كانت هناك محاولة مستميتة من امرأة العزيز للإيقاع بيوسف في شركها، لكنه أبى واستعصم، وكانت عناية الله وحفظه سدا منيعا حال بينه والوقوع في المعصية.. وعند الباب فوجئ العزيز بامرأته تقف خلف يوسف وهى تمسك بقميصه الذي مزقته بيدها.. وقد اتضح له أن المحاولة لم تتم، وأن يوسف بريء مما حاولت أن تنسبه إليه، الأمر الذي خفف من وطأة الموقف على نفسه.. فقط، طلب منها أن تستغفر لذنبها، ومن يوسف ألا يخبر أحدا بما حدث من امرأته، فهذه المجتمعات المسماة "الراقية" تهوى الفضائح المتعلقة بعلية القوم، ومن ثم سوف تتلقف مثل هذه الأخبار وتقوم بتحويلها إلى قصص وحكايات تتسلى وتتلهى بها في جلساتها الخاصة.. وعلى الرغم من التزام يوسف بذلك، فإن الخبر انتشر عبر الخدم الذين شهدوا الواقعة والتي أكدت لهم ما كانوا يلاحظونه ويرقبونه من نظرات الهيام والغرام التي كانت تبدو من امرأة العزيز تجاه يوسف.. نقل هؤلاء ما شاهدونه إلى نظرائهم من خدم القصور الأخرى، ووصل الخبر وشاع، خاصة بين النسوة اللاتى وجدنها فرصة للتندر والحكى (وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عنه نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين).. وانتقل خبر نميمة هؤلاء النسوة إلى امرأة العزيز، فقررت استدعاءهن وتلقينهن درسا لا ينسينه، فهن يهرفن بما لا يعرفن (فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وأتت كل واحدة منهن سكينا)، (وقالت اخرج عليهن).. كانت تعلم أن هؤلاء النسوة سوف يفتن بيوسف عندما يرينه (فلما رأينه أكبرنه) أي علت أصواتهن بالتهليل والإكبار والإعجاب والدهشة لحسن يوسف وجماله لدرجة أنهن لم يدرين أنهن يقطعن أيديهن بالسكاكين فإن هذا الجمال الفائق، والحسن الرائع مما لا يوجد في البشر.. حينذاك، قالت امرأة العزيز (فذلك الذي لمتننى فيه)، أي لكى تعلمن السبب الحقيقى الذي جعلنى أقع في حبه وأشغل به.. قالتها وهى تشعر بالانتصار عليهن.