لم يكن انفراد «فيتو» تحت عنوان «عملية الأجنحة الحديدية» فى أحد أعدادها السابقة عن زرع أجهزة تنصت إخوانية فى مؤسسة الرئاسة ونقل كافة أخبار الرئيس محمد مرسى لمكتب الإرشاد، سوى الحقيقة الصادمة التى لم يصدقها البعض، فتأكيدا على ما نشرناه، أطلقت أجهزة مخابرات عربية تحذيرات سرية لقادتها بتجنب الاتصال هاتفيا بالرئيس مرسى، وتحديدا عند تواجده بقصر الاتحادية، بسبب تجسس ما أطلقوا عليه «جهاز المخابرات الإخوانى» على مكالمات الزعماء، وخاصة العرب، ولذا فقد تجنب الرؤساء العرب الاتصال بمرسى خشية أن تنقل مكالماتهم للتنظيم الدولى للإخوان، ما تسبب فى تراجع العلاقات السياسية المصرية مع البلاد العربية. التحذير المخابراتى للقادة العرب من محادثة مرسى هاتفيا كشفه مركز إماراتى للدراسات والأبحاث، يدعى «المزماة»، ذكر أن أجهزة مخابرات بعض الدول العربية، حذرت رؤساءها والمسئولين بها، من إجراء أى اتصالات هاتفية مع الرئيس الإخوانى محمد مرسى داخل قصر الاتحادية، بسبب التجسس على هذه المكالمات وتسجيلها من جانب عناصر المخابرات الإخوانية داخل القصر الرئاسى، وأشارت إلى أن أحمد عبد العاطى، مدير مكتب مرسى والذى يحضر الاجتماعات الدورية لمكتب إرشاد الجماعة بالمقطم، ينقل تقريرا أسبوعيا لقادة الجماعة عن أنشطة الرئيس مرسى، وأيضا أسعد الشيخة نائب رئيس ديوان القصر وأحد رجال خيرت الشاطر نائب المرشد، وأيمن على رئيس إدارة الإعلام وعضو التنظيم الدولى للجماعة، ويحيى حامد عضو مكتب الإرشاد، والذى تولى حقيبة الاستثمار فى التعديل الوزارى الأخير. واللافت أن جهاز المخابرات الإخوانى استبعد مؤخرا أكثر من 20 مبرمج كمبيوتر، من العاملين بالقصر، واستبدلهم بمجموعة إخوانية، حصلت على دورة تدريبية فى طهران، فضلا عن تعيين 150 من شباب الإخوان داخل قصر الاتحادية. والغريب -كما ذكر عاملون بقصر الرئاسة- أن الأمر لم يتوقف على استخدام أجهزة التجسس على المكالمات فقط، بل تجاوز إلى العودة لعصر «البصاصين»، وهم مجموعة يجوبون مكاتب العاملين لرصد الأحاديث الجانبية، وغيرها من أعمال موظفى القصر، وأيضا دعوتهم لإقامة الصلاة فى أوقاتها، ولهذا تم استبعاد غير المسلمين من العمل بالقصر بحسب المركز. «التحذيرات التى أطلقتها أجهزة المخابرات العربية لم تحدث من قبل إبان حكم الأنظمة السابقة، والإخوان بطبيعتهم يميلون للتجسس على بعضهم البعض»، هذا ما أكده الخبير الاستراتيجى اللواء حسام سويلم، ولم يستغرب التنصت وتسجيل مكالمات الرئيس مع القادة العرب، باعتباره مندوبا لمكتب الإرشاد بقصر الاتحادية. وتابع: «كل تحركات مرسى مراقبة من مكتب الإرشاد، سواء من خلال عناصره المزروعة حول الرئيس من مديرى المكاتب، ومسئولى الإخوان فى الرئاسة، ومبرمجين، وعاملى تليفونات، لنقل كافة الاتصالات إلى مكتب الإرشاد الذى يدير مصر، ويحرك مرسى والحكومة بالكامل»، مبررا ضرورة علم مكتب الإرشاد بكل الاتصالات التى تحدث بين مرسى والقادة العرب، وحرص مرشد الجماعة «محمد بديع» على الإطلاع الكامل بكل المكالمات التى تدور بين مرسى ونظرائه العرب والغربيين. لم يفت سويلم التأكيد على أن مكالمات مرسى مع رئيس الوزراء التركى رجب أردوغان أو الرئيس الأمريكى باراك أوباما، يتم تسجيلها وإرسالها لمكتب الإرشاد، ومناقشة مرسى ومحاسبته على ما جاء فيها، مشيرا إلى أنه محاصر من داخل القصر بمراقبة أفراد وتسجيلات لكل مكالماته، سواء بعلمه أو لا، خشية خروج مرسى عن سرب الجماعة. وأوضح أن القادة العرب يخشون أن تصل مكالماتهم للتنظيم الدولى للإخوان المسلمين، ما يضر بأمنهم، خاصة أن هذا التنظيم يحركه مكتب الإرشاد، الذى يدير كل الخلايا الإخوانية بالدول العربية والإسلامية. اللواء سويلم لفت إلى أن هناك حذراً شديداً من قبل القادة العرب فى التعامل مع الدكتور مرسى أو رئيس الوزراء، بسبب تلك التسجيلات، لإدراكهم أنهم لا يتعاملون مع رئيس يدير أموره من رأسه، ومن هنا فكل صور التعاون والعلاقات بين مصر والدول العربية لن تسير بشكل طبيعى إلا بعد حالة من التدقيق الشديد من أجهزة مخابرات تلك الدول، خاصة أن ولاء الإخوان المسلمين للتنظيم العالمى، وفى عقيدتهم «طظ فى مصر»، ما يؤثر سلبا على الأمن القومى المصرى. ونوه الخبير الاستراتيجى إلى أن تسجيل مكالمات القادة يتوقف على قرار من رئيس الجمهورية، فالزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان يسجل ويدون كل شيء بهدف التشاور فيه فى أضيق الحدود، دون نقل ما يدور إلى أى مكان، ومن الطبيعى أن تسجل مكالمات الرؤساء، مستدركا: «أعتقد أن التنظيم الدولى للإخوان هنا يطلع على التسجيلات التى يتم التنصت عليها بقصر الرئاسة للقادة العرب».