في ذكرى مرور العام الأول على توليه الحكم، وبعد تعامله مع الشعب بفكرة الكروت والكوبونات سواء في الخبز أو الغاز أو البنزين أو السولار نجح الرئيس محمد مرسي وعشيرته في إحساس الشعب بالفقر المدقع ودعمه بشهادات الفقر التي باتت وسيلة للتعامل مع نسبة كبيرة من الشعب المصري. ونجح "مرسي" في التعامل مع الشعب في أول عام تولى فيه مقاليد الحكم على أنه الملك وهم العبيد، ليتخطي بذلك أبشع أساليب الذل والمهانة لكرامة الشعب، حيث أعلن إبراهيم مصطفى، مساعد وزير الصحة للتأمين الصحي، ورئيس اللجنة التنفيذية لمشروع "الضمان الصحي الشامل"، أن عدد غير القادرين في محافظات "قنا وأسوان والأقصر وسوهاج" التي سيتم تطبيق المرحلة الأولى للمشروع بها 600 ألف، طبقًا لإحصائيات وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية على أن يتم علاج المواطن بشرط شهادة تثبت أنه فقير ومعدم، ويبدو أن الرئيس وحكومته تناسوا أن العلاج المجاني حق لكل مواطن بصرف النظر عن مستواه المادي. وشهادة الفقر هي عبارة عن بحث اجتماعى تقوم بتجربته الجهة التي تريد التعامل معها في أمر ما، يستوجب سداد مقابل مادى ويكون هناك نظام مفعل لديها بإعفاء غير القادرين على دفع هذا المقابل. ويرجع تاريخ شهادة الفقر إلى أكثر من نصف قرن في عهد الملك فاروق، والرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان التعليم للقادرين ماديًا فقط ولكن من باب الشفقة كان مسموحًا بقبول بعض الفقراء في المدارس أو الجامعات بشرط أن يكون هؤلاء الفقراء متفوقين حتي يشفع لهم التفوق بالتجاوز عن الفقر، ولإثبات ذلك كان على الطالب المتفوق أن يقدم مع شهادته الدراسية بالتفوق العلمي شهادة أخري أكثر أهمية اسمها "شهادة فقر" وهي شهادة يجب أن تحمل توقيع اثنين من موظفي الدولة محل الاعتبار تؤكد أن الطالب المتفوق فقير وبموجب هذه الشهادة كانت تتفتح أمامه أبواب التعليم. وشهادة الفقر لم تتوقف عند حد التعليم فقط ولكن تشعبت في مجالات أخرى في الوظائف والعلاج وأيضًا للسفر إلى الخارج، وقد أصبحت هذه الشهادة اللعينة هي المتحدث الرسمي باسم الشعب المصري. الجدير بالذكر، أنه حتي عام 1996 كان لا يتم علاج أي مواطن على نفقة الدولة إلا إذا أجري عليه بحثًا اجتماعيًا يؤكد استحقاقه العلاج المجاني لضيق اليد ولكن عندما تولي الدكتور إسماعيل سلام، وزير الصحة الأسبق، مسئولية الوزارة في ذلك العام قرر إلغاء تقديم هذه الشهادة بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي وبعد مرور عامين أضاف إليهم مرضي الأورام والكبد. ومنذ هذا العام توقفت رحلة شهادات الفقر حتي قامت ثورة 25 من يناير عادت مرة أخري فكرة شهادات الفقر تتردد على مسامعنا في ظل انهيار الكيان الاقتصادي، ففي عام 2012 تقدم المصريين العاملون بالخارج بطلبات لدفن جثث المصريين بالخارج ليدفنوا في بلدهم بشرط إلغاء ما يعرف بشهادة الفقر. وفي عام 2009 تقدم سيادة النائب حسين عوض عضو مجلس الشعب عن دائرة السنبلاوين باستخراج شهادة من الشئون الاجتماعية تثبت أن قرية الزهايرة الأشد فقرا من بين القرى من أجل أن تعطيه الحكومة ربع مليون جنيه للقرية. ويذكر أنه في عام 2010 أصدرت وزارة الداخلية مرسومًا بإلغاء 7 شهادات كان من بينها شهادة الفقر، ولكن في عام 2012، وفي ظل وجود دستور الإخوان عادت مرة أخرى شهادة الفقر من خلال إحدى مواد الدستور التي تقضي بضرورة الحصول على شهادة الفقر لتلقي العلاج، والشهادة التي تحط من كرامة وكبرياء المصريين أتي بها مرسي. وفي يونيو عام 2012 ذكرت إحدى التقارير الصحفية أن زوجة الرئيس السابق محمد حسني مبارك، تقدمت بمذكرة أكدت فيها أنها لا تملك موردًا للرزق وأنها تعيش على راتب زوجها منذ خروجه من الحكم 11 فبراير 2011، وأنها قدمت التماسات قانونية مسببة بأحكام تثبت حقها في الحصول على راتب مبارك، لذا لم يتأثر راتب الرئيس السابق الذي حصل عليه في شهر يونيو 2012 بمنطوق الحكم الذي صدر ضده من محكمة الجنايات نظرًا لحصول سوزان على شهادة الفقر.