كثيرون اعتبروا "مركز أورام كفرالشيخ"، بمثابة باب رحمة جديد ينقذ مرضى الأورام السرطانية بمحافظة كفرالشيخ من قوائم الانتظار الطويلة والمعاناة والمشقة التي يواجهونها في رحلات سفرهم لمستشفيات الأورام بطنطاوالقاهرة والإسكندرية، هذا المستشفى هو الحلم الذي بدأ وضع حجر الأساس له في عهد اللواء أحمد زكى عابدين، محافظ كفرالشيخ الأسبق، عقب اقتراح من مدير مكتبه الراحل "جمال حجاب" الذي توفيت شقيقته بمرض السرطان، وبالفعل قدمت القوات المسلحة التصميم والرسومات الهندسية للموقع مجانا، وتم اختيار مكان الإنشاء بشرق كفرالشيخ بمساحة 3400 متر مسطح بتكلفة إجمالية 73 مليون جنيه بتاريخ التعاقد في 6 يونيو من العام 2012 يشمل أعمالًا مدنية وتشطيبات، بينما نسبة إنجاز الأعمال المنفذة بالمشروع 55% أعمال مدنية، بينما بلغت نسبة الأعمال الكهروميكانيك 1.5%، في حين بلغ إجمالى تبرعات الأهالي للمشروع 10 ملايين جنيه حتى الآن. إلا أنه وبعد اكتمال الهيكل الخرسانى للمستشفى توقف المشروع بالكامل منذ شهرين وحتى كتابة تلك السطور، "فيتو" في التقرير التالى ترصد أسباب توقف المشروع الذي انتظره الكثيرون في محافظة مليئة بالأوبئة والأمراض بسبب وجود مصادر تلوث كثيرة ومنتشرة وعلى رأسها مصرف كتشنر أو "المصرف القاتل" الذي تسبب في انتشار الأورام والفشل الكلوى. من جانبه قال المهندس، محمد صلاح، مدير تنفيذى بالمشروع: من المفترض أن مدة تنفيذ إنشاء المستشفى 3 سنوات من 2012 وحتى 2015، لكن للأسف عدم توفر الإمكانيات المادية تسبب في تعطل المشروع، رغم إعلان اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ، الانتهاء من تشطيبات المستشفى بنهاية عام 2016 إلا أن شيئا من هذا لم يحدث، وظهرت مشكلات في عمليات الإنشاء كتعديل بنود أسعار التعاقد بسبب موجات ارتفاع الأسعار التي شهدتها البلاد في الأشهر القليلة الماضية، وهو ما يتطلب وجود فروق أسعار، إضافة لعدم وجود أي دعم مالى لاستكمال المشروع، وهو ما أجل تسليم المشروع والمقيد بتاريخ "نهو" في 31\10\2016 بواقع 6 أدوار بها 100 غرفة إقامة كاملة وغرفة للعناية المركزة، بمساحة 3400 متر فقط. وتابع: منذ فترة فوجئنا بوضع حجر أساس لمدرسة ابتدائي، بجوار مركز الأورام، فتعجبنا كيف يمكن إنشاء مدرسة بجوار مستشفى به مواد كيماوية، إلا أنه بعد فترة تم إلغاء الفكرة وبقى حجر الأساس كما ترون، ولكن بعد فترة وجدنا بعض الأشخاص هنا يقومون بعمل مقايسات لإنشاء إبراج سكنية استثمارية، وهو ما سيمنع وجود "لاند سكيب" مساحات خضراء بجوار المستشفى، كما كان مخطط في الرسم الهندسى، حيث قال هؤلاء الأشخاص إنهم اشتروا تلك المنطقة منذ فترة، وفى رأيى الشخصى المستشفى كان بحاجة لوجود هدوء حوله وحديقة خضراء، كما خططتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وليس إنشاء أبراج سكنية! جمعية الأورام المسئولة عن المشروع من جانبه أوضح الدكتور محمد أبوزيد الفقي، عضو مجلس إدارة جمعية رعاية مرضى الأورام بكفر الشيخ أن العمل متوقف بالإنشاءات الخاصة بمركز الأورام بالمحافظة منذ 60 يوما، وذلك على خلفية رفض الشركة المنفذة "المقاولون العرب" استكمال الإنشاءات بسبب المطالبة بتعديل أسعار التعاقد، بعد الزيادات الكبيرة التي شهدتها أسعار مواد البناء والمعمار بصورة كبيرة، حيث إن المركز بدأ العمل فيه منذ عدة سنوات وأسندت أعمال الإنشاءات فيه لشركة المقاولون العرب، وتم تنفيذ الأعمال الإنشائية للخرسانات في أقسام "أ – ب – ج" بارتفاع 6 طوابق في القسم " أ " و3 طوابق في قسمى "ب - ج " والتي تشمل غرف المرضى والإدارة وقسم الأشعة وغيرها من الأقسام. في ذات السياق قال أشرف صحصاح، أمين صندوق جمعية الأورام: المقاولون العرب تستغل