مع كل موسم حج تسلط وسائل الإعلام الضوء على الأماكن المقدسة بالمملكة العربية السعودية، خصوصا الحرمين وجسر الجمرات وجبل عرفات، إلا أن قصة "وادي محسر" كما يطلق أهل مكة عليه تستحق أن يفرد لها العناوين الرئيسية، خصوصا مع النهى عن وقوف الحجيج ونصحهم بالإسراع عند المرور منه. يطلق أهل مكة على "وادي محسر" والذي يقع بين مشعري منى والمزدلفة اسم "وادي النار" أو "وادي المغضوب عليهم"، ويحرص الحجاج على الإسراع عند المرور به، ويفر الحجاج من هذه البقعة اقتداءً بالنبي، فإنه لما أتى بطن محسر حرك الركب، كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما أتى محسر أسرع. ويعود سبب النهي عن الوقوف بوادي محسر إلى أنه أحد الأماكن التي شهدت عقاب الله وعذابه ل"أبرهة " وجيشه عندما أتى إلى مكة عبر هذا الوادي، وتوقف السير بهذا الوادي أيضًا، وأرسل الله الطير الأبابيل التي انهالت على أبرهة وجيشه كما ذكر القرآن الكريم. وسرد الدكتور سالم الخامري مدير فرع وزارة الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمكةالمكرمة لموقع "سبق" قصة هذا الوادي من الجانب التاريخي والشرعي قائلًا: من خلال تتبع كتب التاريخ يظهر أن هنالك عدة أوجه في سبب تسمية وادي محسر بذلك؛ وقد ذكرها المحب الطبري وغيره، فقيل: سمى به؛ لأنه حسر فيه فيل أصحاب الفيل، وقيل: سمى به؛ لأنه يحسر سالكيه ويتعبهم، كما ذكر بعض المؤرخين أن أهل مكة يسمونه (وادي النار) لِما قيل إن رجلًا اصطاد فيه فنزلت نار فأحرقته، وجميع ما ذُكِر من الأوجه في سبب التسمية قد تناقلها كتب التاريخ دون الاستناد فيها إلى مستند قاطع. وأضاف وما ذُكِر بخصوص استحباب إسراع السير للحاج في وادي محسر، فهو ثابت في جملة من الأحاديث والآثار الصحيحة، وأما ما ورد بخصوص الحكمة الشرعية من استحباب الإسراع عند المرور به للحاج، وهي كون الوادي المذكور محل نزول عذاب الله على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت، فهذا قد ذكره بعض أهل العلم؛ بناء على ما ثبت في الصحيح من أمر المار على ديار ثمود ونحوهم بالإسراع بالمرور؛ وأن هذه كانت عادة النبي صلى الله عليه وسلم في المواضع التي نزل الله فيها بأسه بأعدائه. مضيفا، لكن ذكر الزرقاني والقاري وغيرهما رحمهم الله أن هذا الذي ذُكِر في الحكمة من الإسراع في وادي محسر خلاف الأصح؛ لأن أصحاب الفيل لم يدخلوا الحرم وإنما أُهلكوا قرب أوله، ومن هنا قال بعض أهل العلم: لا أصل للقول بأن وادي محسر موطن لحبس فيل أبرهة؛ وأنه لا يوجد أي مستند صحيح يمكن التعويل عليه؛ وقد تقدم أن المؤرخين ذكروا أوجهًا أخرى لسبب التسمية؛ مما يدل على أنه ليس وجهًا مقطوعًا به. 10 صور ترصد استعدادات الداخلية السعودية المكثفة لموسم الحج واختتم ولهذا نص الإمام الشافعي، على احتمال كون إسراعه صلى الله عليه وسلم في وادي محسر لأجل سعة الموضع، وقال المحب الطبري: وهكذا كل من خرج من مضيق إلى فضاء، فالعادة جرت بتحريكه وإسراعه فيه.