بالصور.. المرأة الفرعونية أبدعت في تسريحات الشعر واستخدام الصبغة قال الدكتور حازم الكريتي، الباحث الأثري ومفتش آثار بمنطقة سقارة، إن المرأة الفرعونية كانت على وعي تام بأن النظافة هي مفتاح الجمال، ولذلك كانت سباقة في وضع سلوكيات وآداب التحضر. وذكر أن "المرأة الفرعونية" كان لها السبق في وضع أسس ومقاييس الجمال لحواء، ولم تهتم بجانب واحد دون الآخر، إنما شملت قواعد العناية بالوجه، فاخترعت له العديد من الماسكات، منها ما هو طبيعي كطمي النيل، أو بعض الزيوت والعسل، إلى جانب ذلك اختارت أرقى الملابس وأبدعت حياكتها وفقا للعديد من خطوط الموضة التي مازالت بيوت الخبرة العالمية تقتدي بها حتى الآن. وأكد "الكريتي" أن المرأة الفرعونية أولت بشرتها عناية كبيرة، فقد عرفت أقنعة العناية بالبشرة، بهدف تقويتها وتجديد شبابها وإمدادها بالعناصر اللازمة لبقائها يافعة، استخدمت لذلك "الغرين"، الذي يجلبه النيل زمن فيضانه، لصنع قناع للوجه والجسم، كما أن بيوت الخبرة في مجال العناية بالجمال اتجهت إلى استخدام أنواع الطينات التي تتوفر فيها العناصر الطبيعية والمعدنية سهلة الامتصاص، لعمل أقنعة للبشرة لما لها من أثر فعال في تغذية البشرة وتقويتها وتجديد حيويتها والمحافظة على نضارتها وليونتها وصفائها. كما استخدمت العديد من أنواع الأقنعة، منها التي استخدمت فيها عسل النحل ومطحون الحلبة والأعشاب، وأيضًا العديد من أنواع الزيوت النباتية لترطيب بشرتها وتغذيتها، فاستعملت زيت البابونج الذي بدأت شركات إنتاج مستحضرات التجميل في استخدامه كعنصر فعال في تغذية البشرة والعناية بها، بعد أن تأكد لها أنه أفضل أنواع الزيوت فعالية في هذا المجال لما له من فوائد متعددة ولأنه ليس له أي آثار جانبية. كما أنها استخدمت زيت الحلبة، الذي يتميز بقدرته الفائقة على مقاومة التجاعيد وتأخير ظهورها، إضافة إلى أثره الفعال في القضاء على النمش، وقد ثبت أن الملكة "كليوباترا" استخدمته بغرض العناية ببشرتها والمحافظة على شبابها. كما أدركت أن للشعر دورا كبيرا في إضفاء مظاهر الجاذبية والجمال على المرأة، فقامت بعمل تصفيفات تناسبت مع ملامحها وتكوين وجهها، وقد عرفت مصففات الشعر في مصر الفرعونية باسم "ناشت" وكان دورهن يكمن في ابتكار التسريحات وتهذيب الشعر ونظافته، فعرفت المرأة العديد من التسريحات نعرفها نحن اليوم "كالكاريه"، و"البانك"، والشعر المسدل المجعد والمتدرج والقصير، والطويل، والجدائل بمختلف أشكالها، إضافة إلى الشعر المضموم لأعلى بطريقة "الشينيون". وأضاف الكريتي: كانت المرأة المصرية تغير تسريحة شعرها من وقت إلى آخر ومن مناسبة إلى أخرى، والمرأة الفرعونية أول من استخدم "الباروكة"، حيث شاع في ذلك الوقت استخدام الشعر المستعار بجميع أشكاله كالخصلات والجدائل والحشو. كما استخدمت مثبتات الشعر المتنوعة من الدهون الحيوانية والشمع لتثبيتها، وحرصت على استكمال زينة شعرها بإضافة