وتزودا فإن خير الزاد التقوى

جاء في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنه قال: "من أفشى السلام وألان الكلام وأطعم الطعام وقام بالليل والناس نيام"، أي ذاكرا متعبدا لله تعالى، دخل جنة ربه بسلام، في هذا الحديث الجامع للأعمال الصالحة التي تؤمن العبد وتدخله الجنة بسلام ندرك فضل وقيمة هذه الأعمال وأثرها في فتح أبواب الرحمة والفضل الإلهي ونحن في هذه الأيام المباركة وفي هذا الشهر الكريم شهر التقرب إلى الله تعالى بالعبادات والأعمال الصالحة نجد الفرصة السانحة، لترجمة ما جاء في الحديث من إفشاء السلام وطيب القول وإطعام الطعام وقيام الليل لعبادة الله عز وجل وذكره.
هذا وقد ورد في فضل إطعام الطعام آيات قرآنية وأحاديث نبوية كثيرة منها قوله تعالى: "فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة"، وقوله عز وجل: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا".
هذا وفي الحديث: "من أفطر صائما كان له مثله من الأجر"، وفي حديث آخر: "لقمة في بطن جائع خير من عبادة سبعين سنة"، هذا وفي فضل الكرم والجود والسخاء يقول صلى الله عليه وسلم: "الكريم حبيب الله، حبيب رسوله، حبيب خلقه، قريب من الجنة بعيد عن النار، والبخيل عدو الله عدو رسوله عدو خلقه بعيد عن الجنة قريب من النار".
وقوله عليه الصلاة والسلام: "اعفوا عن زلة السخي فإنه كلما عثر أخذ الله بيده غيرة عليه"، وفي الحديث القدسي يقول رب العزة سبحانه وتعالى: "من حبي لعبدي الكريم لقبته اسمي فأنا الكريم وقد سميته بالكريم"، ويقول أيضا سبحانه: "إني لأستحي يوم القيامة أن أنشر لعبدي الكريم ديوانا، وأن أقيم له ميزانا، فقد كان يتكرم في الدنيا على خلقي وأنا أكرم الأكرمين أفلا أكرمه"، هذا وأما عن فضل الذكر يقول عزوجل: "اذكروني أذكركم"، ويقول سبحانه: "اذكروا الله ذكرا كثيرا"، وفي الحديث القدسي يقول سبحانه: "أنا حبيب من ذكرني، أنا جليس من ذكرني، أنا أنيس من ذكرني، من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ عندي خير من ملئه"..
ويقول أيضا سبحانه: "أنا مع عبدي ما تحركت شفتاه بذكري"، ويقول تبارك في علاه: "من شغله ذكري عن مسألتي، أي عن الطلب مني والدعاء، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين"، ويقول جل جلاله: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، هذا وأما عن فضل قراءة القرآن فهو فضل عظيم، يقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "لقارئ القرآن بكل حرف عشر حسنات ولا أقول ألم حرف بل الألف حرف واللام حرف والميم حرف"، ويقول أيضا: "من أراد أن يكلم الله فليقرأ القرآن، ومن أراد أن يكلمه الله فليستمع إلى القرآن"، ويقول أيضا: "يأتي القرآن والصيام يشفعان للعبد يوم القيامة".
أحبتي الكرام نحن على أعتاب شهر فضيل كريم على الله تعالى وهو شهر الرحمة والتراحم والوصل والتواصل يضاعف الله فيه الأجر والحسنات.. وينظر فيه سبحانه إلى عباده بعين الشفقة والرحمة فلنقبل على الله تعالى فيه بنوايا خالصة وقلوب صافية وهمة عالية.. وعلى القادر العطف على الفقراء واليتامي والأرامل والمساكين وإطعام الطعام ومد يد العون والمساعدة للمحتاجين ويجبر بخاطرهم.. ومن جبر بخواطر العباد جبر الله بخاطره.. وفي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: "ما عبد الله تعالى بشيء من بعد الفرائض أحب إليه من جبر الخاطر"، وعلينا أن نصون الجوارح من المعاصى ونعمل على تزكية نفوسنا وتطهير قلوبنا وأن نحافظ على صلاتنا ونكثر من ذكر ربنا سبحانه وتعالى، وعلينا أن نتزود ليوم آخرتنا: "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، واتقون يا أولو الألباب"، تقبل الله مني وإياكم الصيام والقيام ووفقنا إلى صالح الأعمال وأعانني الله واياكم على طاعته وحسن عبادته وفتح لنا باب التوفيق والقبول وكل عام وأنتم بخير، ورمضان كريم.