أبواب الخير فى رمضان كثيرة، ولعل من أعظمها إفطار الصائمين خاصة الفقراء منهم والمساكين، فمن خصائص هذا الشهر الكريم أنه شهر المواساة، يتكافل فيه كافة أفراد المجتمع، وتَعمُر فيه البيوت والطرقات بموائد الطعام التى يجهزها المقتدرون لإطعام الطعام ليحوزوا الفضل الذى بشر به النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى حديثه الشريف: «من فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شىء، قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يعطى الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضى شربةً لا يظمأ بعدها، حتى يدخل الجنة». وقوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: «من فَطَّرَ صائمًا، كان له أو كتب له مثل أجر الصائم، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئًا». ولأهمية إطعام الطعام وعظيم أجر هذه العبادة جعل الله سبحانه وتعالى الإطعام فى الكفارات والفدية فالمريض والشيخ الفانى يطعم مسكينًا عن كل يوم، والوطء فى نهار رمضان كفارته «إطعام ستين مسكيناً» إذا لم يقدر على صيام شهرين متتابعين، وكذلك من كفارة اليمين «إطعام عشرة مساكين»، و فى القتل و الظهار «إطعام ستين مسكيناً» إذا لم يقدر على صوم شهرين متتابعين، كما شُرع الإطعام فى نهاية رمضان كما فى زكاة الفطر. وقد جعل الله سبحانه وتعالى إطعام الطعام سبيلًا لدخول الجنة فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذى لا ينطق عن الهوي: «أيها الناس أفشوا السلام، واطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام»، وسئل النبى صلى الله عليه وآله وسلم: (أى الإسلام خيرٌ؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف). وكان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام خاصة فى رمضان ويقدمونه على كثير من العبادات، وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، وداود الطائى ومالك بن دينار، والإمام أحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين، وكانوا يطعمون إخوتهم من المسلمين الفقراء وهم صائمون وهم يقومون على خدمتهم وعبادة إطعام الطعام، هى باب لعبادات أخرى تزيد ترابط المجتمع، فهى تشيع روحا من الود والحب بين أفراد المجتمع من أغنياء وفقراء، فيكون ذلك سبباً لصلاح المجتمعات، وسببًا فى دخول الجنة، فقد أخبرنا النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن: «لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا». نقلا عن " الاهرام " المصرية