تتجول سفن روسية حول كابلات الاتصالات تحت الماء، ما أثار قلق الولاياتالمتحدة وحلفائها من احتمال أن يكون الكرملين مهتمًا بقطع الكابلات أو التنصت عليها. ويشعر مسئولون أمريكيون وغربيون بقلق متزايد من اهتمام الروس ب400 كابل للألياف الضوئية، تمر عبرها غالبية الاتصالات الهاتفية والرسائل الإلكترونية والنصية الوجيزة في العالم، فضلا عن تعاملات مالية يومية قيمتها 10 تريليون دولار. وقال الجنرال كورتيس سكاباروتي، قائد قيادة القوات الأمريكية في أوروبا، أمام الكونجرس هذا الشهر: "تابعنا نشاطا للبحرية الروسية، خصوصا لغواصات تحت البحر، لم نشهده منذ ثمانينات» القرن العشرين. وأضاف أنه من دون الكابلات تحت البحر، لن يتمكن مصرف آسيوي من إرسال أموال إلى دولة خليجية لدفع ثمن النفط، كما سيواجه القادة العسكريون الأميركيون صعوبة في التواصل مع جنودهم الذين يقاتلون متشددين في أفغانستان والشرق الأوسط، وكل هذه المعلومات تنتقل عبر ألياف زجاجية ضئيلة مغلفة في كابلات تحت البحر، كما أن هناك 620 ألف ميل (992 ألف كيلو متر) من كابلات الألياف الضوئية تعمل تحت البحر، وهذا يكفي للدوران حول الأرض نحو 25 مرة. وغالبية هذه الخطوط مملوكة لشركات اتصالات خاصة، بينها «جوجل» و«مايكروسوفت»، ويمكن تحديد مواقعها بسهولة على الخرائط العامة، بخطوطها التي تشبه السباغيتي. وفيما أن لقطع كابل واحد تأثيرًا محدودا، يمكن أن يؤدي قطع كابلات في وقت واحد أو عند نقاط مزدحمة، إلى عطل ضخم. وقال مايكل كوفمان، وهو خبير عسكري روسي في مجموعة "سي أن إي كورب" للبحوث، إن الروس "يؤدون واجبهم، وفي حال حدوث أزمة أو نزاع معهم، قد يفعلون أشياء مؤذية بالنسبة إلينا". ويخشى المسئولون الأميركيون وقادة الحلف الأطلسي من "مديرية البحوث في أعماق البحار" الروسية، التي تنفذ سفنها المتخصصة وغواصاتها وطائراتها بلا طيار عمليات استطلاع وإنقاذ تحت الماء وأمور أخرى، وتدير المديرية سفينة "يانتار"، وعدد طاقمها نحو 60 شخصا، وكانت أخيرا قبالة سواحل أمريكا اللاتينية لمساعدة الأرجنتين في البحث عن غواصة مفقودة. وأوردت «بارلامنتسكايا جازيتا»، وهي نشرة يصدرها البرلمان الروسي، في أكتوبر الماضي، أن لدى "يانتار" معدات مصممة للتتبع في أعماق البحار والاتصال بكابلات الاتصالات السرية جدا. وأضافت أنه في سبتمبر 2015، كانت «يانتار» قرب كينز باي في جورجيا، وهي قاعدة غواصات أمريكية، تجمع معلومات عن معدات الغواصات الأمريكية، بما في ذلك أجهزة الاستشعار تحت الماء وشبكة المعلومات الموحدة العسكرية الأمريكية. وبثت شبكة تلفزة روسية تديرها الحكومة أن يانتار قادرة، ليس فحسب على الاتصال بكابلات سرية جدا، بل أن تقطعها وتشوّش على أجهزة الاستشعار تحت الماء، عبر نظام خاص. ويلفت ستيفان واتكنز، وهو مستشار لأمن تكنولوجيا المعلومات في كندا، يتابع نشاط السفينة، إلى أن لا دليل قاطعا على تورطها بممارسات شائنة. واستدرك متسائلًا عما تفعله السفينة لدى توقفها فوق كابلات مهمة، أو لدى وقف جهازها للتتبّع الخاص بالنظام الآلي لتحديد الهوية. وأضاف في إشارة إلى طاقم يانتار: "أعتقد بأنهم ليسوا منفذي أي عمل تخريبي، بل يضعون أسس عمليات مستقبلية". وكانت تحرّكات "يانتار" أثارت تساؤلات، بما في ذلك خلال صيانة طارئة أمرت بها شركة اتصالات سورية، عام 2016، لإصلاح كابل في البحر المتوسط، يومن الإنترنت لدول، بينها سورية وليبيا ولبنان. وفي العام ذاته، رست السفينة لأيام قبالة سواحل مدينة بوشهر الإيرانية، بعد إصلاح كابل بحري يربط بين دول الخليج، إثر تعطله في إيران.