أكد المشاركون في مؤتمر حوار «إسلامي- مسيحي»، الذي عقد في جامعة سيدة اللويزة، ببيروت، ترحيبهم وتأييدهم لإعلان الأزهر الشريف باعتباره دعوةً مخلصةً وصادقةً من جانب كبرى المؤسسات الدينية العربية والإسلامية، لشراكةٍ كاملة، في كل بلدٍ عربي وفي دولة وطنيّة دستوريّة. وأعلن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي البيان الختامي، والتوصيات الصادرة عن المؤتمر والذي جاء بعنوان "إعلان اللويزة". وتنشر "فيتو" نص البيان الختامي للمؤتمر. أولًا: يعلن المشاركون في مؤتمر جامعة سيدة اللويزة عن ترحيبهم وتأييدهم لإعلان الأزهر الشريف باعتباره دعوةً مخلصةً وصادقةً من جانب كبرى المؤسسات الدينية العربية والإسلامية، لشراكةٍ كاملة، في كل بلدٍ عربي وفي دولة وطنيّة دستوريّة مدنيّة تميّز بين الدّين والدّولة وتكون قائمة على المساواة بين كل أفراد الوطن الواحد، وتعزّز التنوّع والتعدّدية الثّقافيّة والدّينيّة، وتستبدل بالمواطنة لفظة "أقليّات" و"أغلبيّات"؛ وإذ يرحبون بنتائج "مؤتمر الأزهر الشريف للسلام العالمي" فإنّهم يضمّون صوتهم للتأكيد على تضامن المؤسسات الدينية وتعاونها في نشر السلام بين الأُمم ونُصرة قيم العدالة والإنصاف، ومكافحة نزعات التطرف والإرهاب، والمشاركة في صنع عالمٍ جديدٍ للأخوّة والمودة والمحبة بين البشر. وهم يثمّنون ويشجّعون كل المبادرات الرامية إلى تثبيت ممارسات المواطنة والدولة الوطنية الدستوريّة والعيش المشترك في العالم العربي، للخروج من الأزمات والبلوغ إلى حياة أفضل. ثانيًا: يؤكد المجتمعون أن حماية الاستقلال الوطني والسيادة اللبنانية، تقتضي تعزيز قاعدة العيش المشترك، والمحافظة على الثوابت الوطنية اللبنانيّة المتمثلة بالميثاق الوطني واتفاق الطائف والدستور. يؤكدون تمسكهم بالمبدأ الدستوري أنه "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك"، سواء لجهة الغَلَبة، أو لجهة الفصل بين أبناء الوطن الواحد على أساس الانتماء الديني أو المذهبي. إنّ المخرج من التوترات الطائفية، وإزالة المخاوف والاصطفافات، وتطوير النظام بما يشجّع الفئات الشابة على المشاركة بفعالية إنما يتمثل بتعزيز روابط المواطنة والتحرر من العصبيات، ونشر قيم الديمقراطية وممارستها بما يؤدّي إلى قيام الدولة المدنية. ثالثًا: إن المشاركين في هذا المؤتمر، ينظرون إلى العيش المشترك، في دولةٍ وطنية دستوريّة مدنية، قائمةٍ على المواطنة واحترام الاختلاف والتعددية، لا على أنه مجرَّدُ تدبيرٍ حصيف يُمليه واقع التنوّع المجتمعي، بل أيضًا وخصوصًا بوصفه فعلَ إيمان، سواءٌ على قاعدة الشهادة للإيمان الخاص في بيئةٍ إنسانية متنوّعة التكوين، أو على قاعدةِ أنَّ الآخر المختلف جزءٌ من تعريف الذات، يكوّنك مثلما تكوّنه، وأن الوطن يكون بجميع بنيه أو لا يكون، ولجميع بنيه أو لا يكون. وهذا ما يفهمونه من فلسفة الكيان اللبناني في أصل نشأته، وفي تجربته التاريخية وفي صيرورته المستقبلية، وفي رسالته الإنسانية. ولئن كان هذا الخيار هو الأصعب بالمقارنة مع خياراتٍ أخرى تبسيطية اختزالية، أو في ظل التوتّرات الدينية في بعض المراحل، إلا أنه الخيار الأكثر جدارةً بكرامة الإنسان وحريّته وازدهاره. رابعًا: يدعو المجتمعون المؤسسات الدينية والجامعية والتعليمية الإسلامية والمسيحية إلى إيجاد صِيَغ للتشاوُر والتعاوُن والانفتاح في المناهج التربوية، والتفكير في تطوير برامج مشتركة تبعث على المزيد من المعرفة المتبادلة والتعارُف، وخلْق أجواء للتشارك الديني والوطني والإنساني، كما يدعون إلى تفعيل مختلف أطر الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان والمنطقة. إنّ اللبنانيين والعرب الآخرين محتاجون في حياتهم المشتركة، وفي علاقاتهم بالعالم إلى تفعيل التزامهم ضد التشدد والتطرف والانعزال من جهة والتمسك بالوسطية والاعتدال من جهةٍ أُخرى. ولا سبيل لذلك إلاّ بالإقبال على بناء ثقافة مشتركة تقول بالتنوع والاعتراف المتبادل. ويشكل التعاون والتشارك بين المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية في شتى المجالات خطوةً مهمةً في بناء الثقافة الجديدة. خامسًا: يعلن المجتمعون عن إرادتهم في التوجُّه إلى الفاتيكان والمؤسسات الدينية العالمية المسيحية والإسلامية الأُخرى للتعاون والتنسيق معها ويعبّرون عن رغبتهم في إيضاح أهمية العيش المشترك في لبنان وتحدياته وهو الذي يشكل الضمانة الحقيقية للحريات والسيادة والاستقلال الوطني. وهذا ما جعله رسالة كما قال القديس البابا يوحنا بولس الثاني. وسط مآسي التقسيم والتهجير والفرز السكاني القسْري والتطهير العرقي، واستهداف المسيحيين من جانب العصابات الإرهابية كما حصل في مصر مؤخرًا واستهداف غيرهم في العراقوسوريا، ومخاطر الفتن المذهبية، والنزاعات والحروب المتفاقمة في عددٍ من دول الجوار العربي، فإنّ صلابة العيش المشترك، وتجذّر الديموقراطية في لبنان يبعثان رسالة أملٍ إلى العرب والعالم بمستقبلٍ آخَرَ للبلدان والعمران؛ وينبغي أن نفعل كل ما بوسعنا نحن اللبنانيين ليظلَّ الوعي بجدية وأهمية التجربة اللبنانية وجدواها لدى العرب ولدى المجتمع الدولي قائمًا وقويًا وواضحًا. إنّ علينا نحن اللبنانيين في حياتنا الدينية والثقافية والمدنية والسياسية أن نجدّد السعي والعمل على جعل لبنان مركزًا دوليًا لحوار الأديان والثّقافات والحضارات، بما يخدم العالم العربي والعلاقات المسيحية- الإسلامية في العالم. سادسًا: يرحب المجتمعون بموقف الكنيسة الكاثوليكية وغيرها من الكنائس في العالم المتضامن مع الشّعب الفلسطيني والمؤيّد لحقوقه الوطنيّة، والدّاعي إلى تجذر المسيحيين في أرضهم، في القدس وسائر فلسطين. ويؤيّدون دعوة القمة العربية المنعقدة في عمان في مارس 2017 لدعم أهالي القدس والمؤسسات المقدسة التعليمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والصحية الرسمية والأهلية، دعمًا لمدينة القدسالمحتلة وتعزيزًا لصمود أهلها ومؤسساتها. وفي هذا الإطار نفسه يرحّب المجتمعون بالبيان الصادر عن المبادرة الأهلية اللبنانيةالفلسطينية بتاريخ كانون الثاني 2017، تحت عنوان: "رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان". سابعًا: يناشد المجتمعون الأسرتين العربيّة والدّولية العمل الجّدي على إيقاف الحروب والنّزاعات في سورياوالعراق واليمن وأي بلد آخر، وإيجاد حلول سياسيّة لها، وإرساء سلام عادل وشامل ودائم، وعودة جميع المهجّرين والنّازحين واللاّجئين والمخطوفين إلى أوطانهم وبيوتهم، حفاظًا على ثقافاتهم الوطنيّة وحقوقهم.