مصر لم تشهد حكومة ناضجة منذ ثورة يناير والوزراء بعدها «عمال مطافئ» يجب الابتعاد عن شيطنة الآخر وإشعال الفتن كما كان يحدث في عصر مبارك لائحة الإنجيليين أقرت الطلاق للزنا وترك الدين وعند الأثوذكس للضرر على الدولة الاستعانة بالعقليات المفكرة حتى وإن كانت فاسدة يرفض «الحلول الوسط»، ويدرك خطورة الأوضاع، إنه الدكتور القس إكرام لمعى، رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية، أستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الإنجيلية، مفكر ويعلم أن الأفكار غالبًا لا تكون على هوى المتلقن، لكنه يؤكد أنه لا تفاوض على الوطن أو المعتقد، ويرى أن التعليم في مصر ينتج «فشلة»، وأعضاء حكومة المهندس شريف إسماعيل «موظفون»، ونجلى مبارك لن يهدآ حتى يعودا لحكم مصر مجددا. بداية.. ما رأيك في القرارات الاقتصادية الأخيرة بمصر ؟ كان يستلزم اتخاذها منذ عهد الرئيس السادات، وعندما عزم على أول خطواتها بإلغاء الدعم العينى خرجت تظاهرات أو ما يسمى «انتفاضة الحرمية» عام 77، وعدل وقتها عن القرارات ومن وقتها لم يجرؤ أحد على اتخاذ قرارات للإصلاح الاقتصادى إرضاء للمواطنين، ولو كان السادات استكمل خطواته للإصلاح الاقتصادى آنذاك، لكان الحال أفضل بكثير لا سيما أن الحالة الاقتصادية للبلاد أفضل مما نحن علية الآن، وقرارات الإصلاح الاقتصادى حاليًا هي علاج مر لداء مزمن وجب علينا التكاتف معه لاجتياز كبواتنا الاقتصادية. برأيك.. ما أفضل آليات توظيف أموال قرض صندوق النقد الدولي؟ قرض صندوق النقد يجب استخدامه في التنمية وإنشاء استثمارات تدر عائدا قويًا وسريع، لنتمكن من سداد الأقساط والعمل على انتعاش الحياة الاقتصادية، ولا يجب استخدامة في الدعاية السياسية بأى شكل أو أتجاة والجميع عليهم أن يكونوا أمناء على أموال القرض. كيف نوفر ضمان معيشة للطبقة المتوسطة والفقيرة وسط إلغاء الدعم ؟ لم يعد هناك طبقة متوسطة، والمواطنون إما أغنياء أو فقراء ومطحونون، ويجب على الدولة أن توفر حدًا أدنى للمعيشة للمواطنين وليس كما يقال 1200 جنيه؛ لأنها لا تعد مواكبة للمرحلة، بل لابد من توفير 2500 جنيه للإنسان غير القادر على العمل، ويتم إلغاؤها حال إيجاد عمل للمواطن بما يكفل له حياة كريمة، بالإضافة إلى دعم المواطنين العاملين الذين لم يتوافر لهما سقف الحد الأدنى، كما يجرى في الولاياتالمتحدة التي توفر الإعانة المالية بما يضمن مستوى معيشى جيد للمواطنين وترفع الإعانة في حالتين أولاها حينما يعمل ويكفل العمل مستوى جيد للفرد، أو إيجاد الدولة وظيفة للمواطن ويتكاسل عن العمل. وكيف يطبق ذلك بمصر؟ الأمر ليس صعبا، بينما يحتاج دراسة مستفيضة من قبل الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ويعاونه عدد من الوزرات ذات الصلة، ولا سيما وكل المعلومات عن المواطنين معلومة لدى الدولة لتحدد من بحاجة للدعم من عدمة لتغطية احتياجاتهم وتوفير حياة كريمة، ويجب إجراء دراسات واسعة ومنضبطة بما يكفل ذهاب الدعم لمستحقيه. هل ترى أن حكومة المهندس شريف إسماعيل قادرة على إدارة أزمات مصر حاليا؟ من قبل ثورة 25 يناير، لم تأت حكومة جيدة تفكر بصورة صحيحة أو مبتكرة، الجميع يكتفى بإطفاء الحرائق وحل المشكلات حال ظهورها، ولذلك أسميها حكومات إطفاء الحرائق؛ لأنهم جميعًا صورة طبق الأصل مع وضع رتوش قليلة، ما يعكس افتقارنا للإبداع في الحلول بصورة جماعية، من خلال حلول غير تقليدية. ما الفارق بيننا وبين الدول التي حققت نهضة اقتصادية وفكرية وسياسية؟ دول أوروبا اعتمدت على حرية الفرد في كل شيء، المأكل والملبس والحياة، أما في بلاد العالم الثالث الفرد دائمًا الضحية، والفرد يوفر له إجازة يومين أسبوعيا لتفريغ الكبت وللتنزه ليعاود العمل والإنتاج وهو صافى الذهن، بينما لدينا نحن المصريين شعب مشخوط فيه تكبله عادات وتقاليد وموروث إضافة إلى تفسيرات دينية فردية تضع حدودا حتى للإبداع مما يغلق نوافذ التطوير، ومصر بدأت مع ألمانيا واليابان خطوات اقتصادية، بينما سبقتنا تلك الدول، بإيجاد حلول تتوافق مع طبيعة الشعوب وأحدثت طفرة في الاقتصاد والسياسة والحريات، وأود القول إن أي بلاد تغيب عنها حرية الفكر لا تتقدم، فضلا عن أن المواطن المصرى مكبوت ومشخوط فيه منذ صغره، حينما يسأل ويستفسر كثيرا يصنف بأنه "قليل الأدب"، وطالما يصمت ولا يتحدث يكون مؤدبا، وكما في المجتمع كذلك في الكنيسة الصامت يحصل على الجائزة والمتسائل طفل مشكك وغير مؤدب. وبعدها في الدراسة يتلقى دروسًا تحول فكرة إلى حجر، ولا يجوز له الإمساك بكتاب لإحسان عبد القدوس مثلا أو يشاهد فيلما من السبعينات لفتيات ترتدين المايوه لأنه عيب، وبعد العمل لو أراد الابتكار والتفوق وتجاوز الخطوط الحمراء يكون مصيره السجن لتجاوزه عادات أو أعراف أو تقاليد أو غيرها، فإذا الشعب مهتز الثقة في نفسة لن يكون منتجًا، - ما رأيك في أزمات وتعقيدات قانون الأحوال الشخصية المصرية ؟ الأزمة الحقيقية بشأن الأحوال الشخصية تكمن في دول العالم الثالث فقط، نظرا للتسابق على التشدد، إنما في العالم الأول يرسخون الدولة المدنية الحديثة ولا تحكم لرجال الدين فيها، وهناك زواج مدنى مثل تونس المغرب الجزائر وهو ما يعكس صورة الدولة هل هي حديثة أم رجعية. وماذا عن لائحة الأحوال الشخصية للإنجيليين ؟ لائحة الأحوال الشخصية للإنجيليين جعلت سببين للطلاق فقط هما ترك الدين أو الزنا، أما لائحة الأرثوذكس جاءت أفضل لأنها أدرجت بندا خاصا بالفرقة ما يتيح الطلاق للمتضررين، ولدينا حالات متضررة بالكنيسة وهناك الكثير من المآسى للبعض ووجب التدخل لحلها. ولماذا يتبنى بعض الإنجيليين فكرة رسامة المرأة قسًا ؟ إننا نؤمن بكهنوت جميع المؤمنين ومن يريد الدخول إلى لله والصلاة يدخل دون وساطة والجميع متساو والقس معلم وليس لديه سلطان كهنوت الحل والتحريم وإنما يعلم الدين، وبالتالى رسامة قسيسة ليس بها أزمة أو إشكالية، وبعض الإنجيليين رفضوا ليس لأمر لاهوتى وإنما يرون أنه غير مناسب للمجتمع خلال الوقت الراهن. عودة للحكومة.. ألا يوجد بمصر قيادات قادرة على تشكيل وزارة ناضجة؟ يوجد كفاءات وقامات كبيرة تستطيع قيادة البلاد في المرحلة الحالية لكنها ترفض تولى أي مناصب، كما أنه عندما تشكل الحكومة يشترط اختيار موظفين خاضعين وينفذون فقط ما يملى عليهم، كما أن الخطة تصل إليهم جاهزة ولا يتكبدون سوى تعب التوقيع عليها. ماذا عن تجديد الخطاب الديني؟ هو تقويم الفكر وليس فرض رأي، ولا أنسى الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما قال عايز ثورة دينية، لكن وضعوا ذلك في قالب يريدونه هم، وأصبحوا يلوكون في فكرة تجديد الخطاب الدينى وعادوا لأفكار منذ 50 سنة والنتيجة لم تحدث ثورة دينية ولا تجديد للخطاب الديني. كيف ترى ظهور نجلى مبارك؟ عندما ظهر أحمد عز هاجت الناس ثم اختفى، وظهور نجلى مبارك مراهنة على احتياجات الناس وذاكرتهم، خاصة أنهما محنكان وسياسيان قديمان، ولن يهدآ حتى يحققا ما في ذهنهما وهو قيادة البلاد مرة أخرى وقد يكون بطريقة غير مباشرة خاصة في ظل وجود أناس يريدون تصدير شعور عام، أن ثورة يناير قد أجهضت.