قرر مؤذن بالصف في الجيزة، أن يطبق شرع الله وحده، اتخذ القرار ووحده نفذه، فأطلق الرصاص علي شابين لصين، ثم أشعل فيهما النار حتي تفحما.. للوهلة الأولي، قد نري الحادث عابراً، مثله مثل عشرات الآلاف من حوادث اخذ القانون بالذراع في شوارعنا، وفي بيوتنا، وفي قرانا، لدينا الآن 58 مليون مصري، كل واحد منهم أصبح قانونا مستقلا، وعقلا مستقلا، وعنادا مستمرا، انقلبت لغة الحوار إلي لغة الرصاص صار الأذان يطلقه مؤذن علامة علي منح صاحبه حق اقتضاء العدالة. الحادث الذي هز الناس ليست دلالته الوحيدة أن الشيخ اشرف نفذ حكم الإعدام في لصين روعا اهل القرية بل المصيبة أنه لجأ الي داعية بالقرية وسأله عن موقف الشريعة من شابين يسرقان، وقد اعترفا له بأنهما واجها صاحب سيارة، وأرغماه بالقوة علي تركها، واخذا منه 02 ألف جنيه. وكان الشيخ اشرف لدهائه قد اعد خطة للتعرف علي مجرمي القرية لتصفيتهم اجمعين وفق شريعة رب العالمين، وبدأ بالشابين..وتقرب اليهما .. ووثقا فيه.. وراحا يحكيان بالتفصيل مغامراتهما. كان الشيخ المؤذن قد احتشد لهما بتحريض الشيخ الداعية، ومن الواضح ان الاخير كان الملاذ الديني المرعوب الذي وفر له الحماية الشرعية من تأنيب الضمير.. فقد رفض الشيخ اشرف منطق عالمين من علماء الازهر بأن يتصل بالشرطة لتطبق القانون، لأن العصر الآن ليس عصر الحرابة علي يد آحاد الناس. بل إن القانون الآن بيد ولي الامر، وليس بيد من يري ان الله اختصه بقطع الايدي وقطح الاعناق! فر الشيخ اشرف إذن من العقل الي الغريزة الحمقاء الدموية غلفها له داعية! في ظني ان القاتل الحقيقي ليس الشيخ المؤذن بل الشيخ المحرض وفي يقيني أن شوارعنا وبيوتنا ومحطاتنا الفضائية تضج الآن بفتاوي الحرابة لكل من تجرأ علي الدين وأخذه بيده! وفي ظني ان اقتضاء الأرواح وحصدها جهاراً نهاراً وبلا رادع من قانون، أو دين، هدفه الترويع وإسكات الناس قمعا ليدخلوا حظيرة التسليم والاستلام تأملوا دأب الشيخ المؤذن علي وضع الخطة تأملوه وهو يتعقب من يعتبرهم مجرمين.. تأملوه وهو يضع كشفا بالاسماء، ثم ينطلق وراءهم.. الواحد بعد الآخر ويخطط كيف يستميلهم ثم يرديهم قتلي، ثم يشعل النيران فيهم! هل هذا المكر الدامي منصوص عليه في كتاب سماوي؟ هذه الروح القاتلة باسم الدين الإسلامي هي المجرم الحقيقي. وهذا المجرم.. لايزال حراً طليقاً علي المسرح السياسي، ويطل علينا كل ليلة من فضائيات التكفير والتجريس والبذاءات. الشيخ أشرف قاتل.. ومقتول ومصر الآن خاضعة لحد الحرابة.. اما الدستور فضعوه في الماء.. وأشبعوه رطوبة .. ثم اعصروه.. ثم اشربوا ماءه! لكم دستوركم.. ولي دستور! لكم قانونكم.. ولي قانون.. الرصاص والسكين