ربما يكون افتتاح مركز الهناجر للفنون الخميس القادم من أهم الأحداث الفنية التى اشتاق شباب المسرحيين لعودة نشاطه بعد أشهر طويلة من الإصلاح والتجديد, ولأن الهناجر ثورى بطبيعته فيما يقدمه من عروض فقد أعدت د. هدى وصفى مدير مركز الهناجر برنامجا مسرحيا ثوريا ينم عن مشاركة المسرح فى استمرار الثورة بطريقته الخاصة حيث أكدت وصفى أن افتتاح المركز سيشهد عرض مسرحية جديدة بعنوان «أهو دا اللى صار» بطولة لطفى لبيب وإخراج محسن حلمى الذى يجسد فيها جانبا من المشهد السياسى الراهن بطريقة كوميدية ساخرة. وأضافت وصفى: انتهينا من التحضير لعروض على مدار الأشهر الستة القادمة منها عرض «الحداد يليق بإليكترا» للكاتب الأمريكى يوجين أونيل وبطولة منير مكرم وعرض «أبوالعريف» تأليف محمد عبدالقادر وعرض «شهرزاد» الغنائى إخراج أحمد عبدالجليل كما مزج محمد أبوالسعود عدة نصوص فى قالب واحد منها نصوص لتوفيق الحكيم فى عرض «إيزيس وتامور» وأخيرا عرض «مكبث» للمخرج أشرف سند الذى يحكى قصة الديكتاتور عندما ينتقم منه المستضعفون ولكنه فى نهاية الرواية يعود للحكم ويواصل ممارسة ديكتاتوريته عليهم, كل تلك العروض تحاكى أحداث الثورة وتجسد دور المحرض الثورى للثوار كى يستكملوا ثورتهم ويخرجوا بها إلى بر الأمان.
واستطردت د.وصفى: الهناجر يحتفل بمناسبة 25 يناير القادم بمرور عام على الثورة بعروض مسرحية إلى جانب فيلم تسجيلى عن المركز من سنة 1992 إلى 2011 تحت إشراف أشرف فاروق مدير المركز فى الفترة القادمة.
المخرج خالد جلال مدير مركز الإبداع الفنى أكد أن ثورة المسرح التى تواكب ثورة يناير المجيدة لم تحدث بعد، نظرا لضعف العروض الفنية التى أنتجت من القطاعين العام والخاص والتى لم تكن على مستوى قوة الأحداث المتلاحقة التى شهدتها البلاد فى أيام السنة الماضية. ولكن الميزة التى استفادتها الساحة المسرحية من العام المنقضى اختفاء ظاهرة الأعمال التى لا تحترم عقلية الجمهور. وأضاف جلال أتوقع فى العام الجديد أن يستقر الحال المسرحى أكثر مما كان عليه سابقا بعد عبور فترة الخلخلة فى 2011 وهى الفترة التى ستخلق من المسرح وسيلة جادة يعتمد الجمهور على مفرداتها وعلى الأنماط الفكرية التى تقدمها.
وضرب جلال مثلا بمسرحيتى «هبوط اضطرارى» و«قهوة سادة» اللتين قدمهما المركز فى دفعتيه الأولى والثانية ولاقتا إعجاب الجمهور والنقاد بسبب المنهج الذى أسير عليه فى أعمال المركز المسرحية وهو أن يمس العمل كيان المشاهد ويعبر عن مكنون شخصيته ورغباته المكبوتة، وعلى غرار ذلك المنهج يسير مركز الهناجر للفنون وهو ما جعلهما شباكين حقيقيين يتنافسان فى جذب الجمهور الواعى، وأعتقد أن تلك هى الثورة الفنية الحقيقية التى تجعل للمسرح بريقا فقده على مدار السنين ومن المؤكد أن المناخ السياسى القادم سيساعد على تقديم تلك الأعمال التى تجذب المشاهد وتعيده لأبوالفنون مرة أخرى.
