خضر: يجب على الأزهر إن يتبني مشروعًا قوميا لإحياء أخلاق الإسلام الحقيقية أمراض القلوب لا تقل خطورة عن أمراض الجسد، وتنتشر بين البشر وخاصة النساء مثل الغيرة والحقد والحسد، ورغم أن جميع الديانات السماوية نهت عن تلك الأمراض فإنها أصبحت داء ونقيصة تمس قلوب كثيرين. يصنف العلماء مرض القلوب إلى نوعين: مرض شبهة وشك، ومرض شهوة وغي، وكلاهما في القرآن. ولكن الغيرة هي الأساس في أمراض القلوب، فمنها تتولد باقى الصفات المشينة، لأنها تعمى القلب وتجعله لا يفكر إلا بالشر، فحين يغير شخص من آخر ولا يقوم نفسه ويضبط سلوكه تجده يكرهه ويحقد عليه ويحسده ويتمنى زوال النعمة منه، ويخوض في سيرته وينم عليه في المجالس، ويشوه سمعته، ويفعل كل شيء والغيرة قد تدفع إلى القتل في بعض الأحيان، لذا هي مرض خطير على المجتمع لا بد من مجابهته، وفى الوقت نفسه هناك غيرة محمودة تشمل غيرة الأب على أولاده وعلى زوجته وأهل بيته. ورغم أن هناك تفرقة في المصطلحات بين الغيرة والحسد وغيرها من أمراض القلوب فإن الغيرة تظل هي الدافع الرئيسى والمحرك لباقى الصفات السيئة، وهناك فرق بين الغيرة والغبطة، فالأولى هي تمنى زوال النعمة من الشخص، أما الغبطة فهى تمنى النعمة بدون الرغبة في زوالها من الغير. الشيخ عبد الحميد الأطرش الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر، أوضح أن الأمراض الأخلاقية موجودة منذ الازل، فجريمة الحقد والحسد وجدت من ابن آدم ضد أخيه وجسدتها قصة قابيل وهابيل، وبسبب هذه الأمراض قتل الأخ أخاه، مشيرا إلى أنه حينما تغلب المادية والأنانية والنرجسية على النفس التي بها نقائص من معدن خسيس ومن عنصر ردئ ينظر إلى الآخرين بفشله وعجزه نظرة الحقد والغل والحسد والكراهية والمقت، ولذلك سبحانه وتعالى أمرنا أن نتعوذ من الحاسدين، وقال سبحانه: "من شر حاسد إذا حسد". وتابع قائلا:" للأسف حينما يقل الوازع الدينى تكثر هذه الأمراض، ولذلك قال الله في القرآن الكريم (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) الرسول أمر العائن أي الحاسد بأن يبارك أن يقول بارك الله فيك أو لك، وأيضًا من المعالجات تنمية الوازع الدينى والرضا بقدر الله وقضائه. لو علم الإنسان معنى (وكان أمر الله قدر مقدورًا.. وكان ذلك في الكتاب مسطورًأ) لأراح واستراح. ونبه إلى أن الخلاصة أن يرضى الناس بالقدر خيره وشره حلوه ومره. رئيس لجنة الفتوى السابق، حذر من خطورة أمراض القلب على المجتمع، لأنها تنشر بذور العداوة بين أفراد المجتمع، ويعيشون في شحناء مستمر ما يؤخر عجلة الإنتاج، وتطور البلاد. وقال الأطرش إن الحسد أمر واقع حقيقي. لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: إن العين حق، إن العين تدخل الجمل القدر، وتدخل الرجل القبر. وقد كان في عهد النبى صلى الله عليه وسلم قبيلة "بنو أسد" اشتهرت بالحسد، ولذلك نزلت الآية: "وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ"، والإنسان يتعوذ من عين الحاسد بأن يقرأ سورة الإخلاص