فى وقت تؤكد المؤشرات أن ثورة الغضب فى 30 يونيو الجاري قد تنجح فى إنهاء حكم الرئيس الإخوانى محمد مرسى وجماعته والذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة أو تشكيل مجلس رئاسى مدنى، مال فريق من التيار السلفى للإخوان وتواصل معهم خوفا من فشل المعارضة فى الإطاحة بحكم الجماعة فيما سعى فريق آخر إلى التقرب من شباب الثورة من أجل استغلالهم للوصل إلى سدة الحكم خلفا للإخوان. الفزع والهلع من ترك القصور والعودة للجحور دفع الإخوان المسلمين، وفقا لمصادر سلفية، لتكثيف اتصالاتهم بكل التيارات والأحزاب الإسلامية لبحث كيفية دعم الرئيس محمد مرسى ضد حملة تمرد التى تقود ثورة تصحيح المسار فى 30 يونيو الجارى خاصة وأن سقوط مرسي لم يعد أمرا مستبعدا ويعنى بالنسبة لهم سقوط الكيان والعودة إلى السجون. المصادر أوضحت أن لقاء الأسبوع الماضى بين القوى الإسلامية كان بداية التنسيق الحقيقى بين الأحزاب الإسلامية لمواجهة المد الثورى المدنى وتوابعه ، كاشفة عن أن الإخوان قدموا للأحزاب الإسلامية خلال اللقاء عروضا لضمان تأييدهم للرئيس مرسى ووقوفهم بجانبه, حيث عرض حزب الحرية والعدالة على حزب الوطن ثلاثة مناصب وزارية فى التشكيل الوزارى القادم، وعرض على حزب النور تنفيذ مبادرته السياسية التى كان الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب طرحها من قبل ورفضتها الجماعة. ووعد الإخوان الأحزاب الإسلامية بصياغة برنامج موحد للتيار الإسلامي وبأن يكون لها النصيب الأكبر من أعضاء الحكومة القادمة، وخاصة حزب النور الذى تجاهله الرئيس مرسى فى التشكيلين السابقين. وأكدت مصادر من الدعوة السلفية وحزب النور أن الإخوان عرضوا عليهم تنفيذ مبادرة الحزب كاملة دون الإخلال بها وتقديم اعتذار لهم على رفضها من قبل وذلك مقابل نزول أعضاء حزب النور وأبناء الدعوة السلفية بالإسكندرية فى 30 يونيو. وطلب الإخوان من حزب النور والدعوة السلفية عدم دعم المظاهرات ضد مرسى فى حالة عدم نزولهم للوقوف معه خاصة وأن الإخوان لديهم مخاوف من ذلك بسبب تصريح ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية بدعم التظاهر إذا خرج الشعب ضد مرسى وبرغم نفى برهامى لهذا التصريح الخطير. المصادر أوضحت أن الدعوة السلفية لم تبت فى هذا الأمر حتى الآن ، خاصة وأنها رفضت سابقا تبنى حركة تجرد الداعمة لمرسى والتى تبنتها الجماعة الإسلامية وفشلت لعدم قدرتها على الحشد. وبدافع الخوف وعملا بمبدأ الوقاية بتحسب المخاطر، دخلت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وفقا للمصادر، على الخط وقامت بالاتصال بقيادات التيار الإسلامى وأعلنت أنها ستتبنى كل مطالب الإسلاميين الغاضبين من الإخوان ومرسى وأكدت لهم أنها لم تكن راضية مثلهم على أداء الرئيس وخاصة فى قضايا الشريعة والشرعية والضباط الملتحين وقالت إنها ستتبنى عقد عدد كبير من اللقاءات على مدار الأسابيع القادمة بين مشايخ وعلماء التيار السلفى وقادة وممثلى الأحزاب الإسلامية مع الرئيس مرسى. وفى السياق ذاته ، تعهدت الهيئة بتوحيد رؤية الأحزاب الإسلامية