سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
معارك النقباء لصون صاحبة الجلالة.. «أبوالفتح» يثور على حرمان الصحفيين من السياسة.. «أباظة» اقتنص أرض النقابة من الإنجليز.. «زهيري» رفض التطبيع.. و«نافع» أبطل القانون 93
بدأت معارك نقابة الصحفيين مع وضع اللبنة الأولى لها، ويبدو أن الطريق إلى 4 شارع "عبد الخالق ثروت" لم يكن مفروشًا بالورود، فأيقن قاصدوه أن الحرية أم المعارك، وأن الكرامة أنسب الطرق لاقتناص الحقوق، فكانت قلعة الحريات بحكم الضمير والتاريخ، شاهدة على نضال أبناءها دفاعًا عن الكلمة دون تحيز أو تفريط. إنها نقابة الصحفيين الذي يمتد تاريخها إلى ما يزيد على سبعة عقود بمعارك قادها رجالًا خلدهم التاريخ بمواقفهم حفاظًا على كيانهم النقابي وأعضائه. الاشتغال بالسياسة كانت أولى المعارك قلعة الحريات التي بدأت في عامها الأول، في عهد محمود أبو الفتح باشا، أول نقيب معين، هو مشروع قانون النقابة الذي كان ينص على حظر اشتغال الصحفيين بالسياسة، حينها اعترض الأعضاء حتى رضخ مجلس الشيوخ لموقفهم، وكانت نقابة الصحفيين أول نقابة لا يحظر قانونها الاشتغال بالسياسة واستطاع الوعى الجمعى للصحفيين منذ هذه اللحظة ألا يخلط بين اهتمام النقابة والصحفيين بحكم طبيعة عملهم بالسياسة وبين العمل الحزبي ولم تسمح الجمعية العمومية أو مجالس النقابة التي أبدت رأيها في كثير من أمور السياسة العامة للوطن أن تكون بوقًا حزبيًا لأي تيار سياسي أو جماعة. مقر للنقابة منذ صدور المرسم الملكى بإنشاء النقابة في 31 مارس عام 1941 وحتى انعقاد أول جمعية عمومية في ديسمبر من العام نفسه لم يكن للنقابة مقر فكانت تعقد اجتماعات مجلسها المعين المؤقت في الأهرام ثم جريدتي البلاغ والمصرى. اجتماع الجمعية العمومية وبعد انتخاب أول مجلس للنقابة وافقت الحكومة على إنشاء النقابة بشرط توفير مقر لها وسارع محمود أبو الفتح بالتنازل عن شقة كان يستأجرها بعمارة الإيموبيليا مكونة من غرفتين لتصبح أول مقر لها، وعندما حان موعد عقد اجتماع جمعية عمومية العادية للصحفيين عام 1942، وجد مجلس النقابة أنهم في أشد الحاجة إلى مقر أكثر اتساعًا. قطعة الأرض في هذه الأثناء لفت انتباه المجلس وجود قطعة أرض فضاء مجاورة لنقابة المحامين عليها عدد من خيام، وفى اليوم التالي توجه محمود أبوالفتح إلى الجهات المختصة، وطلب هذه الأرض لإقامة مبنى عليها حتى يصبح مقرًا دائمًا لنقابة الصحفيين، لكنه علم أنها مملوكة للقوات البريطانية، والخيام فيها جرحى الحرب العالمية الثانية وتم رفض الطلب. قرار النحاس وفي عام 1944 وقرر مصطفى النحاس، رئيس الوزراء آنذاك، تخصيص قطعة الأرض المجاورة لنقابة المحامين ليقام عليها مبنى نقابة الصحفيين، فإذ بمساعى فكرى أباظة، نقيب الصحفيين، تكلل بالنجاح لتنفيذ أمر رئيس الوزراء لأن جهات الاختصاص في الدولة لم تكن قادرة على أن تأمر القوات البريطانية بالجلاء عنها. الجلاء عن أرض النقابة لم ييأس الصحفيون وغامر حافظ محمود، وكيل النقابة في ذلك الوقت، ووجه إنذارًا أثناء سفر فكرى أباظة للخارج إلى القيادة البريطانية بالقاهرة للجلاء عن هذه الأرض، وكانت المفاجأة أنها استجابت على الفور وسلمت الأرض للنقابة. رفض التطبيع كان رفض التطبيع واحدة من أشرس المعارك الوطنية لنقابة الصحفيين، فكانت البداية عندما اشتدت المعارضة ضد الرئيس الراحل محمد أنور السادات حين قرر الذهاب إلى إسرائيل وإلقاء خطابه الشهير في الكنيست، ثم توقيعه اتفاقية كامب ديفيد. تحويلها إلى نادٍ شرعت أقلام الصحفيين المصريين في الداخل والخارج في انتقاد نهج وسياسات السادات وشهدت النقابة أنشطة في هذا الاتجاه أثارت غضب الرئيس السادات الذي سخر من لقاءات ومناقشات الصحفيين التي كانت تعج بها حديقة النقابة في المبنى القديم بمكانها الحالى ووصفهم بأنهم أعضاء «حزب الحديقة»، وبلغ غضب السادات ذروته عندما أعلن فجأة قراره بتحويل النقابة إلى «نادي للصحفيين» وقاد كامل زهيرى الذي كان نقيبًا للصحفيين آنذاك حملة معارضة لقرار الرئيس السادات. العدول عن القرار وتحت ضغط الرفض الرهيب لهذا القرار وتصاعد مظاهر احتجاجات الصحفيين ومساندة قطاعات واسعة من الرأي العام ومؤسسات وقوى سياسية لموقف النقابة تراجع السادات عن قراره ورفع النقيب كامل زهيرى شعار "العضوية كالجنسية"، بل ذهب مجلس النقابة إلى أبعد من ذلك فقرر حظر التطبيع النقابي مع الكيان الصهيونى، حتى يتم تحرير الأراضى العربية المحتلة وعودة حقوق الشعب الفلسطينى، وفى مارس سنة 1980 صدقت الجمعية العمومية للصحفيين على القرار، وكانت أول نقابة مهنية تتخذ هذا الموقف وتبعتها بعد ذلك النقابات المهنية والعمالية. قانون 93 معركة دقت طبولها في 27 مايو 1995، عندما تم تمرير مشروع القانون رقم 93، الذي كان يتضمن تغليظ عقوبات جرائم النشر، وإلغاء ضمانة عدم الحبس الاحتياطي للصحفيين فيها، واتخذ مجلس النقابة برئاسة إبراهيم نافع، آنذاك قرار بمواجهة ذلك القانون، والدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة في العاشر من يونيو، سبقتها احتجاجات متواصلة، ونشر الصحفيون آنذاك قائمة سوداء بأسماء النواب الذين تزعموا تمرير القانون، وأقاموا جنازة رمزية شيعوا فيها حرية الصحافة، وتوالت مبادرات الغضب واحتجت الصحف الحزبية واعتصمت بكامل محرريها بحديقة النقابة وعقدت القوى السياسية والأحزاب مؤتمرًا حاشدًا بمقر حزب الوفد، حتى انتصرت الجماعة الصحفية، واختار جموع الصحفيين 10 يونيو عيدًا سنويًا لحرية الصحافة.