"الموتُ نقيًّا خيرٌ من الحياة مُدنسًّا"، حكمة بليغة تنطبقُ على من يفتدون الوطن بأرواحهم، يستقبلون الموت في جسارة وشجاعة لا يعرفُهما الجبناءُ والأندالُ، نحسبُهم عند الله شهداء، ولا نُزكّى على الله أحدًا، نتباكى عليهم وجه النهار، وننساهم آخره، وننسى وفاءهم للوطن، ونحتفى بوفاء "حسام غالى" لزميله "عماد متعب"، نتعامى عن بطولات الأبطال الحقيقيين، فيما تقيم ستوديوهات التحليل الرياضى "جلسة زار" لهدف "الكابيتانو – الجان"، باعتباره مضرب الأمثال في التضحية والإيثار، إنها لا تعمى الأبصارُ، ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدور، تحاكى القومُ عن بطولة البطل "أحمد منسى" يوما أو بعض يوم، ثم صار للرجل من اسمه نصيبٌ، وأمثالُه لا يليقُ بهم النسيانُ، وانشغلنا سريعا بهروب "الشناوى – جنش" من مباراة "الزمالك وطلائع الجيش"، وتفوق "السقا" في "هروب اضطرارى"، وارتباك "رمضان" في "جواب اعتقال"، واستمرار إخفاق "هنيدى"، لا نعتبر من استشهاد شباب ورجال في عُنفوانهم، فقط نرثيهم بأغنية "فرانكو أراب"، ثم نعاود سيرتنا الأولى، لا تكنْ بطلا، فللبطولة رجالُها، وللوطن ربٌ يحميه وأسودٌ تذودُ عن عرائنها، ولكن ألا تذكرُك تلك التضحياتُ المتراكمة والمتدفقة بالموت، وأنه ليس للحياة عمرٌ افتراضى، وأن الموت يقبضُ الصغير والكبير، والصحيح والسقيم؟ هل تسلل إلى قلبك يوما الخوفُ من "موت غادر"، كالذي يصطاد أبطالنا على الحدود وفى الأكمنة الأمنية، أم لا يزالُ مُتشبثًا بأستار "دنيا زائلة"؟ يا هذا.. انتبه من غفلتك، واعلم أن خالق الحياة لم يكتبْ لأحد من خلقه الخُلد، فالموتُ نهايةُ كل حىّ، وكلُّ ابن أنثى، وإن طالتْ سلامتُه، يوما على آلة حدباء محمولُ، هل قرأت يوما "قصيدة الموت" ل"زين العابدين بن على" التي يقولُ فيها: "سفرى بعيدٌ وزادى قليلٌ، وقوتى ضعُفت، والموتُ يطلبنى"؟ اقرأها فقد تكسرُ جانبا من غرورك، وتقربُّك إلى الله، إن شهداء الوطن لن يزيدهم "حدادُنا البلاستيكى" شيئا، فهم في منزلة أعلى وأعظم شأنا، ولكن الأزمة تكمن في نفوس ضالة مُضلة، ترى الحقَ باطلًا، والباطل حقا، أعماها الشيطان عن السبيل، جهلت وصية النبى الكريم: " كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيل"، وحكمة "ابن الخطاب": "كفى بالموت واعظًا"، وإنْ استحضرنا الموت شاخصا أمامنا لانصلح اعوجاجُ أمرنا، وعاد "الضمير الغائب"، وتفشتْ بيينا مكارمُ الأخلاق التي بعث اللهُ نبيّه الكريم من أجل أن يتممها، قبل أن نبددها، الموتُ هو الدليلُ الأعظم، على وجود الله "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا".