* استيراد أرز الشعير له مضار عديدة على البيئة الزراعية المصرية * هناك أعداد كبيرة من الفلاحين لم تزرع أراضيها خلال الموسم الحالي والأمر له بعد اجتماعي وأمني * لن يقبل المزارع على زراعة القطن والذرة إلا بتسعير جيد يعوض أرباح الأرز * لدينا هجن مصرية موفرة للمياه وعالية الإنتاجية لكن الفلاح غير مقتنع بها من البداية أعلن الدكتور سعد شبل، رئيس قسم بحوث الأرز الأسبق، بمركز البحوث الزراعية، عن رفضه قرار استيراد مصر ل«الأرز الشعير»، محذرًا من الخطورة التي يمثلها على التربة المصرية، والأمراض التي ستصاب بها الأراضي إلى جانب الآفات التي سيَحملها معه. «شبل» تحدث أيضا عن أهمية الاستمرار في زراعة الأرز بمحافظات الدلتا، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يحميها من خطر التصحر، وموضحًا في الوقت ذاته أن استبدال الأرز بالقطن والذرة لن يجد إقبالًا من جانب المزارعين نظرًا لانخفاض عائدات المحاصيل هذه مقارنة ب«أرباح الأرز». رئيس قسم بحوث الأرز الأسبق، كشف – في سياق حواره – حقيقة الأرز البلاستيكي، وقدم شرحًا وافيًا لأفضل أنواع الأرز التي يمكن استيرادها من الخارج، وتحمل صفات قريبة من تلك التي يحملها الأرز المصري فائق الجودة.. فإلى نص الحوار: *بداية.. أين تقف من قرار استيراد مصر الأرز الشعير بديلًا عن الأرز الأبيض؟ استيراد أرز الشعير له مضار عديدة على البيئة الزراعية المصرية، ويجب أن نتحاشاه بأي طريقة، فنحن في مصر لا يوجد لدينا من أمراض الأرز سوى مرض اللفحة، وهو مرض منتشر في العالم، وذلك بسبب انغلاقنا على أنفسنا لعقود طويلة، وعدم لجوئنا إلى استيراد الأرز الشعير، لكن بفتح الباب لاستيراده فنحن معرضون بنسبة كبيرة جدا لانتقال الأمراض الفطرية والبكتيرية المنتشرة في الدول الأخرى. والخوف ليس فقط من انتقال هذه الأمراض، لكن الكارثة تكمن في الحصول على تقاوي من الأرز المستورد وزراعتها في الأراضي المصرية التي ستوطن المرض في التربة المصرية. وفيما يتعلق بانتقال الحشرات فيمكن أن تعالج بالمعاملات الحرارية لكن الأمراض الفطرية لا يمكن معالجتها، ونسبة انتقال الأمراض لو كانت 10% فهى خطيرة جدا، ولننظر إلى محصول القمح وأمراض الصدأ التي نقلناها للبيئة المصرية وتدمر القمح بسبب استيرادنا له كحب كامل غير مقشور للتوفير في ميزانية الاستيراد، وإضافة إلى ما سبق فإن انتقال الحشائش الضارة والغريبة على البيئة المصرية أمر وارد بنسبة كبيرة؛ لأنها تكون مصاحبة للحبوب الكاملة المستوردة. *بعدما أصبح الاستيراد أمرا واقعا.. برأيك كيف يمكن أن نحاول جعله «استيرادا آمنا»؟ يجب أن تكون هناك احتياطات أمنية عالية خلال ضرب الأرز المستورد هذا في المضارب، حتى نضمن ألا تتسرب منه أية حبوب لزراعتها في التربة المصرية، وهو أمر صعب، لكن يجب أن نستعد ونواجه بشكل جيد طالما قررنا استيراد الأرز، للحفاظ على مصلحة مصر، وخلال فترة وجودي في السنوات السابقة في برنامج الأرز بمحطة بحوث سخا بكفر الشيخ، حاربنا لعدم استيراد الأرز الشعير من الخارج لحماية أنفسنا، لأن الأرز محصول مهم لمصر وللتربة واستمرار الزراعة في الدلتا، وعدم زراعة الأرز بالدلتا يهدد بتحويلها لصحراء خلال 3 سنوات وأطالب الذين يتحدثون دون فهم علمي صحيح وبغرض إرضاء الموجة السائدة باستيراد أرز الشعير ألا يتحدثوا حول أن هذا الأمر يندرج تحت بند «من أجل مصلحة مصر». *إلى أين وصل الأمر فيما يتعلق ب«هجن الأرز المصرية» الموفرة للمياه؟ وصلنا لنتائج عالمية ووصلنا لهجن جيدة جدًا، لكنها تحتاج إلى حملة إرشادية كبيرة من الدولة لنقلها إلى المزارعين وإقناعهم بزراعتها لأن هذه هي نقطة انتشار تلك الهجن، وهو أمر يحتاج إلى تكاتف للاستفادة بأفضل الهجن كهجين «مصر 1» الذي كان يعاني مشكلة أن جودته في الطعم أقل من حبوب الأرز الأخرى، لكنه عالي الإنتاجية جدا وله خواص جيدة ولدينا هجن أخرى لا تزال تحت أسماء سلالات ومنتظر تسميتها ك«هجين مصر 3» وهو في مرحلة الإطلاق وذو إنتاجية عالية وخواصه جيدة فيما يخص مقاومة الأمراض واستهلاك المياه. *بشكل عام.. إلى أي مدى يجب أن تحرص مصر على زراعة الأرز؟ زراعة الأرز في مصر، وفي الدلتا على وجه الخصوص من منطقة بلطيم في الشمال حتى جنوب الدلتا هدف إستراتيجي لا غنى عنه، فهو علاوة على كونه هدفا غذائيا إستراتيجيا، لكنه أيضا يحمي التربة في الدلتا لمنعه زحف المياه المالحة إلى أراضي الدلتا، ولو توقفنا عن زراعة الأرز في الدلتا فتأكد أن أراضيها ستتصحر وستظهر الأملاح على السطح بسبب زحف المياه الجوفية المالحة ولن نتمكن من زراعة الأرز أو غيره، فالأرز تتم زراعته بمياه الري المخلوطة بمياه النيل مخلوطة بمياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي، ويضطر الفلاح لاستخدام تلك المياه لأنها المتاحة أمامه، ومن رحمة الله بنا أن العناصر الثقيلة والملوثات لا تؤثر على الحبوب البيضاء ولا تتبقى بها وتتوقف آثارها على النبات، وهي نعمة كبيرة يجب أن لا نفرط فيها، فالأرز ضروري لصيانة التربة ويجب الحفاظ على زراعته للبعد عن سؤال اللئيم عن غذائنا. *برأيك.. ما الحد الأدنى للمساحة المطلوب زراعتها بالأرز؟ أقل مساحة 1.3 مليون فدان لنتمكن من الاكتفاء ذاتيًا ولا نضطر إلى اللجوء للاستيراد، وحتى نشكل أيضا حائط صد أمام مياه البحر وهناك نقطة أخرى وهي أن الفلاح في محافظات شمال الدلتا ارتبط اجتماعيا بمحصول الأرز وأصبحت حياته متعلقة به، فهناك أعداد كبيرة من الفلاحين لم تزرع أراضيها خلال الموسم الحالي، بسبب أنهم لا يعرفون شيئا إلا الأرز ولن يزرعوا غيره، فالأمر له بعد اجتماعي وأمني. *من وجهة نظرك.. هل ستتجه الدولة لاستخدام الأراضي المتاحة بعد وقف زراعة الأرز في زراعة القطن أو الذرة؟ لن يقبل المزارع على زراعة القطن والذرة إلا بتسعير جيد يعوض أرباح الأرز خاصة الذرة التي تسعر بمبالغ منخفضة بسبب الاستيراد الذي يبدأ مع حصاد الذرة المصرية الطازجة التي يضطر الفلاح أن يتخلص منها بعد زراعتها، رغم استيرادنا ذرة منخفضة الجودة منزوعة الجنين. *ما نوع الأرز الذي يمكن أن نستورده لتعويض النقص من الأرز المصري؟ الأرز الأمريكي المزروع في ولاية كاليفورنيا هو الوحيد المشابه للأرز المصري، وله نفس الخصائص عند الطبخ لكن سعره مكلف جدا جدا وهو الأرز الوحيد المنافس لأصناف الأرز المصري في العالم، فالأصناف المصرية متفردة وتحمل اسم مصر لأنها تمت تربيتها في مصر، مع الأخذ في الاعتبار أن كل صنف يحتاج إلى 12 سنة لتربيته. *أخيرًا.. ما حقيقة وجود أصناف أرز تحمل خواص «بلاستيكية»؟ تسمية البلاستيك ليست دقيقة لكن هناك أنواع أرز في آسيا يطلق عليها sticky rice أو الأرز اللزج، والمصريون لم يعتادوا على هذه الأصناف وهو أرز فيه نسبة كبيرة من مادة الأميوز ويظهر عليه بعد طهيه مادة لزجة ويناسب بخواصه تلك الدول الأسيوية التي تتناوله بالعصيان وليس بالملعقة فمن خواصه أنه يلتصق وبالتالي يناسبهم هناك لكنه لا يناسبنا تماما.