وواصل جلال: من المقرر أن يستمر مركز الإبداع فى ثورته المسرحية الأيام القادمة حيث قدمت الدفعة الثالثة عرضين فى مادة الغناء هما «غنى للوطن» و«حلو الكلام» وسوف نقدم فى فبراير القادم أعمالا تخص مادة الاستعراض تحت إشراف ضياء شفيق ومحمد مصطفى وفى إبريل مادتى الارتجال والتمثيل اللتين أشرف عليهما، وأنا الآن بصدد إعداد تلك الأعمال المسرحية لأن التحضير لها يستغرق أشهرا طويلة.
المخرج عصام السيد رئيس قطاع الفنون الشعبية الذى يقدم خلال الأيام القادمة مسرحية «فى بيتنا شبح» تأليف لينين الرملى وبطولة ماجد الكدوانى أكد أن الثورة المسرحية لم تقم بعد ولن تقوم بشكل واقعى إلا بعد سنوات. ودلل السيد على وجهة نظره قائلا: عندما قمنا بثورة 1952 لم نشاهد مسرحا حقيقيا يعبر عن تلك الثورة إلا سنة 1956 أى بعد أربع سنوات من اندلاعها، وأعقب ذلك التاريخ مسرح الستينيات الذى أحدث طفرة حقيقية فى الفكر الذى يقدمه المسرح وفى المضمون والأسلوب وما إلى ذلك.
أضاف: لا بد أن نفرق بين تقديم مسرح يعبر عن الثورة والمسرح الثوى، فالأول يتأثر بالثورة ويقدم تصورا لها يتجلى فى الشكل والمضمون وطريقة التقديم وهذا المسرح من شأنه أن يفرز نجوما جديدة لها رؤى تختلف عمن قبلهم، أما المسرح الثورى فهو العمل الذى يحض على الثورة ويسعى لمستقبل مسرحى أفضل. وهذا النوع من المسرح لم نتحسسه إلى الآن بالشكل المفترض أن يكون على شاكلته على الرغم من أنه من المفترض أن يتواجد قبل الثورة وأثناءها وبعدها. وفى حديثه عن مسرحية «فى بيتنا شبح» قال: المسرحية ترصد صراعا بين بعض الأقارب على بيت العائلة حيث يسعى كل طرف فيهم لأن يحظى بنصيب الأسد فيه، إلا أن يكتشفوا فى النهاية أن ذلك البيت مسكون بالأشباح. وبالطبع هذا العمل يحمل إسقاطات سياسية واجتماعية تتلخص فى أن الطمع يقل ما جمع وأن تقديم المصلحة الخاصة عن العامة يضر كل الأطراف ويخرج الجميع صفر اليدين.
من ناحية أخرى، يستمر المخرج سمير العصفورى فى ثورته المسرحية عام 2012 بالعرض المسرحى الغنائى الجديد «كوكتيل» الذى يفتتحه على مسرح البالون نهاية الأسبوع الحالى والذى تأجل شهورا بسبب أحداث البالون الشهيرة وتحطيم قاعة صلاح جاهين. العصفورى قال عن العرض: نتحدث من خلاله عن مبطلات الثورة والأسباب التى تؤدى إلى إجهاضها وإضعاف همة القائمين عليها عارضا بعض السلوكيات التى قد يقترفها بعض الأشخاص تؤدى إلى ذلك مثل النفاق والكذب والخداع وغير ذلك. وأضاف لكى تحدث الثورة تغييرا حقيقيا لابد من الطرق عليها ساخنة ومواصلة حشد الهمم والأفكار المؤمنة بها حتى تحقق أهدافها التى قامت من أجلها. ونحن كمسرحيين نختص بالجانب الثقافى من الثورة لذلك لابد أن نهتم بحداثة المشروع الثقافى الذى يخرجنا من أنفاق الظلام حتى نصل إلى مسرح أكثر إثارة وقوة بشرط أن يكون قادرا على مواجهة عواصف التشكيك وتهبيط الهمم.