يرفض لاجئون سوريون في برلين نقلهم من مراكز الإيواء إلى حاويات على هامش المجتمع الألماني، معتبرين العيش فيها جحيما يعيدهم إلى معاناة محطات رحلات عذابهم عبر تركيا وأوروبا الشرقية". ويقول عمر الطيان، الأب لثلاثة أطفال، عارضًا مأساته: "صحيح أن الظروف الحياتية عموما والصحية خصوصا سيئة في المبيت ولا تتوافق والحياة الكريمة، لكنني كالعديد من ساكني مركز الإيواء لا نريد التنقل من جديد إلى مكان أسوأ". وواصل الأب البالغ من العمر 34 عاما كلامه بحماس وصوت مرتفع بالقول: "إن مكان إيوائنا الجديد عبارة عن مجموعة من الحاويات البيضاء منتشرة على مساحة قاحلة مطوقة بسياج حديدي، ويذكرني بمراكز الإيقاف في اليونان وصربيا." إن حركة النقل التي تنتظر الدمشقي في غضون الأيام القادمة تعد تطورا سلبيا في حياته في ألمانيا التي قدم إليها قبل نحو سنتين مع ثلة من أبناء وطنه فارين من حرب تمزق وطنهم. وأضاف غيث الأسعدي الشاب العشريني الذي يقطن هو الآخر في نفس مركز الإيواء ليس سعيدا بالمرة هو الآخر بما ينتظرهما خلال الأسبوعين القادمين"، قمنا باحتجاجات سلمية أمام مكتب الإدارة، مطلبنا كان البقاء في المبني إلى الحصول على شقق أو أماكن ملائمة، ونرفض هذا القرار الذي يعيدنا إلى نقطة الصفر". الكل هنا، يرفضون السكن في الحاويات الحديدية ويعتبرون المكان الجديد عبارة عن "أحياء قصديرية" خارج الحياة الاجتماعية، أخرج الشاب غيث الحلبي هاتفه الجوال ليرينا صور أخذها للمجمع السكني الجديد، ثم قال "أنا لست سعيدا بالسكن الجديد". المحطة الأخيرة الغرض من حركة نقل سكان مراكز الإيواء إلى أماكن أخرى يعود بالدرجة الأولى إلى وضع البناية الذي بات في حاجة ماسة إلى إصلاحات ضرورية، هذا ما قالته السيدة صوفيا شونيفالد من إدارة المركز ثم استرسلت متابعة: "الوضع الصحي في هذا المركز في حي فلمارسدورف على غرار المراكز البرلينية الأخرى أضحى لا يطاق ولا يتماشى والمواصفات القانونية لذا بات من الضروري حسب الإدارة المعنية توفير فضاءات سكنية صحية"، عنت السيدة شونيفالد بكلامها أن مساحة الحمامات في طوابق البناية باتت لا تطاق وغير صحية بالمرة، ولذا توجب على الإدارة الوصول إلى حل سريع. إبان حوار السيدة شونيفالد مسئولة في مركز الإيواء مع DW، كانت تلقى بنظراتها إلى الأب السوري عمر، ثم أضافت: "يمكن القول إن الحاويات لاتمثل مكانا مثاليا خاصة للعائلات إلا أن هذا الإجراء مؤقت إلى أن تحصل العائلة على شقة"، مشيرة إلى أن لهذه الحاويات جانب إيجابي ففيها لا يتقاسم المرء مساحته الخاصة مع آخرين مثلما هو الحال عليه الآن والسكن في الحاويات سيكون المحطة الأخيرة وسيأتي بعدها الانفراج". كلام المسئولة كان يبشر بالأمل كما عمر إلا أنه شكك في كلامها، فهو يعتقد أن المدة السكنية في الحاويات لن تكون قصيرة مثل ما أكدت ممثلة الإدارة، ثم قال منفعلا: "ليس بالهين الحصول على سكن هنا في برلين والكل يعرف ذلك جيدا، ناهيك عن شروط صعبة تضعها مكاتب التشغيل الألمانية". لا للتهميش تمثل منظمة "كوراج" الواقعة في حي كروتزبارج البرليني عنوانا هاما للاجئين السوريين، إذ تقدم لهم المشورة بلغتهم الأم وتعنى أيضًا بشئونهم ومشاغلهم وتعينهم في مواجهة الصعوبات القانونية". وقالت سندرا فوس من منظمة كوراج: "نحن ضد مراكز الإيواء الجماعية التي لا تتوافق والحياة الإنسانية الكريمة، كنا وما زلنا نطالب بالإسراع في إيجاد حلول سريعة سيما للعائلات التي هي في حاجة ماسة لفضاء سكني ملائم وأفضل مما هو عليه الحال اليوم، لكن كما ترون لا تزال أعداد كبيرة من الوافدين الجدد تقيم في مراكز لا يشعر فيها المرء بالراحة ولا بحرية الحركة". وتابعت معلقة على وضع الحاويات السكنية التي أعدت مؤخرًا لاستعاب اللاجئين" نرى أن هذا إجراء غير مسئول من قبل الدوائر المعنية، إنها بمثابة صدمة نفسية بالنسبة للاجئين، فهم سيتذكرون مجددا ما عاشوه من فضائع في المخيمات التركية واللبنانية وما رآه بعضهم في مراكز الإيقاف باليونان وبعض دول شرق أوروبا، إن الفضاء السكني الجديد بعيد كل البعد عن الحياة الكريمة التي ينص عليها الدستور الألماني"، وهذا الإجراء ضد سياسة الاندماج في المجتمع التي نسعى إليها جميعًا. وحتى لا يكون عمر الطيان ضحية التهميش الاجتماعي شرع منذ أسابيع في البحث بكثافة عن شقة تؤمن له ولعائلته حياة كريمة بعيدًا عن جحيم الحاويات المعدنية حسب وصف اللاجئين. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل