وسط طقس معتدل، بدأت الاستعدادات فى تركيا للاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة فى الميادين الرئيسية بالمدن الكبرى، بعد عام طويل من شواغل الحياة وأخبار السياسة والإرهاب والاقتصاد وزيادة الأسعار. وتشهد مدينتا إسطنبول وأنقرة، حيث يحتل الاحتفال برأس السنة مكانة مهمة فى حياة جانب كبير من المواطنين الأتراك والسياح بهما، طقسا معتدلا استثنائيا أقرب إلى الربيع فى هذا الوقت من العام فى نهاية ديسمبر، حيث تهطل الثلوج ويغطى الجليد الطرقات. وعادة ما تتركز الاحتفالات ببدء العام الجديد فى المدن الكبرى فى تركيا، وعلى رأسها إسطنبولالمدينة التاريخية والمركز الثقافى والاقتصادى والمالى لتركيا، وإحدى كبريات مدنها التى تحظى بنصيب الأسد فى تلك الاحتفالات الصاخبة، وهى أهم احتفالات على وجه الإطلاق فى عموم تركيا، حيث تجتذب الآلاف من الأجانب والعرب والأتراك. وتشهد الميادين الكبرى: "تقسيم" فى إسطنبول، و"كيزلاى" بأنقرة، أكبر الاحتفالات عند منتصف الليل بمقدم العام الجديد، تليها مدن إزمير بمنطقة بحر إيجه شمال غرب تركيا، وبورصة منطقة بحر مرمرة بغرب تركيا، ومدينة موغلا غرب تركيا، وكذلك "أنطاليا" تلك المدينة السياحية جنوب تركيا على البحر المتوسط، ومدينة (إسكى شهير) القريبة من العاصمة، بينما تقتصر الاحتفالات فى المدن والأقاليم الأخرى على المستوى العائلى فى البيوت أمام شاشة التليفزيون، حيث تتبارى القنوات التليفزيونية بتقديم حفلات غنائية وموسيقية. وفى إسطنبول لن يشهد ميدان "تقسيم" هذا العام إقامة احتفالات كبرى، حيث تجرى حاليا أعمال إنشاءات لمترو الأنفاق تعرقل حركة المرور، وتم بالفعل نصب مسرح كبير لإحياء احتفالات رأس السنة فى حى "نيشان طاش"، وهو قريب من ميدان تقسيم، كما ستجرى احتفالات أمام فندق "مرمرة" حيث لم تصل أعمال الإنشاءات إليه. ورغم ذلك نظم مجموعة أشخاص من "اتحاد الشباب" تظاهرة فى ميدان تقسيم الليلة الماضية مطالبين المسلمين بعدم الاحتفال بهذه المناسبة؛ لأنها عادة مسيحية ولا تمت للإسلام بصلة. وفى شارع "استقلال" من ميدان "تقسيم" - يعتبر أيقونة إسطنبول - بمحلاته التجارية وأضوائه المتلألئة، تقام الاحتفالات الصاخبة، يشارك فيها السياح من داخل تركيا وخارجها من محبى تلك المدينة السياحية التاريخية، فيما توجه عدد من أغنياء تركيا فى رحلات سريعة إلى مدن الاحتفالات (لندن وباريس) فى أوروبا، وآخرون إلى الجبال لممارسة التزلج على الجليد وتمضية وقت هادئ بعيدا عن هموم المدينة. كما اصطفت الطوابير الطويلة على المناضد الصغيرة لبيع أوراق اليانصيب فى الميادين الكبرى فى المدن التركية، وخاصة إسطنبول وأنقرة، ووقف المواطنون من مختلف الأعمار فى الصف لعل الحظ ينالهم، ولا سيما وأن الجائزة الكبرى بهذه المناسبة تبلغ 45 مليون ليرة (الدولار الأمريكى يوازى 1.75 ليرة)، وتواصل القنوات التليفزيونية الليل بالنهار فى الإعلان عن هذه الجائزة الكبرى، كما تجرى لقاءات مع المواطنين الذين اصطفوا ليصادفهم الحظ بأية ورقة رابحة ودخول السحب. وأما المدن والأقاليم التركية فى عمق هضبة الأناضول، ولا سيما فى الجنوب الشرقى، فتقتصر احتفالات الطبقات المتوسطة على التجمع فى البيوت وسط الأهل والعائلة أمام شاشة التليفزيون حول وجبة شهية وعجائن بجميع أنواعها تشتهر بصنعها ربة البيت التركية من (الفطائر والبوريك)، ويقتصر شراء الديك الرومى على الطبقات المتوسطة الأقرب للغنية، بينما تكتفى الأسر الفقيرة بوجبة "دجاج"، بينما لا يقبل المتدينون من أهل الأناضول على الاحتفال بهذه العادة التى يعتبرونها غربية ولا تمت للإسلام. ومع ذلك لا ينسى الأتراك جميعهم مع بدء عام جديد الابتهال إلى الله أن يحمل العام الجديد لهم وللعالم الخير الوفير والسلام والطمأنينة والدعاء، كما أن عادة الأتراك لمن يقابلهم بالبدء باسم الجلالة "الله"، يليه ما تشاء من الأمنيات والتبريكات الجميلة.