أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 8 ديسمبر 2005، يوم 4 أبريل من كل عام رسميا اليوم الدولي للتوعية بالألغام والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام. ودعت إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، بمساعدة من الأممالمتحدة والمنظمات ذات الصلة المشاركة في الأعمال المتعلقة بالألغام، للقيام، حسب الاقتضاء، بتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديدا خطيرا على سلامة السكان المدنيين المحليين وصحتهم وأرواحهم، أو عائقا أمام جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيدين الوطني والمحلي. وتعتبر الإجراءات المتعلقة بالألغام عملًا إنسانيًا لأنها تنقذ الأنفس، وتضمن تلك الإجراءات إيجاد الألغام الأرضية وأخطار المواد المنفجرة في المناطق التي مزقتها الحروب ومن ثم تدمير تلك الألغام والمواد، مما يمكن في نهاية المطاف من إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين لها. وتنسق إدارة الأممالمتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام أعمال فرق لتطهير الطرق والمدارج من المواد المنفجرة فضلا عن تدريب السكان المحليين على إزالة الألغام والتخلص من المواد المنفجرة. ولذا، فعمل هذه الإدارة الأممية هو عمل أولى حاسم في الجهود الإنسانية التي تبذل في ما بعد. مشكلة الألغام في مصر وتعاني مصر من مشكلة الألغام الأرضية المضادة للأفراد والدبابات والمنتشرة في مساحات كبيرة في منطقة الساحل الشمالى، وخلفت الحرب العالمية الثانية في منطقة العلمين جنوب الساحل الشمالى وحتى حدود مصر الغربية ما يقرب من 17.5 مليون لغم تحتل مساحة تزيد على ربع مليون فدان صالحة للزراعة. وحسب الإحصاءات الرسمية يوجد في مصر حاليًا نحو 21.800 مليون لغم بعدما كان 23 مليون لغم، وذلك بعد نجاح القوات المسلحة المصرية منذ عام 1995 في إزالة ما يقرب من 1.200 مليون لغم. الآثار السلبية للألغام وجود هذا العدد الهائل من الألغام يعوق التنمية عن طريق تعطيل زراعة مساحات شاسعة من الأراضى الصالحة للزراعة على توافر المياه اللازمة لها في مناطق مثل الحمام والعلمين، تعطيل إقامة مشروعات التنمية في الساحل الشمالى وبعض مناطق مطروح، تعطيل مشروعات منخفض القطارة كأحد المشروعات العملاقة لتوليد الطاقة بسبب اعتراض الألغام لطريق القناة، وكذلك التنقيب عن البترول. عوائق إزالة الألغام من ضمن الأسباب التي تعيق عملية إزالة الألغام في مصر تعدد أنواع الألغام المضادة للأفراد والدبابات التي زرعتها قوات الحلفاء والمحور في صحراء مصر الغربية خلال الحرب العالمية الثانية، ومشكلات تحريك الألغام من أماكنها بسبب الكثبان الرملية، والتغيرات المناخية على مدى نصف قرن، ومشكلات حساسية الألغام للانفجار بسبب تقادمها أو بسبب العوامل الجوية، اختفاء أو عدم وجود خرائط لهذه الألغام. كما يعيق عملية إزالة الألغام عدم وجود طرق ممهدة للمناطق الملغومة، وعدم توافر معدات حديثة متقدمة تكنولوجيًا لاستخدامها في عملية إزالة الألغام، والتكلفة المالية التي تحتاجها عملية إزالة نحو 23 مليون لغم، وضخامة الأعباء البشرية المرتبطة بعملية إزالة الألغام، وعدم وجود العدد الكافى من الخبراء، وعدم إدراج مصر على خريطة العمل الدولية لمكافحة الألغام. جهود إزالة الألغام وطالبت مصر الدول التي زرعت الألغام في أراضيها بتحمل مسئولية إزالتها، وذلك خلال مؤتمر نزع السلاح بجنيف 1996، بالإضافة إلى اللقاء الذي تم بين وزير الدفاع المصري ونظيره الألمانى في مارس 1998، والذي أبدت فيه ألمانيا استعدادها لتقديم المساعدة التكنولوجية والمالية لإزالة الألغام، وقدمت ألمانيا لمصر 110 أجهزة للكشف عن الألغام في أكتوبر 1998. كما طالبت مصر من خلال مندوبها في الأممالمتحدة الدول التي زرعت الألغام في مصر بتحمل مسئوليتها وتقديم الخرائط وسجلات حقول الألغام ومواقعها، وذلك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، والكتاب الذي أصدرته وزارة الدفاع بعنوان: "القتلة الحديديون Iron Killers "، والذي كان بمثابة توعية عالمية بمشكلة الألغام في مصر. وطرح الدولة موضوع الألغام في مصر من خلال مناقشات لجنة التعليم والبحث العلمى بالبرلمان، بالإضافة إلى لجهد الذي قامت به وزارة الخارجية المصرية في الاتصال بالدول المعنية، وعلى رأسها بريطانياوألمانيا، ومطالبتها بتقديم مساعدات وأجهزة ومنح تدريبية لإزالة الألغام. مركز مكافحة الألغام تأسس كأول مركز في مصر ومنطقة الشرق الأوسط لمكافحة الألغام وهو منظمة غير حكومية تم تأسيسها في الثالث من ديسمبر عام 1997، بهدف التعاون مع العديد من المنظمات الدولية والإقليمية والجهات الرسمية التي تعمل في مجال مكافحة الألغام في العالم، وهو يضم نخبة من أساتذة الجامعات والصحفيين والمحامين والأطباء والمهندسين والكيميائيين، وتقوم مرجعية المركز على قواعد القانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات الدولية التي تكافح الألغام. أهداف المركز ويهتم المركز بالرصد الجغرافى الدقيق لمواقع الألغام، وتحديدها بحواجز وإشارات تحذيرية، ورصد الأعداد الحقيقية لضحايا الألغام من قتلى أو مصابين، وتصنيفهم، وتقديم الخدمات القانونية والصحية لضحايا الألغام، وتأهيل المعاقين للاندماج مع باقى أفراد المجتمع، والتوعية بخطر الألغام، وتطهير المناطق المصابة بالألغام عبر الاستفادة من الجهود الدولية والرسمية والشعبية المحلية. وقد حرص المركز في سبيل تدعيم عمله على تبادل البيانات والمعلومات والخبرات في مجال مكافحة الألغام مع الدول والمنظمات المعنية، وأسفر جهد المركز عن حصوله على عضوية الحملة الدولية لحظر الألغام، وعضوية ائتلاف المنظمات غير الحكومية من أجل إنشاء محكمة جنائية دولية، كذلك استطاع المركز إعلان تأسيس الحملة العربية لمكافحة الألغام والمكونة من 13 منظمة غير حكومية. اتفاقية أوتاوا على الرغم من أن مصر لم توقع على اتفاقية أوتاوا لحظر استخدام ونقل وتخزين وإنتاج الألغام المضادة للأفراد في ديسمبر 1997، إلا أنها ساندت من حيث المبدأ الهدف من هذه الاتفاقية، سبق وشاركت مصر في كل المراحل التمهيدية السابقة على توقيع الاتفاقية. وطالبت مصر في اجتماعات الخبراء لمناقشة مشروع الاتفاقية في أوسلو في سبتمبر 1997 بمزيد من الضغط الدولى لدفع الدول التي شاركت في معارك الحرب العالمية الثانية على أرض مصر، إلى تقديم خرائط الألغام، وتقديم الدعم الأكبر لإزالتها. وتتفق تمامًا مع الهدف الإنسانى للاتفاقية إلا أن صعوبة موافقاتها على الانضمام، يرجع لأنها تعيق مصر عن ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن النفس والحفاظ على أمنها القومى، وكذلك حقها في الحصول على المساعدات اللازمة لتطهير ألغام زرعت في أراضيها. وتطالب مصر النظر بعين الاعتبار للطبيعة الجغرافية لها، حيث الحدود الشاسعة والتي ليس فيها أي موانع تحول دون عمليات التسلل، وقد تلخص مطلب مصر الأمني في الحصول على بديل اقتصادى مناسب للألغام، وقد تم شرح هذا الموقف خلال المراحل التمهيدية لإعداد مشروع الاتفاقية. كما أن استفادة مصر من المساحات الملغومة والتي بها ثروات كثيرة مختلفة لن تتحقق إلا بتوافر المسئولية الدولية للمساعدة في تطهير الألغام، والمسئولية الإنسانية التي تحتم احترام الحقوق الشرعية للإنسان . لقد أضحت الصورة أكثر إيضاحًا للمأساة التي تخلفها الألغام على البشرية، ومع تدفق المعلومات التي أصبحت الآن متاحة للجميع وتبين مدى حجم الخسائر البشرية من استخدام هذه الألغام، وأصبح التحرك الدولي حاسمًا ونشطًا في مواجهة هذه القضية. وولدت هذه المعلومات اهتمامًا دوليًا واسع النطاق بمشكلة الألغام في العالم وسبل مواجهتها، بعد أن كان العالم إلى وقت قريب يجهل هذه القضية تمامًا، أو لا يضعها في دائرة اهتمامه، ولعل الحملة الدولية لحظر الألغام التي بدأت نشاطها منذ عام 1991، وتدخل الأممالمتحدة بثقلها وإمكانياتها من عام 1994 للبحث عن حلول جذرية لهذه المشكلة. وما تمخض عن الاهتمام الدولى بها في توقيع 135 دولة على اتفاقية دولية تحظر وتحرم استخدام الألغام الأرضية، كل ذلك أصبح مدعاة لتحقيق حاجة المجتمع الدولى الملحة لتضافر الجهود الدولية والإقليمية والمحلية لمواجهة هذا الحظر والقضاء عليه. غير أنه يبقى السؤال المهم حول مدى إلتزام الدول التي زرعت ألغامًا في أراضى الغير، وتركتها رغم انتهاء العمليات الحربية، والأمثلة على ذلك كثيرة مثل الألغام المزروعة في مصر وأفغانستان وغيرها من الدول.