في أدبيات ثورة الخامس والعشرين من يناير، هناك جزء متعلق ب"ملف التوريث"، حيث يشار إلى أن الثورة تحركت لأسباب عدة، لم يكن "التوريث" بعيدًا عنها، فالرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، قبل رحيله –ووفقًا لكل الشهادات- كان نظامه يدير ملف "توريث الحكم" لابنه الأصغر "جمال" بمباركة السيدة الأولى –وقتها- سوزان مبارك، وجاءت الثورة لتغلق ملف "التوريث الرئاسي"، غير أنها – ووفقًا للشواهد المتاحة- لم تستطع الاقتراب من بقية الجهات التي لا تزال ترفع شعارات من نوعية "ولادنا أولى بوظائفنا" و"البيت بيت أبونا". مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون "ماسبيرو"، واحد من الكيانات التي فشلت موجات "المد الثورى" من الوصول إلى شواطئها، وإزالة عقبات "التوريث"، حيث يتضح أن قيادات ماسبيرو من مذيعين ومخرجين، وأصحاب المناصب الأخرى داخل المبنى، تسابقوا على إلحاق أبنائهم وذويهم للعمل في قطاعات المبنى العتيق، وتضم القائمة عديدين في مقدمتهم المذيعة رغدة أبو ليلة ابنة قارئ النشرة الشهير، نائب رئيس قطاع الأخبار مسعد أبو ليلة، التي أثار تعيينها عاصفة من الجدل، خاصة أن الفتاة لم تتوقف أزماتها مع قيادات القطاع حول مدى استطاعتها قراءة نشرة إخبارية من عدمه وكان القرار بالاكتفاء بتعليقها على الأخبار الرياضية. إضافة لحالة "رغدة أبو ليلة" كان الإذاعى ماهر مصطفى هو الآخر حريصًا على أن تكمل كريمته "هبة" مسيرته داخل المبنى، حيث أصبحت الأخيرة واحدة من مذيعات قطاع القنوات المتخصصة، كما أنها تواجه الأزمة ذاتها التي تواجهها كريمة نائب رئيس الأخبار، وتقدم "هبة" برامج رياضية على شاشة قناة "النيل للرياضة" وتأمل أن تنقل إلى قطاع الأخبار وتقدم النشرات. الإعلامية ميرفت محسن، نائب رئيس أخبار التليفزيون، يبدو أنها هي الأخرى رفضت الخروج من "مولد وظائف ماسبيرو بلا حمص" حيث تمكنت من إلحاق ابنتها رحمة زين مذيعة بقناة "النيل الدولية" لسنوات، إلا أن الأشهر القليلة الماضية شهدت رفض المذيعة الصغيرة الاستمرار بالعمل والاعتذار مفضلة الالتحاق بإدارة الدعاية بواحدة من الشركات الكبرى في مجال الإنشاءات والمقاولات. ويضاف إلى ما سبق نجاح المذيعة نجاة العسيلى في إلحاق ابنتيها سالمة وسارة عثمان الهلالى بالعمل، وتظهر الفتاتان على الشاشة وتحظيان بمعاملة خاصة من قيادات التليفزيون في توزيع البرامج حتى أثناء الأزمة الأخيرة الخاصة بزيادة أوزان بعض المذيعات وقرار الإعلامية صفاء حجازى إيقافهن عن العمل وتضمنت الأسماء سارة الهلالى تمت إعادتها لاستلام برامجها بعد وقت قصير من القرار على اعتبار أنها نجحت في إنقاص وزنها بسرعة غريبة. "المراسلون" بدورهم انضموا ل"قطار التوريث" في المبنى العتيق، بعد أن أصبحت فكرة احتكار الوظائف أمرًا مسلمًا به لأبناء بعض القيادات ويأتى في المقدمة رمضان المطعنى مراسل قناة "النيل للأخبار"، نجل الإذاعى الكبير سعد المطعنى بشبكة القرآن الكريم، وهناك أيضًا بسمة الشاعر كريمة الإعلامي جمال الشاعر. المثير في الأمر هنا أن "ماسبيرو" كان سببًا في ارتباط "بسمة ورمضان" رسميًا بالزواج منذ أشهر قليلة بعد تعرفهما على بعضهما من خلال العمل المشترك في إدارة المراسلين. ميكروفون الإذاعة لم يسلم هو الآخر من التوريث داخل مبنى ماسبيرو فقد أمسكت به المذيعة شيرين الشايب ابنة الإذاعية الكبيرة سهير شلبي، وكذا أدهم الكيلانى ابن الإذاعية فريال صالح، وهناك أيضًا أميمة مهران، كريمة المذيع صالح مهران، كما حرص رئيس الإذاعة الأسبق حمدى الكنيسى على انضمام ابنته مها إلى العمل بالتليفزيون، والتي اختارت بدورها الابتعاد عن الإذاعة واختارت العمل ب"قطاع المتخصصة". أمر "التوريث" لم يكن مقتصرًا على كبار المسئولين بل انتقل الحال إلى صغار الموظفين وعمال الخدمات المعاونة حتى أصبحت الإدارات تحكمها العائلات المتعددة وتزايد معدل الارتباط والنسب في التليفزيون بما جعله أشبه بملتقى للأقارب، ووفقًا لشهادات عدة اتضح أن معظم أبناء القادات والعاملين غير مؤهلين للوظائف التي جرى تسكينهم عليها بفعل الواسطة كثيرًا.