يحتفل الاخوة الاقباط هذه الايام بعيد القيامة المجيد، في وقت تجددت فيه فتاوي دينية اخوانية وسلفية تحرم تهنئة شركاء الوطن بأعيادهم، غير ان علماء الدين الاسلامي المعتدلين وفي مقدمتهم الازهريين يؤكدون خطأ هذه الفتاوي المتشددة، موضحين ان اليهود والمسيحيين احتفلوا بأعيادهم في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ولمينكر هذا عليهم. «فيتو» تحتفل مع الاخوة الاقباط بعيد القيامة للتأكيد علي معاني الوحدة الوطنية، في وقت يمتنع فيه المتشددون عن مشاركة الاشقاء فرحتهم.. عن عيد القيامة يقول القمص صليب متى ساويرس - أسقف كنيسة مار جرجس بشبرا - : «إن عيد القيامة يعتبر عيد الأعياد لدينا، فقيامة المسيح هى التى أعطت الإنسان رجاء وحياة جديدة بعد الموت، ولذا فعيد القيامة هو عيد الأعياد، عند العامة يسمى العيد الكبير. وأضاف: إن ميزة العيد أنه يأتى فى تجمع الناس كلها معاً، ومع إخواننا فى الوطن المسلمين، ونتلقى التهانى فى يوم العيد وهناك مسلمون يحضرون معنا قداس العيد، وهناك أمر مهم فى هذا العيد حيث يعقبه عيد شم النسيم، وهذا عيد قومى يشارك فيه الكل، ففى عيد القيامة الناس تتذكر الجنة التى كانت مفقودة، ثم يأتى شم النسيم، وهو عيد قومى وكلمة «شوم نسيمي» كلمة قبطية معناها حدائق ومزروعات. ودعا القمص ساويرس إلى أن تسود المحبة مصر، وأن يتبنى كل المصريين قضية واحدة كما كنا فى ثورة 1919 تبنينا كلنا قضية واحدة، وهى طرد المستعمر.. وفى هذا العام نتمنى أن تكون قضيتنا التى نتبناها هى التنمية، وألا ندير ظهورنا لبعضنا البعض، حتى تعود مصر لصورتها التى كانت فى الإنجيل والقرآن، لتعود «كنانة الله فى أرضه» والله قال لنا» مبارك شعبى مصر» فهو الشعب الذى باركه الله ومصر دولة مقدسة. القس رفيق جريش - متحدث الكنيسة الكاثوليكية- قال: «إن الطقوس الرئيسية لعيد القيامة تبدأ بأحد الشعانين ثم خميس العهد، أو خميس الأسرار، ونحتفل به فى القداس، ويوم الأحد فجراً القيامة، ويكون بها قداس يتسم بالألحان الفرحة ويتكرر عدة مرات. وعن استقبال الكنيسة للمهنئين من المسلمين بالعيد، قال الأب جريش: «إذا جاء المسلمون أثناء الصلاة فهم يحضرون جزءا من الصلاة، وعندما ينتهى القداس فالجميع يأكل الكعك، ، فهو الحلوى المفضلة فى عيد القيامة، والكعك المستدير والمفرغ من المنتصف رمز لإكليل الشوك، كما يضع المسيحى فى المنزل السعف الذى يزين المنزل من أحد الشعانين، ويبقى لمدة عام بالإضافة للصور المقدسة بالمنازل. القس رفعت فكرى - رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية- قال: إن عيد القيامة يحتفل فيه المسيحيون بذكرى قيام السيد المسيح من الموت، وكل كنيسة تحتفل بالمناسبة، والذى يختلف فقط العظة والكلمة التى يوجهها البابا، والتى تدعو للتوجه نحو التوحد والسلام والألفة وتقارب المصريين معاً، وبالرغم مما حدث من آلام للكنيسة وفقدان بعض أبنائها، لكن علينا تجاوز ذلك والتطلع للأمام، وقيادة المسيح تعطينا دائماً أملا جديدا أن الحياة لا تقف عند الموت أو الظلم والقبر، وأن هناك رجاء وأملا جديدا، ونتطلع لمستقبل أكثر إشراقاً. من جهته قال الدكتور عبد