نعم ، يجوز دفع الصدقات لغير الأهل مادام من الفقراء والمساكين وغيرهم من المستحقّين في قوله عزّ وجلّ : {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ}. فإن كانوا من الأقارب فهم أولى من غيرهم ، لا خلاف بين الفقهاء في جواز التّصدّق على الأقرباء ، والأزواج صدقة التّطوّع ، بل صرّح بعضهم : بأنّه يسنّ التّصدّق عليهم ، ولهم أخذها ، ولو كانوا ممّن تجب نفقته على المتصدّق . فعن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » إذا أنفق الرّجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة « . وقال صلى الله عليه وسلم : ( الصّدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرّحم ثنتان : صدقة وصلة ). قال الشّافعيّة : دفع الصّدقة لقريب أقرب فأقرب رحماً ولو كان ممّن تجب عليه نفقته أفضل من دفعها لغير القريب ، وللقريب غير الأقرب للحديث المتقدّم . ولخبر الصّحيحين : ( أنّ امرأتين أتيتا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقالتا لبلال : سل لنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم هل يجزئ أن نتصدّق على أزواجنا ويتامى في حجورنا ؟ فقال : نعم لهما أجران : أجر القرابة ، وأجر الصّدقة ) . هذا وقد رتّب الشّافعيّة من يفضّل عليهم الصّدقة فقالوا : هي في الأقرب فالأقرب ، وفي الأشدّ منهم عداوةً أفضل منها في غيره ، وذلك ليتألّف قلبه ، ولما فيه من مجانبة الرّياء وكسر النّفس، وألحق بهم الأزواج من الذّكور والإناث ، ثمّ الرّحم غير المحرم ، كأولاد العمّ والخال . ثمّ في الأقرب فالأقرب رضاعاً ، ثمّ مصاهرةً ، ثمّ ولاءً ، ثمّ جواراً ، وقدّم الجار الأجنبيّ على قريب بعيد عن دار المتصدّق ، بحيث لا تنقل إليه الزّكاة ، ولو كان ببادية . ومثله ما عند الحنابلة .