بعض اللمسات الجمالية بوضع دبابيس التثبيت التي صنعت من مواد مختلفة، إلى جانب ما استخدمته حواء من أمشاط للزينة وأشرطة مشغولة ومزخرفة وخرز وريش وزهور وحلي ذهبية وفضية. ولنظافة شعرها استخدمت منقوع أوراق شجر الدر "النبق" وذلك لتخليصه مما يعلق به من دهون ومواد عضوية، إضافة إلى استخداماتها العادية لمواد قريبة الشبه بالصابون، وللتغلب على المشكلات المتعلقة بشعرها، استخدمت مجموعة من الزيوت الطبيعية مثل زيت الخروع وزيت الزيتون المضاف إليهما خام الحديد لإكساب الشعر النعومة والبريق، وقد عرف حاليا باسم "البرماتنت". وعن حرص المرأة المصرية القديمة وعنايتها بعيونها، فتؤكد البرديات أن المرأة المصرية بالغت في الاهتمام بجمال عيونها، حتى تبدو ساحرة وجذابة، واستخدمت لذلك كحلا وظلالا للعيون، وكانت أنواع الكحل التي استخدمتها كثيرة منها كحل الملاغيت، وهو خام أخضر مائل للزرقة من خامات النحاس، وكحل الجالينا وهو خام أشبه بخامات الرصاص، والكحل البلدي السناج، ويحضر هذا الكحل عن طريق إحراق بذور الكتان أو قشر اللوز، وقد استعملته حواء الفرعونية لتحديد خطوط العين من الداخل، باستخدام المرود. كما ظهرت المرأة المصرية كحيلة العينين نجدها أيضا اهتمت بجمال حاجبيها، حيث تدخلت في شكلهما حذفا وإضافة لتصل بذلك إلى أكمل وأجمل صورة تناسبهما، واستخدمت الملاقط ومقصات صغيرة من الذهب والنحاس والبرونز لذلك الغرض. وتابع الكريتي: من الواضح على رسوم المعابد والجدران أن حواء الفرعونية كانت تتعامل مع مستحضرات التجميل بخبرة ووعي وإدراك وبلا مبالغة أو إسراف، حتى أن "المكياچ" الذي استخدمته كان غاية في الشفافية والنعومة فلا يخفي ملامحها أو لون بشرتها الطبيعي. ويتضح من دراسات البردي أنها كانت تستخدم لذلك الحجر الثلجي أو السيلكا، وذلك بعد إعدادها بطحنها وتنعيمها ووضعها في أوان خاصة بذلك، ولإضافة مزيد من الحيوية والجمال لوجهها لوّنت حواء وجنتيها بلون وردي، كانت تحصل عليه من العديد من الأكاسيد الطبيعة، مثل المغرة الحمراء أو أكسيد الحديد الأحمر أو ثمار الرمان الجافة بعد إعدادها، كما لونت شفاهها بطلاء أحمر وكانت تخلط هذا الطلاء بمزج الأكاسيد الطبيعية وبعض الراتنجات والدهون للمحافظة على ليونة الطلاء والشفاه، ولإكسابها بريقا مميزا، واستخدمت كذلك الفرشات لتحديد الشفاه وتلوينها، وهو ما نعتبره حاليًا من أحدث الصيحات في فن التجميل. وعن مدى اهتمام المرأة المصرية بالرياضة، أكد الدكتور حازم الكريتي أن المرأة الفرعونية مارست العديد من أنواع الرياضات البدنية، مما كان له الأثر الكبير في إكسابها الرشاقة وجمال النسب والتوافق العضلي، والإيقاع الحركي والليونة، بل أكثر من ذلك أنها عرفت فنون التدليك، وعنيت بدراسته وممارسته على أساس علمي دقيق مستخدمة في ذلك أنواعا من الزيوت للمحافظة على ليونة ولياقة العضلات التي تعاملت معها بعلم وفن ودراسة لتنشيط الدورة الدموية.