فرصة أنها شركة حكومية وتتقاعس عن التنفيذ، وتم إرسال إنذارات لها فنحن كطرف ملتزم ولم يتم وقف أي مستخلص لشركة وتم صرف جميع المستخلصات لهم ولم نتأخر يومًا عن السداد حتى أنه لا يوجد أي غرامات تأخير، والعقد شريعة المتعاقدين، ووفقًا للعقد المبرم بين اللواء أحمد زكى عابدين مع المهندس إبراهيم محلب، ومدة سريان العملية 36 شهرا لم نتأخر عن مستخلص، وكان من المفترض تسليم العملية، في عام 2015 ولم يتم التسليم، ولم تطلب الشركة مد مهلة لاستكمال المشروع، وهو ما دفعها لإرسال إنذار منذ شهرين لسحب العملية منهم وتنفيذها على حسابهم بمعرفة شركة أخرى وهذا حقنا القانونى، وكان ردهم أن فروق الأسعار ستتسبب للشركة في خسائر فادحة، ولكن ما ذنبنا كطرف متعاقد فنحن ملتزمون بعقد وحتى الآن وصلهم 24 مليون جنيه صرف مستخلصات، وأتحدى أن تعلن الشركة تأخيرنا عن صرف أي مستخلص لها وهذه حقائق موثقة بالأوراق، ونطالب رئيس الوزراء شخصيًا بالتدخل في هذا الأمر لإلزام الشركة باستكمال المركز وفقًا للعقود القديمة. وأشار "صحصاح" إلى أن اللواء السيد نصر، محافظ كفرالشيخ، أعلن في يناير الماضى نقل تبعية مركز الأورام بالمحافظة، إلى أمانة المراكز الطبية المتخصصة، التابعة لوزارة الصحة، بناءً على قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2428 لسنة 2016، على أن يتم استكمال كل الإجراءات اللازمة، لنقل الأصول الخاصة بالمركز إلى وزارة الصحة والسكان، من خلال بروتوكول يوقع بين الطرفين، لكن الشركة المنفذة تنصلت من التوقيع على هذا العقد ضاربة بوزارة الصحة عرض الحائط، ولا يمكن أن أسمى ما تفعله شركة المقاولين معنا سوى أنه عدم التزام واضح منهم، ونحن على أتم الاستعداد لصرف بقية المستخلصات المطلوبة، وفقًا للعقود القديمة حال استكمال الشركة المنفذة العمل. أزمة مرضى الأورام على الجانب الآخر، اتضح أن الأزمات التي اشتعلت بين المحافظة والشركة المنفذة للمشروع، لم يتأثر أحد بها سوى المرضى، وهو ما كشفته "أم محمود" التي تحدثت قائلة: أقيم في إحدى قرى كفر الشيخ، ابنى مصاب بورم سرطانى في الفص الأيمن بالمخ، وعمره لا يتجاوز ال 23 عامًا، وسافرت به لمعهد الأورام بطنطا نظرًا لعدم وجود معهد أورام بكفرالشيخ، إلا أنه تم وضعى في قائمة انتظار طويلة وللأسف انتقل الورم من الجزء الأيمن للجزء الأيسر، ويعلم الله أننى أعيش معاناة حقيقية مع ابنى، فبخلاف المعاناة والمشقة التي نتحملها خلال جلسات الكيماوى، هناك مشقة أكبر في السفر والانتظار الطويل الذي لا ينتهى، فأشعر أن قلبى يبكى دمًا عندما أرى ابنى سيسقط منى أرضًا بسبب عدم تحمله السفر، ولست أنا فقط من أتعرض لهذا الأمر فيوجد غيرى العشرات من المرضى هنا بكفرالشيخ والذين يسافرون لمعهد طنطا ومنهم من يسافر إلى القاهرة، والمصاريف أصبحت كبيرة ولم أعد أتحمل، والله العظيم أنا بشحت جلسات العلاج لابنى ومصاريف السفر بدون علمه ولو عرف هيرفض العلاج، فماذا أفعل؟ أتركه ليموت أمامى؟ في ذات السياق، قال محمد سمير، مريض بورم سرطانى بالمخ: سعدت عندما علمت أن كفرالشيخ سيتم إنشاء مركز لعلاج الأورام بها، وقلت "هترحم من عناء السفر لمعاهد الأورام بطنطاوالقاهرة" فإننى لم أعد أتحمل وجسدى هزيل للغاية فبالكاد أتحمل جلسات العلاج فهى وحدها ألم لا يمكن وصفه، كما أننى غير قادر على أعباء الحياة ومصروفات السفر وقوائم الانتظار، التي لا تفرق بين شاب ومسن وطفل فجميعنا نقف في طابور يملأه الألم والعذاب والمعاناة. "سمير" أنهى حديثه بقوله: أناشد جميع المسئولين، إنشاء هذا المركز وسرعة إنهائه لأن اليوم الواحد الذي تتأخرون فيه ندفع نحن ثمنه من أجسادنا، ونتمنى أن يكون العلاج بهذا المركز مجانًا وغير مكلف لأننا بالكاد نعيش.