بيد فقرائه، ويقف موسروه مع محتاجيه؛ تفريجًا لكربتهم، ونجدة لفاقتهم، ومواساة لحاجتهم، ولو أدى أغنياءُ كلِّ بلدٍ حقَّ الله في أموالهم لسُدَّت حاجةُ فقرائهم، لما روى الإمام الطبراني في "المعجم الأوسط" عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ قَدْرَ الَّذِي يَسَعُ فُقَرَاءَهُمْ، وَلَنْ يُجْهَدَ الْفُقَرَاءُ إِلَّا إِذَا جَاعُوا وَعُرُّوا مِمَّا يَصْنَعُ أَغْنِيَاؤُهُمْ، أَلَا وَإِنَّ اللهَ مُحَاسِبُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِسَابًا شَدِيدًا، وَمُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا نُكْرًا».

واشارت الى ما روى سعيد بن منصور في "سننه" ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" عن سيدنا عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَكْفِي فُقَرَاءَهُمْ، فَإِنْ جَاعُوا وَعَرُوا جَهَدُوا فِي مَنْعِ الْأَغْنِيَاءِ، فَحَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ يُحَاسِبَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهِ".

وأضافت الدار أنه من جهة أخرى فإنه لما كان أصحابُ العمالة اليومية ونحوهم أكثرَ طبقات الشعب تضررًا من ظروف الوباء، وأشدَّهم حاجة إلى العطاء، كانوا أحقَّ مصارف الزكاة بالأداء؛ فقد اتفق الفقهاء على أن المقصود بالزكوات: إزالة الحاجات، ودفع الفاقات، وأعظم صورها: تفريج الكربات، والنجدة في الأزمات، والغوث في الملمات، وهو واجب الوقت في الزكاة؛ الذي عبروا عنه "بدفع حاجة الوقت".

وأوضحت الدار أن الشريعة لم تكتف بجعل الزكاة في مال الغني مستحقة لمصارفها بمجرد حلول وقت أدائها، بل أجازت تعجيلها إذا اقتضت المصلحة ذلك؛ كما هو الحال في أزمنة الأوبئة والحروب والمجاعات؛ للمساعدة على إدارة الأزمات، وحل المشكلات.

وأشارت إلى أنه في إطار تحقيق الاكتفاء المجتمعي والعون في الأزمات لم يكتف الشرع بفرض الزكاة، بل نوَّع وجوه الإنفاق في الخير، وحض على أسباب التكافل وفتح أبواب التعاون على البر؛ فكما شرع الزكاة ركنًا للدين حث على التبرع، ورغَّب في الهدية، وندب إلى الصدقة، وجعل منها الصدقة الجارية المتمثلة في الوقف الذي يبقى أصله وتتجدد منفعته؛ وذلك لتستوعب النفقةُ وجوهَ البر وأنواعَ الخير في المجتمع.

واستشهدت الدار بما رُوِيَ عن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ في المالِ لَحَقًّا سِوى الزَّكاةِ»، ثم قرأ قوله تعالى: ﴿ليسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشرِقِ والمَغرِبِ ولَكِنَّ البِرَّ مَن آَمَنَ باللهِ واليَومِ الآَخِرِ والمَلاَئِكةِ والكِتابِ والنَّبِيِّينَ وآَتى المالَ علَى حُبِّه ذَوِي القُربى واليَتامى والمَساكِينَ وابنَ السَّبِيلِ والسّائِلِينَ وفي الرِّقابِ وأَقامَ الصَّلاَةَ وآَتى الزَّكاةَ والمُوفُونَ بعَهدِهم إذا عاهَدُوا والصّابِرِينَ في البَأْساءِ والضَّرّاءِ وحِينَ البَأْسِ أولَئكَ الذين صَدَقُوا وأولئكَ هم المُتَّقُونَ﴾ [البقرة: 177].

وذكرت الفتوى أن الأمر ليس مقتصرًا على مال الزكاة، بل يتعلق بحقوق الأخوة في الجوار، والدين، والمواطنة، والإنسانية، ولا يخفى أن الشركة في الوطن تستلزم التلاحم والتشارك بين أفراده حتى لو اختلفت أديانهم ومعتقداتهم؛ فإن الوطنية معنًى كليٌّ جامع يحوي العديد من حلقات الترابط الإنساني؛ كالجوار، والصحبة، والأخوة، والمعاملة، ولكل رابطة حقٌّ تصب مراعاتُه في صالح استقرار الأوطان والتلاحم بين المواطنين.

وأضافت ان الشريعة حثت على كل حق منفردًا، وكلما زادت الروابط والعلاقات تأكدت الحقوق والواجبات، وتتأكد هذه الحقوق في الأزمات، وتزداد تبعاتها في عصيب الأوقات ومُدْلَهِمِّ الحالات، بالمسارعة في الخيرات، والمسابقة في المكرمات، والمشاركة في الطيبات؛ لتظهر حينئذ معادن الشعوب، وتتبين أخلاق الأمم.

ولفتت إلى أن أصحاب العمالة اليومية ومن في معناهم وحكمهم هم في هذه الآونة أهل ضرورة وأصحاب كرب وذوو حاجة: فوجب أن يتداعى سائر القادرين على كفاية محتاجيهم وإغاثة مضطريهم ونجدة ملهوفيهم؛ امتثالًا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى» متفق عليه واللفظ للبخاري.

وقد اتفقت الأمة بمذاهبها المتبوعة وعلمائها عبر العصور وكر الدهور، وعلى ممر النوازل والأزمات، على أنه إن لم تقم زكوات الناس في بلد ولا الكفارات ولا فيءُ سائر أموال المسلمين بسد حاجة المحتاجين والمكروبين: فإنه يجب على أغنيائه القيام بذلك؛ بمقدار ما تستد به الحاجة وتندفع الفاقة ويُكْفَى العوز، وللسلطان أن يجبرهم على ذلك.

وبلغ من أهمية الصدقة على الفقراء وكفاية المحتاجين أن كانت هي أُولَى أولويات بناء الدولة في المدينة المنورة؛ حيث جعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم منظومةً مجتمعية متكاملة؛ فآخى بين المهاجرين والأنصار في السنة الأولى من الهجرة، لتصبح المواساةُ بهذه المؤاخاة حقًّا أخويًّا ونظامًا متكاملًا بين المتآخيَيْن؛ للتعاون على تكاليف الحياة المادية والمعنوية، وقد امتثل الأنصار لذلك خيرَ امتثال؛ حتى وصفهم الله تعالى بقوله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9].

وقالت الدار إنه كلما اعتنت الأمم والشعوب والمجتمعات بضعفائها ومحتاجيها كان ذلك أدلَّ على رقيها وأرفع لعمادها، وأقوى لنصرها وأقوم لاقتصادها، وأبعثَ لنهضتها وأسمى لحضارتها، وأبعدَ لها من البلايا وأنأى بها عن الرزايا؛ كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ابْغُونِي فِي ضُعَفَائِكُمْ؛ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ».

وأضافت أن الزكاة والصدقات والنفقات في أوقات الأزمات وأزمنة الملمات من أعظم ما يدفع الوباء والبلاء، مستشهدة بالحديث الذي روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ؛ فَإِنَّ الْبَلَاءَ لَا يَتَخَطَّاهَا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.