"لا للتهجير"، بهذه الكلمة وعلى بعد أمتار قليلة من كورنيش النيل تستقبلك منطقة ماسبيرو بجرافيتى على الحائط يحمل رسالة الأهالى الصريحة بأنهم لا يسمحون بتهجيرهم. بيوت متهالكة عفا عليها الزمان، لا تتعدى الدورين، تحمل بين شروخها عمق التاريخ، حوارى ضيقة، صخور متناثرة، بقايا البيوت المنهارة، هو مثلث ماسبيرو الذى يقترن ذكر سيرته دائما بالمشاكل التى لا تنتهى بين الأهالى والشركات الاستثمارية والمحافظة. الحكاية يرويها "سيد لابى" عضو رابطة شباب ماسبيرو، وأحد قاطنى المنطقة قائلا: إن منطقة مثلث ماسبيرو والتى تبلغ مساحتها 74 فدانا كانت ملكا لأحد الأجانب يدعى "شاركس باشا"، وعند اندلاع ثورة 52 قام شاركس ببيع الأرض لخادميه، ولذلك سميت الشوارع على أسمائهم كشارع "محمد قاسم" "أبو طالب" "نعمات شاهين"، ولكن كان معتقدا فى رجوع الإنجليز مرة أخرى، فقام ببيع الأراضى لهم، ولكن اشترط أن تكون وقفًا لمدة 20 عاما، أملًا فى الرجوع. وبعد انقضاء العشرين عاما انتهى الوقف، وقام ورثة الخدم ببيع الأراضى إلى الشركات "السعودية والكويتية"، ولكن المشكلة أن الأراضى تم بيعها، والمبانى مقامة عليها، وتعود هذه المبانى إلى عام 1800، ومن هنا ظهرت المشكلة، حيث يمتلك معظم الأهالى المبانى، ولديهم "حجة البيت من أيام الملك فاروق"، ولكن ملكية الأرض تئول إلى الشركات الاستثمارية "السعودية والكويتية"، وبالتالى فإن الأهالى لا يملكون الأرض، وهو ما ينفى تصريح الدكتور أسامة كمال محافظ القاهرة الذى صرح بأن الأهالى باعوا الأراضى إلى الشركات الاستثمارية. وأشار لابى إلى أنهم لو كانوا يملكون الأرض بالفعل لكانوا بنوها بدلا من أن يبيعوها، مؤكدا أن مليكة الأرض ليست لهم. واستطرد لابى: ظهور شركة ماسبيرو والتى قامت بشراء أراضى المثلث كانت بمثابة النكبة على الأهالى؛ لأنه كان هناك مخطط قبل الثورة من قبل الحكومة بتهجير الأهالى من خلال عدم استخراج أى قرار ترميم أو بناء حتى تنهار المبانى التى يزيد عمرها عن مائتى عام على الأهالى ويموتوا، حتى يتسنى لهم بعد ذلك تهجير الأهالى وتشييد أبراج استثمارية بناء على رغبة نجلى المخلوع. وقال "أيمن عزت" أحد الأهالى: إن هناك بالفعل من باع قطعة أرضه إلى شركة ماسبيرو، ولكن تحت ضغط من الشركة، ولأنه ليس للمالك حق البناء على الأرض فلم يجدوا سوى الرضوخ لشركة ماسبيرو التى اشترت بأبخث الأثمان، حيث اشترت المتر ب 1800 جنيه فقط، وكل هذا تم أثناء الثورة وبعدها، موضحا أن ثلثى مساحة المثلث تملكها الشركات السعودية والكويتية، والثلث ملكية خاصة لبعض الأهالى، ولا تتعدى الملكية الخاصة للأهالى 50 مترًا، مؤكدا أن هناك بعض الأهالى الذىن رفضوا البيع للشركة. وأشار عزت إلى أن المشكلة تكمن فى أن المبانى ملك للأهالى، والأرض ملك للشركات، لافتا إلى أنهم يدفعون إيجارًا شهريا للشركة الكويتية ب75 قرشًا. وأوضح عزت أن شركة ماسبيرو غير قانونية؛ لأنها فى بداية إنشائها كانت تابعة لمحافظة القاهرة، بالرغم من أنها جهة تنفيذية، موضحا أنه تقدم بطعن آنذاك، وخرجت المحافظة ودخلت هيئة التأمينات الاجتماعية بدلا منها، مشيرا إلى أن هناك بعض أراضى فضاء مساحتها 2000 متر مربع كان يمتلكها بعض الأجانب، وبعد أن رحلوا قامت شركة ماسبيرو بتسجيل عقود وهمية بأسمائهم حتى تتملكها. وفى الوقت ذاته حذر "مصطفى ناصر" أحد الأهالى، من ثورة الأهالى حال عدم تنفيذ الحكومة لوعودها فى هذه الأبراج، مؤكدا أنهم سيصعدون الأمر للاعتصام عند مطلع كوبرى أكتوبر بجوار موقف عبد المنعم رياض، وفصل القاهرة عن الجيزة. وطالب الشيخ مصباح أحد الأهالى أن تقوم المحافظة ببناء ال64 برجًا على مساحة 5 أفدنة، وتجتمع مع الشركات الاستثمارية للاتفاق معها على باقى المساحة، وبالتالى تعود المنفعة على الأهالى والشركات لأنها حتى الآن لم تنتفع بالأرض لوجود مبانيهم فيها، لافتا إلى أن بناء هذه الأبراج يتكلف 250 مليون جنيه، مشيرا إلى أن هناك اقتراحًا من هيئة التخطيط العمرانى بإنشاء شركة مساهمة للملاك.