فى قرية عزبة البوصة التابعة لمركز أبوتشت بمحافظة قنا، يوجد منزل بسيط الأركان حمى بين جنباته أحمد محمد عبد النبى، وأشقاءه الثلاثة إيمان وهند ومحمود، ووالدهم ووالدتهم، سافر الأب إلى إحدى الدول العربية فى محاولة منه للبحث عن لقمة العيش وتوفير حياة كريمة لأبنائه الأربعة، الذين لم يجمع من حطام الدنيا سواهم، وتخرج أكبر أبنائه أحمد فى المدرسة الثانوية الفنية الصناعية، وجاء يوم خدمة الوطن، وتقدم للتجنيد كى يؤدى خدمة بلاده العسكرية، وبعد قضاء فترة التدريب بالقاهرة، تم توزيعه على محافظة سيناء ليحمى حدود بلاده بمدينة رفح المصرية. ومع اقتراب شهر رمضان الكريم وقعت الأحداث المؤسفة بمدينة رفح، عندما قام مسلحون باقتحام نقطة حدودية أثناء انطلاق مدفع الإفطار ومع أذان المغرب لتدق ساعات الرحيل ل17 جنديًا مصريًا وهم يتناولون وجبة الإفطار، وحتى البعض منهم استشهد وهو صائم. بطلنا الشهيد أحمد كان صائمًا، عند استشهاده، رحلوا فى صمت ولكن حقهم سيكون فى العلن. «فيتو» التقت أسرة أحمد محمد عبد النبى، شهيد أحداث مدينة رفح فى رمضان الماضى، تفتح قلبها بعد صمت منذ وفاة ابنهم ليعلنوا عن أسفهم لعدم حصولهم على ثأر شهداء الوطن. فى البداية قال محمد أحمد عبد النبى، والد الشهيد: «عندما وقعت تلك الأحداث المؤسفة كنت خارج البلاد وتلقيت نبأ استشهاد أكبر أبنائى بالغربة، وحزنت حزنًا كبيرًا، واحترق قلبى وظللت فى حالة هذيان، وما خرج من فمى وقتها هو (ابنى ضاع ....ابنى ضاع ...راح ضحية الغدر والخيانة). وأضاف: «انتظرت حق ابنى الشهيد هو وزملاؤه، منذ وقوع تلك الأحداث ولكن هيهات، فيبدو أن الثورة لم تغير شيئًا.. أبناؤنا يقتلون وتسيل دماؤهم على الأرض، والمقابل بعض الأوراق الملونة تعويضًا عنهم، أسال الرئيس.. ماذا لو كان ابنك هو أحد الضحايا؟ هل كنت ستقبل عوضًا عنه؟». وتابع والد الشهيد: «لماذا تم إغلاق ملف الحقيقة فى تلك الواقعة؟.. جيش مصر لم يكشف حتى الآن الحقيقة، ومن المتسبب فى تلك الأحداث؟، ومن المسئول عن دماء هؤلاء الأبرياء؟، فبهذه السهولة هان دم أبناء الشهداء على وطننا، إذا فلنخرج لنختار لنا وطنًا آخر يأخذ لنا حقنا». واستكمل حديثه قائلًا: «نحن رفضنا عروضًا كثيرة من بعض الجهات التى قالت لنا: إننا نمتلك فيديوهات سوف تشاهدون من خلالها، من قام بقتل أولادكم، وعندما كنت أقف على جبل عرفات العام الماضى قيل من بعض الشخصيات أن من قام بقتل أولادكم ميليشيات ترتدى قناعات سوداء، أفرغت ما معهم من سلاح فى قلوب أبنائنا وعادت من حيث أتت، ولذا فإننا نطالب بإعادة التحقيق وبشكل علنى للجميع عن الحقيقة، ولن نترك دماء أبنائنا مهما تقدموا لنا». وقالت «نادية»، والدة الشهيد، إنها علمت بنبأ استشهاد نجلها عبر التلفاز، عندما أعلنوا عن وقوع أحداث مدينة رفح، فطلبت من أحد أبنائها أن يفتح التلفاز لكى تشاهد ما يدور، وهى متأكدة بقلبها بأن أحمد وقعت له كارثة، وعندما سمعت بالنبأ ظلت تبكى وتصرخ فى الجميع، وهى تجرى بالشارع مطالبة أهالى القرية بضرورة إحضار ابنها إليها، ولبى الله نداءها وحضر أحمد فى تابوت ملتف بعلم مصر. وأضافت: «حاولت أن أيقظه عدت مرات وأنا أقول له (يا أحمد قوم ......يا أحمد قوم)، لكن رفض أحمد أن يستيقظ، وسلم روحه الى خالقه، فأخذت أقول للناس (ادعوا لى بالصبر).. والآن أطالب المسئولين بضرورة الكشف عن قاتل ابنى».