والناس والفلق حتى لا تصيبه أعين الحاسدين. وأضاف أما الحقد فهو مرض قلبى يغرس في قلوب أهل الحقد وأهل العداوة والبغضاء فيحقدون على الناس ويتمنون زوال نعم الله عليهم كالحاسد سواء بسواء، لأن الحاسد لا يرضيه إلا زوال نعمة المحسود، وكذلك الحاقد لا يرضيه إلا أن يرى من يحقد عليه في صور سيئة، والعلاج من هذا الداء الخطير الذي انتشر في المجتمع من حقد وبغضاء وما إلى ذلك وضحه النبى وهو جالس مع أصحابه في القصة التالية حينما قال سيدخل الآن رجل من أهل الجنة، ودخل صحابي، وتكرر ذلك ثانية ثم تكرر للمرة الثالثة.، فأراد عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن يعرف ما الذي يتميز به هذا الرجل، ولهذا فقد طلب منه أن يقيم معه في منزله ثلاثة أيام، وسمح له الرجل بأن يقيم معه. ولاحظ عبد الله بأن الرجل لم يفعل شيئا غير اعتيادي، فهو لم يصم طوال الوقت، وكان ينام جزءا من الليل، ويصلى في الجزء الآخر وهكذا.، ولهذا فقد أخبره عبد الله بعد مرور 3 أيام بالسبب الحقيقى لطلبه بأن يقيم معه وسأله عن السبب وراء كونه من أهل الجنة. فلم يذكر الرجل رضى الله عنه شيئا، لكن بعد وهلة قال: إنى كل ليلة قبل خلودى للنوم أعفو عمن ظلمني، وأتخلص من أية ضغينة أحملها في قلبى تجاه أي أحد". إذن من أراد الخير من الله فليحب الخير لعباد الله وليطهر قلبه. أستاذ علم الاجتماع الدكتورة سامية خضر أوضحت أن كل شيء في الدنيا له أساس، حينما نمر على حديقة نشتم رائحة جميلة نعرف أنها مزروعة وردًا والرائحة دالة على المكان. لذلك أجدادنا كانوا يقولون لنا إن كل إناء بما فيه ينضح، أي أن تصرفات المرء تدل على بيئته، لذا فكل الأمراض التي ابتلى بها العصر نابعة من عدم التربية السليمة وعدم زرع الوازع الدينى في القلوب. وأضافت أن القيم الدينية من ضمنها ألا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وللأسف القيم الدينية في المجتمع متجهة للإلحاد بصورة كبيرة، ولا بد أن يزرع الآباء ذلك في الأبناء، وهناك أربعة محاور تربط الآباء بأولادهم: الحب والاهتمام، الحضن، التوجيه، وطريقة العقاب. ويتطلب علاج أمراض القلوب جهاد النفس والتوبة إلى الله وحب الخير للآخر وعدم الانصياع وراء أهداف الشيطان حتى لا يكون الإنسان فريسة لهواه ونفسه الإمارة بالسوء. والقرآن الكريم من أكبر النعم التي أنعم بها الله سبحانه وتعالى، وبه علاج للناس من أمراض النفس والهوى والقلب. وأرجعت خضر، مثل هذه الأمور إلى أن الناس أصبحت تهتم بالزيت والسكر ونسيت الأخلاق، مؤكدة على ضرورة التوعية ومحاولات نشر الأخلاق الكريمة. مضيفة أن الإعلام حاليًا لا يقوم بدوره المنوط به بل ونسمع منه الألفاظ المسيئة. وأضافت أن دولة مثال اليابان تركز على الأخلاق قبل الطعام، مشيرة إلى أن هناك ضرورة ملحة لعودة الأخلاق في مصر حتى يتم القضاء على أي ظواهر شاذة، وشددت على أن الأزهر يجب أن يضع مشروعًا أخلاقيًا، ويجب غرس أهمية الكلمات السحرية للتعامل بين الناس مثل شكرًا، حضرتك، من فضلك وهكذا.