لتبنى مشروع إسلامى اقتصادى سياسي واحد فى الفترة القادمة، وقامت الهيئة بإجراءات تطمينية للدلالة على مقدرتها على تنفيذ ما وعدت به، منها تدخلها لتأجيل مؤتمر الأحزاب الإسلامية لمناقشة قضايا الأمة من السبت الماضى إلى الإثنين الماضيين لدعوة الرئيس مرسى لحضور المؤتمر، ومنها أيضا حصولها على وعد من الرئيس مرسى بإلغاء السياحة الدينية وإبلاغ مجلس شورى العلماء السلفي بقيادة محمد حسان والشيخ محمد حسين يعقوب وأبى إسحاق الحوينى بذلك، خاصة وأنهم رافضون بشدة للسياحة الإيرانية لعلاقتها بملف التشيع. ولم تتوقف تحركات الإسلاميين عند هذا الحد, حيث كشفت المصادر أن اتصالات تجرى منذ عدة أيام بين الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح والدعوة السلفية، وأكدت الأولى للثانية أنها ترفض هى الأخرى أسلوب الأخونة وخاصة وزارة الأوقاف وأنها تؤيد الدعوة السلفية فى عدد من القضايا مثل الشيعة. وخلال الاتصالات حثت الهيئة الدعوة السلفية على دعم مرسى خاصة قبل 30 يونيو، وأكدت لها أنها مستعدة لتكون «ضامنا» فى تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه وخاصة الأخذ بمبادرة حزب النور التى قدمها منذ عدة أشهر ووافقت عليها جبهة الإنقاذ. وتعقد الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح - بحسب المصادر - اجتماعات مكثفة مع القوى والأحزاب الإسلامية لدراسة كيفية مواجهة تظاهرات وفعاليات 30 يونيو وتوابعها، وبهدف الوقوف على الخطة المناسبة والتى تضمن لهم بقاء الرئيس الإخوانى على كرسى الرئاسة. وفى ذات الاتجاه كشفت مصادر مطلعة بالهيئة أنها دعت القوى الإسلامية أن تكون فى حالة تأهب قصوى لمواجهة أي تهديد على شرعية الرئيس محمد مرسي بحسم وقوة، مؤكدة أن الهيئة ستعقد اجتماعات دورية بحضور ممثلي الهيئات الدعوية والأحزاب الإسلامية حتى نهاية الشهر الجاري. حزب الراية لحازم صلاح أبو إسماعيل يرتب هو الآخر لعقد اجتماعات على مدار الأسبوع القادم، لتحديد موقفه من المشاركة من ذلك التحرك والذى سيعلنه يوم 27 يونيو، خاصة وأن حازم أبو إسماعيل يسيطر عليه وهم بأن 30 يونيو سيكون يوم الحكم الإسلامى الشامل. وعن استعدادات الإخوان، أكدت المصادر أن قيادات الإخوان المسلمين وضعت خطة في اجتماع مشترك مع قيادات من الهيئة، لمواجهة تظاهرات 30 يونيو، تعتمد على تشكيل ما يشبه إدارة مركزية يكون مقرها المساجد الرئيسية بالقرى والمراكز والمدن بكل محافظة، لحماية مقار الجماعة والمنشآت العامة. الدكتور أحمد بديع، المتحدث باسم حزب الوطن، قال: إن الإخوان طلبوا منا تقديم خطط لهم للتخفيف عن كاهل المواطن وأكدوا لنا أن الرئيس سيعقد اجتماعات مستمرة مع قيادات الأحزاب والشخصيات الإسلامية. وأضاف: عرضنا دعمنا على الإخوان سابقا وقدمنا ترشيحات للحكومة والتعديلات الحكومية ولم يؤخذ بها، وهناك أزمات لابد أن يعالجها الإخوان، وهناك غضب شعبى كبير جدا وغضب فى صفوف الإسلاميين بسبب عدد من القضايا الدينية التى أغفلها الإخوان، مشيرا إلى أنهم لم يتخذوا قرارا بشأن 30 يونيو حتى الآن. أما الدكتور خالد علم الدين، مستشار الرئيس السابق والقيادى البارز بحزب النور فقال: الإخوان كلما شعروا بالخطر أتوا إلينا ونسوا اتهامهم لنا بالخيانة وشق الصف الإسلامى ونسوا إهانتهم للدعوة السلفية واليوم يقولون إنهم يوافقون على مبادرة الحزب فيكف نثق بهم؟ علم الدين أضاف: «حتى الآن لم نتخذ قرارا بالنزول فى 30 يونيو، وغالبا لن ننزل لدعم طرف على حساب طرف مع التأكيد على احترام شرعية الصناديق التى أتى بها الرئيس. وتساءل علم الدين: كيف نثق فى الإخوان بعد سيل الاتهامات التى وجهتها لنا؟، مشيرا إلى أن الهيئة الشرعية والإخوان أكدوا موافقتهم على مبادرة الحزب وتقليل عمليات الأخونة التى تجريها الجماعة على قدم وساق. ومن جهته، قال الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، إن الجبهة تدرس النزول إلى الميادين وأمام قصر الاتحادية بداية من الأسبوع المقبل والاعتصام حتى نهاية يونيو الجاري لتأمين الميادين ومؤسسات الدولة. فى المقابل، وأملا فى نجاح شباب الثورة فى الإطاحة بحكم الإخوان السلفيون ممثلون في حزب «النور» و«الدعوة السلفية»، اتصالات مباشرة مع عدد كبير من شباب الثورة من أجل الوصول معهم لاتفاق يقضي بمساعدة السلفيين فى الوصول للحكم خلفا للإخوان ألا يستخدموا نفس منهج الإقصاء الذي اتبعته جماعة الإخوان, ويتم مشاركة جميع شباب الثورة في جميع المناصب السياسية في الدولة. أول العروض التي تقدم بها السلفيون لشباب الثورة كانت وضع هؤلاء الشباب على قوائم الترشيحات لمجلس النواب، وتم إغراؤهم بها على أساس أن السلفيين هم الفصيل الثاني المنظم بعد الإخوان, الذي يقدر على حصد أغلبية مقاعد البرلمان المقبل بعد انهيار شعبية الإخوان في الشارع ، ومن ثم يتاح لهم جميعا تشكيل حكومة جديدة تبعد عن «المحاصصة الإخوانية», ويكونون بذلك قد قطعوا خطوات كثيرة في إزاحة الإخوان من الحكم، وقام السلفيون بطرح عدة آليات لشباب الثورة لتنفيذ هذا الأمر, منها أنهم مسيطرون على المساجد والشيوخ الذين سيخدمون هذا الأمر جيدا في دعوة المواطنين للتصويت لقوائمهم. العرض الثاني الذي تقدم به حزب النور والدعوة السلفية لشباب الثورة هو أن يظهروا جميعا متضامنين في مؤتمرات وندوات كي يتم تسويق ذلك إعلاميا في داخل مصر, يتمثل في أن شباب الثورة مستعدون لتسليم السلطة للسلفيين بدلا من الإخوان، وأيضا يتم تسويق ذلك خارجيا أمام أمريكا والدول الغربية أن مصر ستكون أكثر استقرارا في حالة وصول السلفيين للحكم على اعتبار أن شباب الثورة متفقون معهم بعكس الإخوان. أما العرض الثالث الذي عرضه السلفيون على شباب الثورة هو تمويل كياناتهم السياسية التي ينتمون إليها بكل ما يحتاجونه لتنظيم عملهم السياسي في الشارع بين المواطنين، ووصل هذا العرض لأن يكون هناك رواتب ثابتة لبعض الشباب الثوري, على أن يقنع هؤلاء الشباب زملاءهم في الكيان السياسي بالتحالف مع السلفيين, والعرض الرابع السلفي هو تخصيص أعمدة مقالات ثابتة لشباب الثورة في الصحف الخاصة بهم, مثل صحيفتي «الفتح» و»الرحمة»، وذلك برواتب لا تقل عن الصحف المعارضة الأخرى.