الله النجار- الأستاذ بجامعة الأزهر، عضو مجمع البحوث الإسلامية- إن الأعياد الخاصة بالمسلمين أو المسيحيين هى فرصة لإحياء ذكريات المصادر الدينية المجددة لمعانى الدين، أن تهنئة المسلمين لإخوانهم الأقباط بمناسبة عيد القيامة ليست اعترافا بشعيرة، وإنما اعتراف بصاحب الشعيرة، والمشاركة والتهنئة اعتراف إيمانى بالمسيح، وبالتالى تقديم التهنئة للإخوة الأقباط من أجل تلافى المفاسد التى يحاول البعض إيجادها، ووضع الانشقاقات التى يستغلها أعداء الوطن فى التفريق بين عنصرى الأمة من مسلمين وأقباط. وأضاف النجار أنه فى سورة الروم عندما هزم الفرس الروم، وكانوا أهل كتاب، حزن الرسول صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالنصر، وقال القرآن (يوم يفرح المؤمنون)، بل إن أبا بكر الصديق راهن المشركين عندما قالوا له إن صاحبك يقول إن الروم سيغلبون، وذهب للرسول فقال له» زدهم فى الطلب ومد فى الأجل»، وهذا تعبير عن الفرح لانتصار أهل الكتاب، وبالتالى المناسبات بكافة أشكالها وبإجماع الكتاب والسنة ليست حراما. وقال النجار مهنئاً الإخوة الأقباط بمناسبة عيد القيامة: «كل عام وأنتم بخير، وأدعو الله أن يعطينا السكينة والأمان فى وطن واحد يحتاج إلينا جميعاً من خلال تعاوننا معاً، لأن الدين لله وهو الذى سيحاسبنا جميعاً». الدكتور أحمد محمود كريمة - أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر- قال: «إن مناسبات الأعياد سواء الإسلامية أو المسيحية تساهم فى التقارب بين أبناء الوطن الواحد، وتقوى الترابط بين نسيج الأمة، لأن الإسلام دين الفطرة الإنسانية التى فطر الله الناس عليها، وشرع كل الأسباب التى تؤدى إلى وحدة المجتمع ويقر الأعراف الصحيحة التى تحقق الإخاء الإنسانى، والإخاء الدينى، خاصة أن الإسلام وجد العرب فى الجاهلية لهم مواسم ثقافية واجتماعية، وكذلك المؤتمر السنوى للشعر والأدب فأقرهم عليه النبى صلى الله عليه وسلم». وأكد كريمة أن الرسول وجد فى المدينة أناسا لهم مواسم يحتفلون به فلم ينكرها عليهم، بل أن الرسول قال لأبى بكر «دعهم فإن لكل قوم عيدا، ولم يحظر الإسلام على أهل فارس وأواسط آسيا أن يحتفلوا بعيد النيروز، ولم يثبت فى التاريخ الإسلامى الصحيح أن الصحابة أو الخلفاء منعوا اليهود أو المسيحيين من الاحتفال بأعيادهم. وأضاف كريمة : إن التاريخ الإسلامى يثبت أن اليهود احتفلوا بأعيادهم فى يثرب أثناء حياة الرسول، وكذلك المسيحيين احتفلوا بكافة أعيادهم، وعند الفتح الإسلامى لمصر وجدوا المصريين يحتفلون بشم النسيم، وذكرها القرآن قال تعالى «موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى»، وقال كريمة: «بهذه المناسبة يا شركاء الوطن والنسيج المتداخل فى مصر، هناك قواسم مشتركة بيننا وبينكم تعد أساساً للإخاء الدينى وهى الإيمان بشخص المسيح فهى واحدة، وإن اختلفت التفاصيل فى الإيمان والتكريم، نحن نؤمن برفعه للسماء وأنتم تقولون بقيامه للسماء أى الصفة، فالغاية واحدة، ثم مجيء المسيح فى آخر الزمان، فالشخص واحد وهو ما يعتقد به المسلمون والمسيحيون، وبالنظر للأمور الإجمالية هناك مساحات جيدة للتقارب، وليس العكس».