المسرح المصري كباقى الفنون الأخرى يبحث عن مشروعات تتميز بالاختلاف والتميز، وهذا ما يرهق تفكير المسرحيين في رحلة البحث عن تغيير حقيقي وهذا الأمر لم يختلف كثيرا مع تقدم التكنولوجيا والتقنيات فالأساس في المسرح هو الفكرة والسيناريو فهما الأساس في رفع قيمة العمل. والمسرح يعاني الآن من التقليد الأعمى للعروض دون أن تكون هناك فكرة ويعاني الجادون في مصر قلقا مهنيا وجوديا، إذ أن سعيهم نحو التجديد مرهون بمطلبي الحرية الفنية ودعم الدولة معًا، وهي ذات المسألة التي مر بها المسرحيون في علاقتهم بالدولة في الستينيات المسرحية المزدهرة، والتي نرى المسرحيون والدولة الآن يحاولون استعادة تلك العلاقة مع اختلاف الزمن ووسائل وأولويات الدولة المهتمة بالفضائيات والإعلام بشكل أكثر وضوح، وربما تكون الشاشات هي وسيلتها الأقرب لدعم المسرح المصري. واختلف النقاد المسرحيون حول التكرار في المواسم المسرحية وتقديم ذات الفكرة ولكن باختلاف المضمون، فيرى الناقد المسرحي أحمد خميس أنه من الخطأ الظن أن هناك تكرارا للأفكار المسرحية فأصل المسرح في العالم مبني على تداول الأفكار والتيمات والرؤي. فالمسرح اليوناني على سبيل المثال تم استلهام معظم موضوعاته في فترة الكلاسيكية الجديدة وما بعدها حتى أن الكتاب العرب منهم من عاد لأوديب واليكترا وانتيجون واورست وغيرهم هل يمكن حين نتعامل مع هذا المنتج الجمالي المسرحي أن نتحدث عن تكرار الأفكار؟ وأضاف أنه لا يوجد منتج يشبه منتج آخر إلا لو اكتشفنا سرقة فكرة بالكامل وهو أمر صعب للغاية ويحتاج أدلة دامغة غير مختلف عليها. وأكد أيضا أنه لن نجد بالتبعية مواسم تشبه بعضها البعض إلا في حال محاولة بعض المبتدئين تقليد أصحاب التجارب الراسخة وهو أمر يكتشف بسهولة من خلال المتابعين والمهتمين بالشأن المسرحي. أضاف أنه على أي حال يجب الحذر الشديد قبل اتهام أحد بشيء لم يفعله ومسألة الاستلهام أو الاستفادة من فكرة أو سمات عرض ليس عيبا المهم في النهاية أن تظهر كفاءة الفنان وقدرته على التطوير كي يبدو صاحب مشروع وليس مقلدا. واختلف معه الناقد يسري حسان قائلا إنه بصفة عامة في السنوات الأخيرة المسرح المصري وخاصة ما يقدم في قصور الثقافة يعتمد على مجموعة من النصوص المكررة والتي تم تقديمها عشرات المرات، فأغلب المخرجون يؤثرون السلامة والراحة ولا يكلفون أنفسهم بالبحث عن نصوص جديدة لتحريكها حتى أننا في موسم واحد من الممكن أن نشاهد عرضا واحدا خمس أو ست مرات تقدمه فرق مختلفة. وأشار إلى أن هذا يعود في الأساس إلى أن المخرج من هؤلاء قد شاهد هذا العرض أكثر من مرة وبالتالي يسهل عليه استنساخه وتقديمه مرة أخرى. ما يقلل الفرصة عند الكتاب الجدد ويحرم الجمهور من مشاهدة عروض مختلفة تناسب ظرفه والخطة التاريخية، وللأسف يحدث هذا دائما بالمسرح المصري وخاصة مسارح الأقاليم يدور في دوائر ليس أكثر فهناك نحو 30 نصا نجدها مكررة كل عام دون أي تجديد أو تعيين لما يعمل على افقار المسرح وانصراف الجمهور عنه.