"متحدو الإعاقة".. عبارة تحمل دلالة قوية وبالغة التعبير عن واقع فئة مهمة في المجتمع المصري وتعتبر جزءا أصيلا وأساسيا من عناصره وفئاته المختلفة، دلالتها قوية كالسهم الذي يخترق قلب التهميش والإهمال من قبل الحكومة والمجتمع ويصرخ في الجميع، قائلًا: "أنا هنا أتحدى وأقاوم وأثبت وجودي ومن حقي أن تهتموا بي ككل فئات المجتمع". واليوم يحتفل العالم كله باليوم العالمي لمتحدي الإعاقة في إشارة قوية لمدى تقدير العالم لهم، خاصة أن التاريخ المصري والعربي والعالمي يزخر بالعديد من النماذج الملهمة والفاعلة والمؤثرة في المجتمع، رغم إعاقتها، فعلى سبيل المثال طه حسين عميد الأدب العربى وغيره الكثير ممن أبصروا الحياة بالعلم والثقافة والفكر وأصبحوا أيقونات مؤثرة ويحتذي بها الملايين من المبصرين وينحنوا لها إعجابًا وتبجيلًا. السينما والدراما وتلعب السينما والدراما تلعب دورا هاما في التفاعل مع كل الأحداث والتعبير عن واقع كل الفئات والطبقات المختلفة ويفترض أن تقدم صورة صادقة وواقعية. وناقشت السينما المصرية في عدد من الأفلام قضايا متحدى الإعاقة، وعرضت نماذج منهم، ومن هذه الأفلام فيلم "الصرخة" الذي لعب بطولته نور الشريف، وعرض شخصية الأصم الأبكم الذي نقم على المجتمع بعد تعرضه للظلم، وقرر أن ينتقم بجعل من ظلموه يعانون من نفس الإعاقة وجمع كل من أساءوا إليه في غرفة فحص السمع المعزولة تمامًا وعرضهم إلى ذبذبات صوتية لا تُحتمل أفقدتهم حاسة السمع. قضايا متحدى الإعاقة من الأفلام التي ناقشت قضايا متحدى الإعاقة فيلم "الخرساء"، بطولة سميرة أحمد، وركز على كسب تعاطف الجمهور مع الشخصية المعاقة التي يتم اغتصابها، ولم تستطع الدفاع عن نفسها، وفيلم "الأسطى حسن" من بطولة فريد شوقي وحسين رياض، وفيه لعب حسين رياض دور الرجل المشلول الذي يتعاطف معه المشاهد لأنه تعرض للخيانة من زوجته. وفيلم "الأخرس" أيضًا من تلك الأفلام، وهو من بطولة محمود ياسين، ولعب دور مهندس تعرض صديقه لحادث أليم وفقد حاسة النطق ويقع في حب امرأة ويتزوجها وأثناء ولادة زوجته لا يستطيع استخدام الهاتف نتيجة إعاقته، مما يجعل المشاهد يتعاطف مع إحباطه الشديد، وفيلم "رد قلبي" والذي لعب فيه حسين رياض دور "الأخرس" الذي تعرض للشلل نتيجة موقف صدمه ثم يستعيد مقدرته على النطق عندما يسمع بقيام الثورة. وفيلم "الحرام" من بطولة فاتن حمامة، وناقش قضية الشخصية المعاقة في دور دميان، الشاب الذي ظهر بصورة المتخلف ضمن الأحداث، وفيلم "توت توت" من بطولة نبيلة عبيد، الذي ربط بين تخلف الفتاة العقلي والاعتداء عليها وضعف شخصيتها وسلبيتها، وفيلم "صباحو كدب" أيضًا للفنان أحمد آدم والذي ناقش قضية متحدى الإعاقة ومشكلاتهم لكن بصورة كوميدية بعيدة عن الواقعية، وتضمنت بعض المشاهد استخفافا واستهانة بتلك الفئة لمجرد تحقيق عنصر الكوميديا وجذب المشاهد. وأغلب تلك الأفلام يعيبها التهميش والسير على نمط الكوميديا والسخرية لتحقيق هدف الكسب المادي من وراء تلك الأفلام من خلال الكوميديا والاصطناع والبعد عن معاناة تلك الفئة ومشكلاتها وطموحاتها ومتطلباتها؛ لتسجل بذلك الدور السطحي والحضور الباهت في دفتر الغياب، بحسب شهادات ممثلين لتلك الفئة ونقاد أيضًا. أبرز الأفلام ومن الأفلام المهمة أيضًا فيلم "الكيت كات" والذي تحدث عن قصة الشيخ حسني الذي فقد بصره، ورغم ذلك لم يتخل عن الأمل والضحكة، ويعبر عن هوايته بالغناء ليلا في جلسات التدخين لينسى واقعه المظلم. وحول تعامل السينما مع قضايا متحدى الإعاقة، قال عبد المسيح ممدوح، رئيس لجنة متحدي الإعاقة بتحالف شباب الثورة، إن صناع الدراما والفن في مصر دائمًا يقدمون متحدي الإعاقة بشكل سلبي هدفه فقط السخرية منهم في الكثير من الأحيان وذلك بهدف الربح والحصول على أكبر نسبة مشاهدة متجاهلين مشاعرهم السلبية تجاه السخرية منهم بالكثير من الأعمال الفنية التي لا تعبر عنهم. وأوضح "ممدوح" في تصريح خاص ل"فيتو" أن متحدي الإعاقة أشخاص عاديين لا يختلفوا عن الآخرين على عكس ما تقدم كثير من النماذج الفنية بشكل غير واقعي لا يعبر عن حياتهم ومشكلاتهم، مضيفًا أنه عندما يذهب متحدو الإعاقة لدور السينما ينظرون لهم كأنهم يحصلون على حق ليس من حقوقهم أو أنهم يذهبون دون وجه حق، وكأن مشاهدة الفيلم "لغير المعاقين" فقط، على حد تعبيره. وشدد "عبد المسيح" على ضرورة زيادة الوعي عند صناع الدراما والسينما وأن يحاولوا فهم الشخصيات التي يقدمونها عن متحدي الإعاقة لتعبر عن واقعهم، ورأى أن هناك مثال جيد قدمته السينما المصرية للمكفوفين وهو نموذج شخصية الشيخ حسني للفنان محمود عبد العزيز في فيلم "الكيت كات". وأكد أنها كانت شخصية رائعة وواقعية حيث قام خلال الفيلم بأشياء عديدة يفعلها المكفوفون عكس فنان آخر كان يظهر بصورة الكفيف غير المدرك أي شيء حوله بشكل ساخر ومهين يجب محاكمته عليه. وأضاف "ممدوح" أنه من واجب البرلمان والحكومة أن يضعوا قوانين واضحة وصريحة بعقوبات شديدة لمن يسخر من ذوى الإعاقة في الأفلام ودور العرض المختلفة؛ لأن ذوي الإعاقة مواطنين ولهم احساس مثل بقية المواطنين. واختتم "ممدوح" حديثه قائلا: "كنا نتمنى من الفنانين الكبار أن يقوموا بأي أعمال تتحدث عن ذوي الإعاقة في يومنا العالمي".