و.... هل سيفيدُ صراخي وأنا أشعرُ أنَّ صوتي يكادُ يفلتُ من يدي كعيارٍ طائشٍ في حفلِ ختانِ ابنِ حضرةِ العمدة ؟ هل كانَ الأستاذ مهموم أبو التشاؤم شخصيًّا يتوقّعُ ما نحنُ فيهِ الآن ؟ هل دارَ بذهنِ السيّد إبليس وذريّتهِ من قبائلِ آلِ الجنِّ الأحمرِ والعفاريتِ الزُّرقِ وأقاربهم ونسائبهم بالخراباتِ المصريّةِ والدولِ المجاورةِ أنْ تنجحَ اللعبةُ الخبيثةُ وندخلَ، ونتكربس، داخلَ ماسورةٍ ضيّقةٍ، اتّجاهٍ واحدٍ يؤدّي إلى جهنم؟ رأسي مزدحمٌ بالبالوناتِ السوداءِ التي كلّما لامستْ بعضها فقستْ أوهامًا وهلعًا وأمطرتْ حسرةً وندمًا وعدمَ تصديق ! الأبرياءُ يتعلّقونَ بأحبالِ الأملِ الدّايبة، ويمنّونَ النفسَ بانشقاقِ الأرضِ عن حلٍّ يجنّبنا السّوادَ الذي يملأُ النفوسَ ويغطّي الأفق، وينذرُ بمزيدٍ من الدّماءِ والشهداءِ المُحْتَمَلِينَ تحتَ وطأةِ الشعورِ بخيانةِ الثورةِ وسرقتها ثمّ قتلها مع سبقِ الإصرارِ والترصّدِ بل والتمثيلِ بجثّتها في مشهدٍ تراجيدي يَصعُبُ تحمُّلُهُ أو وصفُه ! إحدى البالوناتِ السوداءِ فقست في رأسي سؤالا مؤلِمًا : هل استيقظَ الإخوانيُّ القديمُ في قلبِ الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وجعلَهُ يقنعُ ب، أو يشاركُ في، لُعبة، أو خطّةِ، وصولِ الدكتور محمد مرسي إلى المباراةِ النهائيّة؟ هل هناكَ شُبهةُ توافقٍ أو سيناريو أسودَ من أجلِ تفتيتِ أصواتِ معسكرِ الثورةِ ليصعدَ فرسُ الرهانِ الإخوانيّ معتمدًا على الكتلةِ المضمونةِ في جيبِهِ ومعها كتلةُ عبادِ اللهِ الخائفينَ من عذابِ جهنم والعياذُ باللهِ بعد أنْ نما إلى علمهم من مصادرَ إيمانيّةٍ وثيقةِ الصّلةِ أنَّ الذي يختارُ مرشّحًا غير الدكتور مرسي لن ينامَ في قبرهِ وسيجدُ ثعبانًا أصلعَا بانتظارِهِ في ظلامِ القبرِ على شمالكَ وأنت داخل، يظلّ يلدغُهُ لمدةِ أربعِ سنواتٍ فلا يهنأُ بموتِه! كما كانت تذكرةُ الذهابِ إلى الجنّةِ عبرَ صندوقِ الانتخاباتِ مدعومةً ببعضِ الهدايا الرمزيّةِ المدموغةِ بشعارِ الحريّةِ والعدالةِ من الأرزِ والسّكّرِ والبطاطسِ الممنوعةِ من التصديرِ، بينما حملاتُ معسكرِ الثورةِ لم تكنْ تملكُ إلا الصّدقَ وطهارةَ اليدِ والضميرِ واللسان، وكنتُ لفرطِ خَيبتي أضعُ الدكتور أبو الفتوح على رأسِ القائمةِ، وتبنّيتُ الترويجَ له بصفحاتي على الفَيس بوك ( 3 صفحات ) وكم حذفتُ من معارضينَ تناوبوا سبّي بطريقةٍ ثوريّةٍ عصريّةٍ تستحقّ الدراسة، وفي مدينة كفر الدَّوّار مسقط دماغي تولّى أشقّائي وأقاربي وأصدقائي مسئوليةَ الدعوةِ لأبي الفتوحِ والدفاعِ عنه، ولا أظنّهُ سينسى المؤتمرَ الذي عقدوهُ له هناك، كما لن ينسى أنّ أهلي وأقاربي وجيراني لم يخونوا عهدهم معه، ومنحوهُ أعلى الأصواتِ بمدينتنا التي تعادلُ محافظةً ( بالرّغمِ من عدم وجودي فيها ) ، وكانت صدمتُنا قاسيةً عندما بدأت الشّائعاتُ ترجّحُ أنّ يكونَ هناكَ اتفاقٌ في لُعبَةٍ محسوبةٍ بعنايةٍ إخوانيّةٍ فائقةٍ للفوزِ بالكرسي بأيِّ ثمن . هل خبّأَ الدكتور أبو الفتوح جزءًا من الثورةِ تحت ملابسهِ وألبسنا العمّة؟ وهل اندفاعُهُ الحميمُ إلى إعلانِ مساندةِ الدكتور مرسي ليس إلا نكايةً في المعسكرِ الآخرِ الذي جنى نصفَ أرباحِهِ من أخطاءِ الإخوانِ وفظاظةِ أسلوبهم وتعاليهم وغرورهم وشعورهم بالزهو والقوةِ وأنهم يكادونَ يلامسونَ النجوم ؟ لن أقولَ جديدًا عندما أذكّر بأنّ قسوةَ الحزبِ الوطني المحروقِ وتعنّتهِ مع الإخوانِ كانا من أهمّ أسبابِ تعاطفِ الشعبِ مع الإخوان، ها هم الإخوانُ يرتدونَ الزيَّ القديمَ ويحتلّونَ مساحةَ الغضبِ التي خلت بالانتصارِ اللحظي للثورة ( انتصرت لمدة ساعتين على الأكثر ) . لو كانَ الدكتور أبو الفتوح قد ضحكَ علينا فمصيبتُنا أفدحُ من أنْ تُطاق، ولو اهتزّت ثقتنا فيهِ مثقالَ ذرّةٍ فعلى اللهِ العوضُ في دماءِ الشهداءِ وفي المستقبل! لقد منحتُ الدكتور أبو الفتوح صوتي بقناعةٍ ورضا ( وكنت مسامح فيه )، بل ملأتُ صفحتي على الفيس زفت بالخيولِ الجامحةِ المتوثّبة، وعندما حدثَ قضاءُ اللهِ وقدرُه كتبتُ : لكلّ جوادٍ كبوة ، ثمّ أردفتُ بالبيتِ الخالدِ لشاعرِ النيل حافظ إبراهيم : « لا تلُمْ كفّي إذا السيفُ نَبا صَحَّ منّي العزمُ والدّهرُ أبَى « هل أذهبُ إلى منزلِ الدكتور أبو الفتوح وأدقُّ البابَ وأقولُ له: « لو سمحت ... عايز صوتي « ! ثمّ ماذا أفعلُ في جولةِ الإعادةِ وأنا المواطنُ الإيجابي الذي يصرُّ على أنْ يقفَ في الطابورِ بالساعاتِ من أجلِ أنْ يؤدّي واجبَهُ ..هل أمتنع ؟ لن أوافقَ وسأكرهني، هل أذهبُ وأضعُ صوتي في حصّالةِ الفلولِ ثمّ أغمسُ إصبعي في دمِ الشهداءِ المسمّى حركيًّا ب « الحبر الفوسفوري « ؟ أم أضعُ صوتي في حصّالةِ الحريّةِ والعدالةِ متغاضيًا عن كلّ هذه الممارساتِ التي لا تعرفُ لا الحريةَ ولا العدالةَ ولا يقرّها الدينُ ولا الأخلاق ! أم أطلقُ صوتي في الفراغِ وأبطلُهُ بيدي لا بيدِ عمرو وأعفي يدي من المشاركةِ في وأدِ الثورةِ وإكمالِ مسلسلِ الإجهازِ عليها وأحمي ضميري من وخزاتِ الشهداءِ الأبرارِ وعتابهم ..!!! مصيبتُنا ثقيلةٌ وداميةٌ ولها أنيابٌ ومخالبُ وبها عطشٌ متجدِّدٌ لا يهدأ، والسؤالُ الذي يحملُ المادةَ الخامَ للأسئلة : الذينَ يوظّفونَ القرآنَ لخدمةِ أغراضٍ زائلةٍ تجرحُ الدينَ وتقتلُ الوطنَ..ألا يستحونَ من الوقوفِ أمامَ الله؟ ماذا سيقولونَ في يومٍ لا ينفعُ فيه مالٌ ولا بنون، ولا تشفعُ فيه شعاراتٌ أو صدقاتٌ ظاهرُها الصدقةُ وباطنُها الرشوة ؟ كيفَ يكذبُ المواطنُ منّا ثمّ يهرولُ ليتوضَّأَ ويقفَ ليصلِّي بينما بقايا الكذبِ تتساقطُ من شدقيهِ عندما تمرُّ من فوقها آياتُ الذكرِ الحكيم ! يا ساتر .... صوتي يتأرجحُ بقسوةٍ ويميلُ بشدّةٍ نحو حصّالةِ الدكتور مرسي، لكنني لا آمنُ مكرَ الأيّامِ فقد أنحرفُ بسرعةٍ في الاتجاهِ الآخرِ أو أطرقعُ صوتي وأبطلُ مفعولَهُ ، غيرَ أنني لن أنسى ما حييتُ أنني أضعتُهُ في الجولةِ الأولى، وسأبكي عليهِ طويلا إذا صحّت الشكوكُ في حقّ الدكتور أبو الفتوح، فإذا ما رأيتم مواطنًا مسكينا منكوشَ الشعرِ جاحظَ العينينَ هائمًا في الشوارعِ يبكي : آآآآآآآآآآآآه يا صوتي ، فاعلموا أنّهُ أخوكم في اللهِ ، واطلبوا لي الهدى والرحمة.