يتيح مكتب العمل التطوعي الألماني الفرصة للنساء والرجال من كل الأعمار للقيام بأعمال مختلفة، يحققون فيها أنفسهم ويقدمون خدمة للمجتمع. وقد أطلق المكتب برنامجًا خاصًا للاجئين، يأمل أن يساعد في تحقيق المزيد من الاندماج. وجوه شابة باسمة مقبلة على الحياة، تجلس على شكل دائرة تتجاذب أطراف الحديث والخبرات بإحدى قاعات أكاديمية كارل رانر في مدينة كولونيا، هم مجموعة من الشباب من مختلف الأعمار مشاركين بمشروع للعمل التطوعي. رحل مثنى ذو ال 19 ربيعا من سوريا بعد أن دمرت الحرب مدرسته الثانوية، وكان عليه التسجيل بالصف الدراسي التاسع بإحدى مدارس كولونيا. نظرًا لصغر سنه عندما وصل إلى ألمانيا في 2015، تم تعيين مسئولة متطوعة لمساعدته في مناحي الحياة المختلفة، وهي التي ساعدته للتعرف على تفاصيل مشروع جديد طرحته الحكومة الألمانية بالتنسيق مع مكتب العمل التطوعي Bundesfreiwilligendienst für Flüchtlinge. فكرة المشروع أعجبته وبادر بالاشتراك فيه منذ سبتمبر 2016. وقع اختياره على تعليم الأطفال والشباب اللاجئين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 9 و18 عاما لعبة التزحلق التي يجيدها. يتنقل مع رفاقه بالعمل التطوعي بحافلة يوميًا ما بين نزل اللاجئين بالمدينة لتعليم الأطفال هذه اللعبة. ساعد العمل التطوعي مثني في تطوير اللغة الألمانية، ويأمل في أن يصل إلى الإجادة التامة للغة. نجح أيضًا من خلال هذا العمل في التعرف على أصدقاء مابين الألمان من مختلف الأعمار وأصبحوا مقربين له. وكما يقول في مقابلة مع مهاجر نيوز: "أثر العمل بشكل إيجابي على شخصيتي وساعدني على تحقيق المزيد من الاندماج بالمجتمع وكسر حاجز اللغة واختلاف الثقافات". فتح له هذا العمل الفرصة للتبادل الثقافي مع زملائه الذين يشاركهم العمل والترفيه أيضًا أحيانًا. لذلك فهو "يشجع اللاجئين الآخرين للانضمام إلى مثل هذه المشروعات". يمتد عقد مثنى بالعمل التطوعي لمدة عام، وهو يأمل في تجديد عقده لعام آخر. خطوة في طريق الحصول على وظيفة مهند طولو، 28 عامًا، أتى من سوريا في نهاية عام 2015، وتعرف على المشروع عن طريق أحد أصدقائه. ساعدته إجادته للغة الإنجليزية في بداية عمله التطوعي، حيث درس الترجمة في سوريا، إلا أن عمله في الدعم الفني لإحدى المؤسسات الألمانية التي تدعم اللاجئين ساعده في تحسين لغته الألمانية كما أكد في مقابلة مع مهاجر نيوز: "دورات اللغة التقليدية غير كافية لمواكبة متطلبات الحياة والاندماج بالمجتمع، وهذا ما وفره لي العمل التطوعي". عن طريق هذا العمل تمكن مهند أيضًا من اكتساب أصدقاء من نفس جيله واهتماماته، ويتمنى أن تساعده خبرته في العمل التطوعي أيضًا في الحصول على فرصة لدراسة متخصصة في مجال الدعم الفني والشبكات الإلكترونية. فكرة المشروع ولدت في خريف 2016 بدعم من الحكومة الألمانية من أجل إدماج اللاجئين، وقام مكتب العمل التطوعي بمدينة كولونيا بتوجيه الدعوة لمسئولي دور اللاجئين بالمدينة ومدرسي اللغة الألمانية للتعريف بالمشروع. يشترك اللاجئ بالمشروع عن طريق عقد عمل تطوعي، تتراوح فيه ساعات العمل ما بين 21 ساعة وبحد أقصى أربعين ساعة بالأسبوع. ويحصل المتطوع على تعويض مادي رمزي مقابل وقته ومجهوده يتراوح ما بين مائة إلى مائتي يورو شهريًا، إضافة لتأمين صحي وتأمين ضد البطالة والحوادث وفقًا للارا كيرش، المسئولة عن المشروع. أعمال في مجالات متعددة تتوفر أماكن العمل الاختياري داخل نطاق مدينة كولونيا في مناحي مختلفة كالأندية الاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، كما يحصل المتطوع بعد إتمام عمله على شهادة خبرة. وترى كيرش في مقابلة مع مهاجر نيوز أن المشروع يدعم الاندماج من أوجه عدة، موضحة: "يمارس المتطوع اللغة بشكل منتظم خلال العمل، كما يتعرف المتطوع من خلال المشروع على كيفية سير العمل اليومي بالمجتمع الألماني، وهو ما يختلف عادة عن النظام المتبع في وطنه الأم، كما أن هذا العمل قد يزيد من فرصة الحصول على وظيفة في المستقبل". يبلغ الحد الأدنى لفترة المشاركة بالمشروع ستة أشهر، ومن المقرر أن يمتد المشروع حتى مطلع عام 2019. أما عن الصعوبات التي تواجه المسؤولين عن المشروع، فهي احتياج المتطوعين لمساعدة في خطواتهم الأولى، فهم عادة ما يحتاجون المساعدة من أجل كتابة السيرة الذاتية للتقديم للعمل. وكذلك كيفية اختيار المكان المناسب لهم بما يتوافق مع إمكانياتهم. وتنصح كيرش اللاجئين الجدد بالانضمام لمشروعات الاندماج لأن تبادل الخبرات يساهم في مزيد من التفاهم، كما يساهم في التعرف على أشخاص جدد وبالتالي يساعد في تحقيق الاندماج. كذلك يكون للاجئين المتطوعين دور هام في تحقيق مزيد من التفاهم، إذ إنهم يمثلون جسرًا بين الثقافتين. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل